الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المنتخب العراقي بلا شارات سوداء

محسن حبيب فجر
(Mohsen H. Fagr)

2015 / 1 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


لا تختلف الدول في العديد من تعاملاتها فيما بينها عن تعاملاتنا كافراد او عوائل ، فكما توفر لنا المناسبات الرئيسية فرصة لتغيير مسار العلاقات المتشنجة او حتى المقطوعة وجرها الى فضاءات التآلف والتقارب والمحبة والانسجام ، فان وفاة الشخصيات المهمة من اهم الاحداث التي تشهدها المجتمعات والدول، صغيرها وكبيرها ، في حين يمثل موقف الآخرين من هكذا احداث رسالة من شأنها ان تشير الى طبيعة العلاقات الثنائية التي يرغب لها المرسل ان تسود بين الطرفين.
ان رحيل جلالة الملك عبد الله عن الدنيا يمثل حدثا مهما واليما للشقيقة السعودية ، ونظرا للروابط العديدة والقوية بينها وبين العراق كالاخوة في العروبة والدين وكذلك الجوار وما يتشعب عنه من امتداد اجتماعي ومذهبي متبادل عابر للحدود ، والبترول وما يتشعب عنه من شبكة متينة ومهمة جدا من العلاقات التي لاتكون نتيجة تشنجها سوى الخسارة لكلا الجانبين وخصوصا الجانب الأضعف منهما ، ولما تشكله السعودية من أهمية كبيرة في الشؤون السياسية والاقتصادية تعدت الحدود الاقليمية، فان ذلك يحتم على العراق ان يكون اكثر حرصا على استغلال هذا الحدث على احسن وجه والعمل على جعله فرصة جديدة لتعضيد التقارب والانفتاح بين البلدين والتي كانت العربية السعودية سباقة اليه بمباركتها تشكيل حكومة العبادي في العراق واتخاذها العديد من الإجراءات الداخلية التي انعكست إيجابا على الواقع الأمني العراقي.
ان الواقع العراقي يفرض عليه ان يكون اكثر حرصا على ادامة تلك العلاقات وبث الحيوية فيها كلما اوشكت على الفتور سعيا منه وراء مصالحه.
لقد كشفت مباريات الدور الثاني لنهائيات أمم آسيا المقامة حاليا في استراليا عن موقفين متناقضين للفريقين العربيين العراقي والاماراتي من اعلان العربية السعودية عن رحيل ملكها ، ففي الوقت الذي لعب به الفريق الاماراتي الشقيق بشارات سوداء تعبيرا عن المشاركة الإماراتية لاشقائهم السعوديين احزانهم بفقدان ملكهم ، فان مالكي الأمور في العراق لم يكلفوا انفسهم عناء الطلب من منتخب بلادهم ان يحمل شارات الحزن التي من شأنها ان تعني الكثير للسعوديين.
ان تباين موقفي المنتخبين العراقي والاماراتي كان واضحا تماما واعلانا لايحتاج الى كثير من الرصد والتحليل عن وجهة نظر عراقية مغايرة لتلك الاماراتية من وفاة الملك السعودي على الرغم من ان الحاجة الإماراتية للعلاقات مع السعودية تعد قليلة مقارنة بحجم الاحتياج العراقي لها نتيجة لظروفنا الحالية.
لا تقف ترجمة الموقف العراقي هذا عند حدود فريق كرة القدم او حتى القائمين على الشأن السياسي العراقي ، بل تتعداه الى كونه تعبيرا عن الحجم الكبير للهوة التي تشكلت بين البلدين منذ سنين غير قليلة تضرب في جذورها الى بدايات تشكل الدولتين ، لكنها ازدادت عمقا واتساعا بعد 2003وسقوط الحكم البعثي واستلام الشيعة لمقاليد الحكم العراقي حيث كانت السعودية المتهم الأول عراقيا في تردي الوضع الأمني المصحوب بنزف كبير للدماء في بغداد وغيرها من المحافظات العراقية.
كان من شأن تلك الشارات السوداء ان تكون خطوة عراقية اخرى على الطريق الصحيح تضاف الى زيارة العبادي قبل فترة الى السعودية لاعادة أجواء الهدوء والألفة الى العلاقة بين البلدين والتي ذاق العراقيون الأبرياء مرارة تشنجها ، لكن يبدو ان العبادي قد وجد نفسه في موقف لا يحسد عليه ، فهو بين مطرقة الباس الفريق العراقي شارات سوداء مشاركة للسعودية احزانها وترطيبا للأجواء بين البلدين وسندان الحنق الشيعي العراقي على السعودية.
كم كان جديرا بالقائمين على الشأنين العراقي والسعودي ان ينظروا بعين البصير الى المستقبل ساعين الى لملمة مشاكل الماضي وبناء علاقات عربية ترتقي بمجتمعاتهم الى درجات الاخوة والانسجام ، لتترجم الى شارات سوداء يحملها الفريقين العربيين الوحيدين الصاعدين لتعبر للعالم عن اشتراك العرب في مثل هكذا مصاب انطلاقا من معنى الاخوة والقيم العربية التي كثيرا ما تغنى بها شعراء وادباء هذه الامة المنكوبة بسياسييها ورجال مذاهبها.
أتمنى على الاخوة السعوديين ان يحسنوا قراءة الموقف المجتمعي العراقي الذي عبر عنه منتخب بلادهم وان يتعاملوا معه بهدوء واتهام لسياساتهم ومواقفهم من العراق الجديد ليعيدوا منهجة تعاملهم معه من منطلق الحرص على الاخوة بين البلدين ، وان لا يستفزهم خلوا ايدي لاعبينا من الشارات السوداء اذ طالما لبس العراقيون السواد دون مشاركة سعودية لمصابهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انطلاق الاجتماعات التحضيرية للقمة العربية الـ 33 في المنامة|


.. أردوغان: لا توجد مشاكل غير قابلة للحل بين تركيا واليونان| #م




.. رئيسة مقدونيا تشعل خلافًا دبلوماسيًا مع اليونان بسبب كلمة..


.. تفجير مسجد ومدرسة بواسطة مسّيرة إسرائيلية في قطاع غزة




.. نائب وزير الخارجية الأمريكي: هناك خلافات بين الولايات المتحد