الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قضاة ... أم خيالات مآته ؟؟!!

كريم عامر

2005 / 9 / 11
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


إستبشر كثير من المغفلين ( أمثالى ) خيرا بالإشراف القضائى الكامل على المسرحية الهزلية المسماة مجازا إنتخابات رئاسة الجمهورية ، وظنوا أن التزوير والتلاعب بإرادة الناخبين لن يكون لهما أى مكان فى الإنتخابات ، ولم يرد إلى الإعتبار أن القاضى المشرف على هذه العملية هو مجرد شخص عادى قد يميل بهواه إلى هذا الإتجاه أو إلى ذاك ، الأمر الذى قد يؤثر على موقفه داخل اللجنة ، ولم يأبه الكثيرين إلى أن الضمانات التى وضعت للتأكيد على نزاهة العملية الإنتخابية ( عفوا .. المسرحية الهزلية ) ماهى سوى واجهات جذابة .. ليس إلا ، وأن من يبتغى التزوير لن يقف فى طريق تحقيق غايته حبر فسفورى او حتى حمض كبريتيك مركز !! ، فمن يريد التزوير لن يمنعه سوى إيجابية القائمين على الإنتخابات ، والذين بدوا أشبه بخيالات المآته عندما أغمضوا أعينهم وصموا آذانهم عن التجاوزات التى كانت تجرى داخل اللجان وخارجها وجعلت عملية تزوير إرادة الناخبين من أسهل مايمكن .
فالقضاة الذين يزعم البعض أنهم على درجة عالية من النزاهة والحيدة والشفافية قد إتضح جليا أنهم أبعد مايكونون عن هذه الأمور ، بل إن بعضهم أبدوا تحيزهم إلى جانب مرشح الحزب الوطنى بدا جليا فى تساهلهم مع أعضاء مجلس الشعب الذين إستقدموا المواطنين من المحافظات الأخرى كى يطوفوا بهم على اللجان الإنتخابية ليدلوا بأصواتهم عدة مرات فيما يعرف بكشوف الوافدين والتى إتضح فيما بعد أنها قد وضعت خصيصا للتزوير لصالح مرشح الحزب الوطنى خصوصا بعد أن نجحت تجربتهم فى إزالة الحبر الفسفورى بإستخدام مادة الأسيتون ، إضافة إلى سلبيتهم تجاه الأساليب التى كان يتبعها أنصار الحزب الوطنى على أبواب مقرات اللجان من عمليات ترغيب للمواطنين لإنتخاب مرشح الحزب الوطنى بالأموال ( التى لا نعرف مصدرها على وجه التحديد ) والتى وصلت فى بعض الأحيان إلى خمسين جنيها ثمن كل صوت .
لقد تحول القضاة داخل اللجان التى كلفوا بالإشراف عليها إلى خيالات مآته ، بل إن خيالات المآته قد تبدو أكثر إيجابية منهم عندما تتسبب أحيانا فى إخافة الطيور وتجعلها تتردد فى الإقتراب من المحاصيل الزراعية ، ولكن قضاتنا ( الشرفاء للغاية ) كانوا أكثر سلبية من هذه الجمادات المرتدية للملابس الآدمية ، فبعضهم لم يتدخل إطلاقا عندما قام أنصار مرشح الحزب الوطنى بتوزيع وجبات جاهزة على أعضاء اللجان الإنتخابية فى خرق واضح لمبادىء النزاهة والحيدة ، وكان من الأولى بهم منع هذه الوجبات من الدخول بصورة نهائية إلى داخل اللجان حتى لا يتم التأثير بها على أى من أعضائها ، ولكنهم ( وللأمانة التامة ) كانوا أكثر إيجابية فى تعاملهم العدوانى مع مندوبى مرشحى الأحزاب المعارضة وفى تحيزهم ضدهم بصورة فجة إتضحت ملامحها جليا عندما قال لى رئيس اللجنة التى كنت موكلا فيها عن الدكتور أيمن نور فى لهجة لا تخلو من تهديد عندما قمت بالإحتجاج على بعض السلبيات داخلها ... أنه كان يود ان يكون سلاحه معه ولكنه نساه فى منزله !! ، أضف إلى ذالك تركهم للجان بعض الوقت لإتاحة الفرصة لمؤيدى الحزب الوطنى من الموظفين ورجال الشرطة للتلاعب بالأصوات .
إن فوز مبارك فى هذه الإنتخابات عن طريق التزوير هو أبلغ دليل على عدم مصداقية القضاة المشرفين على هذه المهزلة ، وأن كل ماكان يروى لإيهامنا بحيدتهم ونزاهتهم وشفافيتهم وطهارة ذممهم ليس سوى تصورات خيالية لا وجود لها على أرض الواقع ، فالقضاة أساسا يصلون إلى مناصبهم تلك عن طريق الرشاوى والمحسوبية ، فهل يمكننا بعد هذا أن نعدهم شرفاء ونزهاء ؟!.
علينا أن نتسائل ، إذا كانت وظيفة " معاون النيابة " وهى أولى الوظائف على سلم التدرج القضائى يشغلها من لديه واسطة أو يتمكن من دفع مبلغ من المال كرشوة يصل فى بعض التقديرات إلى خمسين الف جنيه ، فهل نتوقع ممن يبدأون حياتهم الوظيفية بهذه الأساليب القذرة أن يكونوا على درجة عالية من الحيدة والنزاهة والشفافية ؟؟!! .
يجب علينا أن نزيل من عقولنا هذه الأفكار والخيالات المريضة التى حاولت حكومة الحزب الوطنى من خلالها إبعادنا عن واقع الحياة ، وإيهامنا بأشياء لا وجود لها على أرض الواقع ، فيجب أن نعلم يقينا أنه وبصفة عامة لا يوجد على أرض مصر ( وفى أى مكان آخر ) إنسان محايد ، فالكل له إتجاهه الخاص الذى ينتمى إليه ويدافع عنه ويتمنى له الفوز بأى ثمن وبأى وسيلة ، والإنتماء هذا إما أن يكون عن طريق الإقتناع وإما عن طريق الإغراء ولا يوجد أى طريق ثالث بينهما ، فلنتعلم جيدا من هذا الدرس أنه لا نزاهة تميز القضاة ولا حيدة يتبناها القضاء ، فالكل له إتجاهه الخاص الذى يميل إليه ويتحيز .
ولذا وحتى نضمن نزاهة الإنتخابات فى المرات القادمة يجب أن نستبعد كافة مظاهر الإشراف الداخلى عليها ، ويجب أن نستقدم لجانا خارجية تقوم بالتنسيق فيما بينها لتنظيم عملية إشراف دولى كامل لا تشارك فيه أية عناصر مصرية ، ويغطى هذا الإشراف الدولى كافة مراحل الإنتخابات بدءا من عمليات تسجيل الناخبين فى الجداول حيث تقوم هذه الجهات بوضع جداول إنتخابية جديدة عن طريق تقدم المواطنين لتسجيل أنفسهم فيها سواء كانوا داخل البلاد أم خارجها والتأكد من عدم تكرار الأسماء داخلها ، مرورا بتنظيم الحملات الإنتخابية والإشراف الكامل على عملية الإقتراع ؛ من الناحية الأمنية : بإستقدام عناصر أمن خارجية مدربة تقوم بحراسة مقرات لجان الإنتخابات ومنع كل ماقد يؤدى إلى عدم نزاهتها ؛ وداخل اللجان : بأن يكون المشرفين على عملية الإقتراع بالكامل من غير المصريين ولا يسمح لأى عنصر مصرى بالتواجد داخل اللجان لغاية أخرى غير التصويت حتى وإن كانوا مندوبين للمرشحين ؛ إضافة إلى ضرورة إستخدام الأساليب التكنولوجية الحديثة لتنظيم العملية الإنتخابية والحيلولة دون إدلاء الناخب بصوته لأكثر من مرة ؛ وإنتهاءا بعمليات فرز الأصوات وإعلان النتائج ؛ والتى يجب أن تفرز وتعلن من مكان محايد خارج مصر ( ولتكن سويسرا على سبيل المثال ) حتى تتحقق الضمانة الكاملة لنزاهة العملية الإنتخابية .
هذا بالطبع إن أردنا أن نمارس الديمقراطية بشكل حقيقى ، أما إذا كانت غايتنا غير ذالك فلنستقدم القضاة أو عمال النظافة ، فلا فرق بينهما مادامت إرادة التزوير مبيتة خصوصا أن كلا منهما موظف وتابع للجهة التى يعمل فيها ومن الطبيعى أن يكون له موقفه المتحيز لها ، على العكس من المراقبين الأجانب متعددى الجنسيات الذين لن يكون لهم أى هوى تجاه أى تيار من المرشحين ، وبالتالى نتفادى عن طريقهم أية محاولة للتزوير ولتنتقل السلطة بهدوء إلى الفائز دون أن يعكر صفو فوزه أى إتهامات من منافسيه بأنه نجح عن طريق التزوير .
عبدالكريم نبيل سليمان
10 / 9 / 2005
الإسكندرية / مصر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما محاور الخلاف داخل مجلس الحرب الإسرائيلي؟


.. اشتعال النيران قرب جدار الفصل العنصري بمدينة قلقيلية بالضفة




.. بدء دخول المساعدات عبر الرصيف الأمريكي العائم قبالة سواحل غز


.. غانتس لنتنياهو: إما الموافقة على خطة الحرب أو الاستقالة




.. شركة أميركية تسحب منتجاتها من -رقائق البطاطا الحارة- بعد وفا