الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قلبي على وطني.

جعفر المهاجر

2015 / 1 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


قلبي على وطني.
جعفر المهاجر.
بعد أشهر قليلة سيمر على العراق العام الثاني عشر على سقوط صنم الإستبداد في العراق ، وكانت هذه الأعوام الطويلة المضنية كافية لبناء أسس دولة رصينة قوية ثابتة الأركان، متقدمة في كافة مجالات الحياة لو كانت إرادة أصحاب القرار بمستوى المسؤولية الوطنية لإنقاذ الوطن من محنه الكثيرة التي ألمت به. هذا الوطن الحضاري الذي أنعم الله عليه من الكنوز، والأراضي الشاسعة والمياه والأيدي العاملة. وفيه من الخبرات العلمية مايؤهله للنهوض.لكن الذي يحز في نفس كل مواطن عراقي شريف ينتمي لهذه التربة الطاهرة، ويتمنى لوطنه التقدم والرفعة والسمو ليأخذ مكانه الذي يستحقه بين أمم الأرض. إن تلك الأعوام تميزت بالصراعات السياسية المريرة على السلطة والمال وترك الوطن في مهب الريح أمام الأخطار المحدقة به. وكانت الإخفاقات نتيجة طبيعية لتلك الصراعات المريرة التي أوجعت الشعب بعد فسحة صغيرة من التفاؤل الذي أنعش النفوس التعبى عقب سقوط الدكتاتور. لكن ذلك التفاؤل تلاشى شيئا فشيئا في وطن يحسده الكثيرون على النعم التي يزخر بها. ورغم الألم والمرارة ظل بصيص الأمل يتقد من جديد في نفس المواطن تحت ظل العملية الإنتخابية. وهو يمني نفسه، ويأمل من حكوماته التي تعاقبت على حكم الوطن أن تصلح من حاله وحال الوطن الذي حولته الدكتاتورية إلى خراب. لكن الرياح ظلت تجري بما لاتشتهي سفن الفقراء بعد أن أثبت معظم السياسيين الذين مسكوا زمام السلطة بأنهم أصحاب غايات ومصالح أنانية فردية بعيدة كل البعد عن مصالح الشعب العراقي.فتصاعدت الأزمات ، وآنطلقت النعرات الطائفية والعنصرية من بعض الأفواه التي إنتهجت هذا الأسلوب المدمر للمجتمع. ونهبت ثروات البلاد من قبل حيتان الفساد بشكل رهيب.وبعد كل ميزانية ضخمة تتبخر الأموال ، وتتراجع الخدمات ، وتكثر العقود على المشاريع الوهمية،ويزداد عدد العاطلين عن العمل ، وتعطل القوانين ، ويظل الفقراء على حالهم دون أي تغيير.وبات وطن الرافدين يستورد كل شيئ ولا ينتج شيئا غير المماحكات العقيمة على شاشات الفضائيات. وحين يشتد بي الحنين إلى وطني أذهب إليه واللهفة تغمرني إلى رؤية مشروع إقتصادي ذي جدوى في مدينتي التي يعيش بين ظهرانيها الكثير من الشباب العاطلين عن العمل لكن طرفي يرتد حسيرا فلا أرى غير الشوارع المحفورة ، وأكوام القمامة ، ودجلة الحزين الذي يئن من الأوجاع ، والشيب الذي غمر رؤوس طلابي الذين كانوا على مقاعد الدراسة لسنين طويلة ،ودخلوا في خريف العمر دون وظيفة أو بيت او تكوين أسرة . وبدت سحناتهم المتعبة وكأنهم في عالم الأموات دون أن يلتفت إليهم أحد من الحكام الذين جاءوا لينقذوا الوطن من محنته ولكن في الفضائيات ووسائل الإعلام.
وكانت المرجعية الرشيدة في النجف الأشرف طيلة هذه السنوات توجه وترشد وتحذر من الفتن الطائفية ، وتنبه إلى مكامن الخلل في الدولة العراقية عسى أن يعيد أصحاب القرارومن في السلطة التشريعية النظر في مواقفهم وتصرفاتهم ، ويقفوا وقفة صادقة مع الذات ولكن لاحياة لمن تنادي لمن أغرته السلطة. فتفاقمت الأخطاء وتراكمت. وفي ظل عملية سياسية متعثرة ظل الدم العراقي الطاهر يسيل في كل بقعة من ثرى العراق من قبل عصابات البعث الفاشي والقوى الضلالية التكفيرية التي وجدت في الكثير من الثغرات فرصتها الذهبية لتصفية حسابها مع الشعب العراقي . ولا يشك عاقل بأن دول الجوار قد لعبت دورا قذرا لوأد الأمل في عيون العراقيين فتساهلت مع قطعان الانتحاريين الذين كان يتم أعدادهم في المساجد التي أعدت لهذا الغرض بعد غسل أدمغتهم من قبل شيوخ الضلالة بحجة (الجهاد) حيث كان يتم جمع هذه القطعان التي ختم الله على قلوبها وعلى سمعها وعلى أبصارها غشاوة ، واستهوتهم تلك الدعوات الجهنمية للقتل المجاني. وارتكبوا من الجرائم التي تقشعر لهولها الأبدان. فتكاثر عدد الشهداء، وصار العراق ساحة للعوائل المفجوعة ، والقلوب الدامية ، ولم تسلم من نوازع الإرهابيين الإجرامية الضالة حتى قبور الأولياء والبنى التحتية للوطن . وقد رأى العالم وسمع كيف ضبطت خلايا إرهابية في معظم أنحاء أوربا لتجنيد قطعان الإرهابيين وإرسالهم ألى العراق بحجة ( الجهاد ) إضافة ألى أولئك الذين كانوا يتسللون من دول الجوار وهذه حقيقة دامغة بات يدركها كل ذي عقل وبصيرة .
كل ذلك كان يتم لزرع بذور اليأس والإحباط في نفس المواطن العراقي مع ظهور الضعف الذي كان يدب في جسد الحكومة المتنافرة التي عجزت عن توفيرالحماية لشعبها. وكل متابع للمشهد السياسي العراقي كان يرى ويسمع كيف تنادى جنرالات العهد الصدامي الذين كانوا الأداة القمعية للشعب والذين فقدوا امتيازاتهم الكبرى في ذلك العهد الأسود مع شراذم البعث الفاشي وطالبوا بتأليف حكومة تحت يافطة (حكومة إنقاذ وطني ) وتناغمت أصوات بعض السياسيين من الداخل معهم بحجة أن تأليف هذه الحكومة هو الحل الوحيد لتخليص العراق من حمام الدم الذي حرضوا عليه .
وكانت نذر كارثة جديدة تلوح في الأفق ، ولم يسمع الشعب من الأقطاب غير التصريحات العنترية الخاوية والمنفصلة عن الواقع إلى اليوم الذي حلت فيه الكارثة الوطنية الكبرى حين غزت داعش في العاشر من حزيران أرض العراق ،وآحتلت أكبر مدينة عراقية ومدن أخرى مهمة ومساحات شاسعة من أرضه المقدسة.وحدثت على أثرها المجازر البشرية الكبرى في سبايكر وبادوش على أيدي التتار الجدد ، وشُرد مئات الآلاف هائمين على وجوههم في الصحاري لايلوون على شيئ خوفا من القتل بعد أن فقدوا كل شيئ. وآنطلق صوت المرجعية المجاهدة بالجهاد الكفائي لإنقاذ العراق من محنته الجديدة التي غطت كل المحن . وهب الشرفاء الغيارى من أبناء العراق للذود عن حياض الوطن ، والوقوف بوجه هذا الغزو الجاهلي وتطهير العراق من رجسه. وتألفت حكومة جديدة من جميع الكتل السياسية ووضع رئيس الوزراء الجديد الدكتور حيدر العبادي أخطاء الماضي القاتلة نصب عينيه لمعالجتها مع أعضاء حكومته ومع البرلمان، لإيجاد الحلول الناجعة لها بعيدا عن كل نعرة طائفية مقيتة ، لكن بعض السياسيين بعد فترة قصيرة من تأليفها أخذوا يتحدثون في فضائيات الفتنة عن ( الإقصاء والتهميش ) وضروة ( الإنسحاب من الحكومة ) وآنزعجوا من تحرير الأرض ، وصبوا جام غضبهم على الحشد الشعبي الذي سطر الملاحم لتشويه سمعته بأحاديث ماأنزل الله بها من سلطان . وكأنهم لم يقسموا أمام منصة مجلس النواب بالعهد الذي ألزموا أنفسهم به للحفاظ على تربة العراق والإخلاص للشعب العراقي . وقد قال الله في محكم كتابه العزيز :
بسم الله الرحمن الرحيم:
(وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ.) النحل-91.
واتساءل كأي مواطن غيور على وطنه لماذا يساهم هؤلاء في تدمير الوطن وتقسيمه على أساس طائفي وعرقي بعد أن عاش شعبه لآلاف السنين موحدا.؟
وهل الأمريكان قادرون على حل مشاكل الوطن إذا كانت قلوب سياسييه ونفوسهم متنافرة .؟
وكمواطن عراقي ليس لي إلا أن أقول كملايين الفقراء قلبي على وطني.
جعفر المهاجر/ السويد
27/1/2015.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المحكمة العليا الإسرائيلية تقرر بالإجماع تجنيد الحريديم | #غ


.. مظاهرة في مارسيليا ضد مشاركة إسرائيل بالأولمبياد




.. الرئيس السابق لجهاز الشاباك: لا أمن لإسرائيل دون إنهاء الاحت


.. بلا مأوى أو دليل.. القضاء الأردني: تورط 28 شخصا في واقعة وفا




.. إيران تشهد انتخابات رئاسية يوم الجمعة 28 يونيو والمرشحون يتق