الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قميص الملثمين او شغب المسافة

محمد البكوري

2015 / 1 / 25
الادب والفن


وجوهنا تظل مرايا حقيقية لارواحنا ...و الملثم هنا يغطي وجهه، ومن ثم فهو يغطي مراته ،و بالتالي يغطي روحه! يقف عائقا امام صداها المنكسر عاري الصدر،غير مبالي ولا يداري بالعواقب ...المسافة الملثمة، قد تكون هنا، وقد تكون هناك ...قد تكون قريبة منك ،كما قد تكون بعيدة .المسافة الملثمة ،هي مسافة دياليكتيكية ،قد تجعلنا ندنو من بعضنا ،و بتناقض صارخ ،قد تحثنا على السفر الى اقصى و اناى جزر التواجد العلائقي... سيكولوجية التموقع اهون من فيزيقية المسافة المتواجدة في الكيلومترات النفسية و الكيانات الذاتية ...كل الوسائل الممكنة جوا ،برا، وبحرا ... لاتجدي نفعا في ولوج هذه المسافات .في المقابل ،يبدو ان مايفي بالغرض، هو التوسل بالمحبة المتبادلة ،الاحساس المرهف، العطاء السخي ،الكرم الحاتمي، الصدق العميق، والصراحة الشفافة... وعموما كل ما من شانه ان يمت ولو بادنى صلة ل"الانسانية".كل ذلك يقرب "المسافة الضوئية"ويجعل السفر عبر فضاءاتها متعة ابدية ،ازلية ، وليست فقط لذة زائفة او قطعة من الجحيم ،تمس شتى تجلياتها ،انماطها و ابعادها ... هكذا يسري شغب المسافة في عروق العلاقات الانسانية -ووفق سياقات انتروبولوجية نادرة، بما فيها القرابة، الصداقة ،العائلة... -سريان الدم المخثر و الغير القابل للخضوع الدياليزي لتصفية المسافات. من اكثر المسائل ،التي تؤرق بال ملثمينا ،ذاك الانتحار الجماعي لوعيهم الجمعي و العيش وفق انماط حياتية مشينة ،متسمة بالغلو الاعتباطي في عالمهم المفعم بكل اشكال المهانة و الذل ،مما يجعل عمرهم الافتراضي يندحر عند اول معركة في الحياة ،قد تتاح لهم خوض غمارها وفق منطق "مكره اخوك لابطل" ،و ليعلنون منذ اللحظة الاولى وقبل قرع طبول الحرب رفع الراية البيضاء... ان الملثم هنا رديف طبيعي للجبن و الاندحار. الملثم هنا لاتضاهي سفالته الا الانتظارية المقيتة ،والتي- بافراط وتفريط -ترفض حتى قتله قتلا "رحيما". الملثم يعاقب بنقيض قصده -من حفر حفرة وقع فيها- ، انها عقلنة القصدية الشرعية ، ذات النفحة الربانية احيانا ،هي التي ترسل هذه الرسالة، لمن تهمه المسالة ،و تحتم عليه القيام بنقد ذاتي و مراجعة الحسابات .ايها الملثم ،فكما ستزرع ستحصد ،ومن زرع الشوك بديهيا سيحصد الشوك ،انها سنة الطبيعة. الملثم ،هو ذاك الكائن الخرافي الشبيه شكلا بالفينيق: يضمر ويظهر، يتخفى و يتجلى، يندثر ويعود من جديد... بيد انه جوهرا ،لا يشبهه على الاطلاق ،فهو يقتل نفسه بنفسه ويحفر قبره بيده، بل يكون هو القاتل و المقتول -منطق الهو والانا - و احيانا يقتل القتيل ،ويمشي في جنازته... الملثم لايموت مرة واحدة ،بل مرات متعددة ، ولسوء حظه انه كالقطة ، بسبعة ارواح، فطول حياته هو سبب شقائه و تعاسته الابدية ، يبعث في كل ظرف وحين، ليذوق مرارة الالم وغصة المعاناة ، اللتان سببهما للاخرين .الملثم ينظر وبنرجسية الى نفسه ،على انه الذكي الواحد الاوحد في العالم وينسى قصرا او يتناسى طوعا، ان الذكاء يؤنبه ضميره ، ممتعضا من اليوم الذي اتقد في ذهنه .الملثم لا تتحسر امه المكلومة عليه - وفي لحظة نادرة و مستحيلة انسانيا-بل تتحسر على عدم اجهاضه قبل و لادته، او واده منذ وهلة الصرخة الاولى ...و رغم ان خبث الملثم ،يعبد له طريق الخطايا و الزلات - بغواية شيطانية تزين و تزخرف له ملذات الحياة -ويمنحه قشدة المكاسب، فان العبرة بالخواتم ... فاعلم ايها الملثم ان الدنيا ساعة فاجعلها او لا تجعلها طاعة... فلك انت الاختيار!!! في الختام ، يحق لنا السؤال: من عساه يكون هذا الملثم ، الذي كلناه قدحا وسبا واشبعنه وابلا من الشتائم ... ؟!! في نظري ، و للجواب القطعي ، على مثل هذه الاسئلة ، اظن ان هذه المقولة : "من فعل معي الشر، افعل معه الخير، الى ان يغلب خيري شره"ستفي بالغرض وزيادة!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لقطات من عرض أزياء ديور الرجالي.. ولقاء خاص مع جميلة جميلات


.. أقوى المراجعات النهائية لمادة اللغة الفرنسية لطلاب الثانوية




.. أخبار الصباح | بالموسيقى.. المطرب والملحن أحمد أبو عمشة يحاو


.. في اليوم الأولمبي بباريس.. تمثال جديد صنعته فنانة أميركية




.. زوجة إمام عاشور للنيابة: تعرضت لمعاكسة داخل السينما وأمن الم