الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحكامة -الانتقالية -بالمغرب

محمد البكوري

2015 / 1 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


أضحى مفهوم الحكامة الجيدة ببلادنا، خاصة مع بداية الألفية الثالثة من أبرز المفاهيم الجديدة المتداولة في خطابات مجمل الفاعلين في تدبير الشأن العام من دولة وأحزاب سياسية وجمعيات المجتمع المدني. إذ أصبح من "الضرورات" المفاهيمية التي لا محيد عنها لإبراز مدى القدرة على الاستجابة لتطلعات المواطن المغربي، كما أنه برز كمفهوم متماهي مع عدة مفاهيم من قبيل :سياسة القرب ، المفهوم الجديد للسلطة ،ميثاق حسن التدبير، تخليق الحياة العامة ،التدبير اللامتمركز للاستثمار. . . وغيرها من المفاهيم التي سعت اساسا الى تكريس دعائم دولة الحق والقانون، وبالتالي دولة الحكامة في شتى تجلياتها. وعموما فإن مفهوم الحكامة الجيدة هو مفهوم يحمل في طياته كل ماهو إيجابي: إدارة فعالة، اقتصاد ناجع، تنمية مستدامة وعبرها كل مظاهر الحكامة الجيدة والتي اكتسبت دينامية رائدة ببلادنا مع تبني دستور 2011 والذي جعل من الحكامة الجيدة إحدى المرتكزات الكبرى لمؤسسات الدولة المغربية الحديثة، الدولة الديمقراطية التي يسودها الحق والقانون، وذلك بتنصيصه على رسم ملامح علاقة جديدة بين الدولة والمواطنين، توطدت بشكل أساسي من خلال الأخذ بالبعد التشاركي على مستوى اتخاذ القرار وجعل الجميع فاعلا في القضايا المرتبطة بالحكامة الجيدة، إذ اعتبر دستور 2011 بمثابة مدخل أساسي لتكريس الديمقراطية التشاركية، حيث عمل على إحداث هيأت للتشاور قصد إشراك مختلف الفاعلين الاجتماعيين.
ورغم الزخم الكبير المرتبط بتواجدات هذا المفهوم في سياقات الزمن المغربي، فكثيرا ما نظر إليه على أنه مفهوم "جنيني" أو على الأقل ولد ولادة عسيرة وعرف مخاضات متعددة، إذ أنه كان ومازال مفهوما "انتقاليا" مرتبطا بتمظهرات الانتقال الديمقراطي ببلادنا ،وعلى رأسها الاستناد إلى مدخل الإصلاح السياسي والدستوري، والذي ما فتئ يترسخ مع بداية العهد الجديد، الذي يمكن وصفه "بعهد الحكامة"، العهد الموسوم بانتقالات متعددة، ديمقراطية، سياسية، اقتصادية، مجتمعية، ديمغرافية.. وهي انتقالات ذات مسارات شمولية معقدة، تتداخل وتتشابك فيها عناصر مختلفة، إلا أنها في نهاية المسار تصبح منسجمة ومتجانسة، ومدعمة لدمقرطة حقيقية، قائمة على تراضي الفاعلين الممثلين لقوى اجتماعية واسعة وهو تراض تام قائم على القواعد الأساسية للعبة الديمقراطية ،وعلى الحد الأدنى من المرتكزات المتعلقة بالتنظيم الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، ونجاح هذا التراضي بدوره متوقف على شروط سياسية، ثقافية، سوسيولوجية، اقتصادية وجيو إستراتيجية مساعدة يتعين توفرها والسعي إلى تحقيقها.
إننا هنا أمام تحليل لظاهرة "الانتقالية" من وجهتين اثنتين: تتعلق الأولى بالانتقال من التدبير السيء إلى التدبير الجيد، أما الثانية فترتبط بالمواكبة لفترة الانتقال الديمقراطي، وكل ذلك يترسخ وفق تصورات وأبعاد تتصف بالقدرة الفائقة على إتاحة إمكانيات حقيقية أمام منظور تنموي استشرافي، إداريا ،مؤسساتيا، سياسيا واقتصاديا.
وبشكل عام، فإنتقالية الحكامة الجيدة هي انتقالية نحو الأحسن والأفضل والتحول من وضعية هشة، تمس شتى المناحي إلى وضعية مستقرة، ومن حالة الركود والجمود إلى وضعية الدينامية والانتعاشة، وهو ما فتئ يسعى إليه "المغرب الانتقالي" من خلال تجاوز كل معيقات التنمية والبحث عن نجاعات الإصلاح، وبالتالي ضمان الوصول إلى المغرب الممكن، المغرب المأمول، القادر على رسم معالم مستقبل الغد المشرف والوصول في نهاية المطاف الى مبتغى"الدول الصاعدة".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل يكون قانون -الحريديم- في إسرائيل سببا في إنهاء الحرب؟ | ا


.. فيليب عرقتنجي ولينا أبيض: رحلة في ذكريات الحرب وأحلام الطفول




.. مصر: مشروع قانون الأحوال الشخصية.. الكلمة الأخيرة للمؤسسات ا


.. هآرتس: استعداد إسرائيل لحرب مع حزب الله بالون أكاذيب




.. إسرائيل تؤكد على خيار المواجهة مع حزب الله وواشنطن ترى أن ال