الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراق و أهله أولا ً

احسان طالب

2005 / 9 / 11
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


بذلت الأنظمة الاستبدادية المجاورة للعراق جهودا ً مضنية لإفشال التجربة الديمقراطية في العراق و سعت لذلك بكل الأساليب الإجرامية و تسترت تحت كل ما وصلت إليه يدها من مقاومة للاحتلال و دعاوى القومية المتعصبة و التمسك بالثوابت مستفيدة من انحسار العقل العربي و تلبسه بشيطان التكفير و الجهاد. و دأبت تلك الأنظمة كعادتها على إعلان رسمي يؤيد العراق و شعبه ويدعم سير العملية السياسية في ذلك ظاهريا ً فقط في المحافل الدولية و الإقليمية. و من جهات أخرى أخذت تأوي الإرهابيين و تقدم لهم الدعم البشري و اللوجستي و المادي و خصصت ميزانيات ضخمة لدعم الإرهاب في العراق و كان التيار الديني هو الرحم النجس الذي يتولد من خلاله الإرهابيون و ينشرون سمومهم في عقول المراهقين سعيا ً لإعداد أجيال من الانتحاريين العاشقين لدماء الأبرياء الحالمين بسبعين أو ما يزيد من الحور العين.
لقد أدركت الأنظمة الاستبدادية أن نجاح التجربة الديمقراطية في العراق سيعجل في إسقاطها و سيعري فسادها و استبدادها و سيفتح الباب مشرعا ً للتغيير في أرضها و من هذا المنطلق اعتبرت القضاء على جنين الحرية و الديمقراطية و الأمل في العراق هدفا ً استراتيجيا ً لا بد من تحقيقه لبقائها و استمرارها, فالحرب على الحرية و الديمقراطية في العراق حرب وجود لا حرب حدود بالنسبة للأنظمة الاستبدادية التي وضعت نصب عينها مقولة أنا وبعدي الطوفان. لقد أدرك الجميع و على رأسهم قسم كبير من بعثيي العراق أن صدام و القيادة السياسية كانت مستعدة لمد أوروبة وأمريكا بدماء العراقيين و تقديم ملايين من أبناء العرب و المسلمين قرابين في مذابح البقاء في السلطة و محراب أبدية النظام و خلود القائد.. و للأسف الشديد نجد العديد من أبناء العرب منتشين برائحة الدم العراقي و متلذذين بصور الأشلاء و الرؤوس المقطعة. و إن كنت أتفهم سبب ذلك لدى الفاسدين و المستفيدين من ثروات العراق المنهوبة و الموجودين في الدول المجاورة من أصحاب الامتيازات في النظم الاستبدادية إلا أنني لا أرى سبا ً منطقيا ً أو عقلانيا ًواحدا ً يدفع أولئك العربان المكتوين بتيار الظلم و الفساد بمؤازرة القتل و دعم الأنظمة المستبدة.
هذا فيما يتعلق بخارج العراق إلا أن القلق الشديد و الخوف الكبير إنما يأتي من داخل العراق ذاته, فلقد بدا واضحا ً أن أطيافا ً عراقية منتسبة إلى الإسلام السياسي تعتبر هدفها الأسمى و غايتها الأولى التمكين لمعتقداتها و بناء دولتها الدينية و لو كان ذلك على حساب البلد و أهله و أنا لا أتحدث هنا عن أولئك الدين يدعون للردة إلى الفكر البائد إنما تحدث عن زعماء و قادة أخذوا على عاتقهم طيلة السنوات الثلاث السابقة تحرير العراق من الاستبداد البائد و بناء دولته الديمقراطية. لقد بدا واضحا ً من خلال مساجلات كتابة الدستور الحرص الشديد من بعض الأحزاب العراقية على اعتبار العراق و شيعته و مستقليه ثانيا ً و احتلت الأولوية في العمل و الفكر لثوابت و قيم أثبت ضررها التجربة العملية. فالدولة الدينية في إيران ما زالت تخرج من فشل إلى فشل و لم يستطع التيار الإصلاحي تحقيق أي مكاسب حقيقية أو أي تقدم طفيف على حساب تيار المتعصبين و المتزمتين الذين استولوا على كل مفاصل الحكم و الدولة. كذلك كان الحال في السودان و أفغانستان.
من المعيب حقا ً لقادة التيار الديني في العراق أن يؤخر مصلحة البلد و شعبه على حساب انتماءاتهم الفكرية . و إذا كانت المسألة في صميمها رضاء الله فإن الخلق عيال الله وأحبهم إلى الله أنفعهم لعياله و الأقربون أولى بالمعروف. فيا سادتي لقد كانت دعوة محمد في أساسها رحمة للعالمين فدعوا شعب العراق من تجارب الدول الدينية التي لم تخلف سوى الخراب و الدمار للبلاد و العباد.
و هنا تجدر بي الإشارة إلى مقالات الأستاذ عزيز الحاج لأنني أتفق معه في التوجهات النهائية لدعوته إلا أنني أختلف معه في اعتبار السياسة تنازلات. ربما تكون السياسة مصالح و تكتيك. إلا أن الخطر الداهم و الجاثم فوق أرض العراق إنما يتهدد حاضره و مستقبله و أقصد بذلك الإرهاب تحت دعاوى المقاومة من جهة و انتهاك حقوق الإنسان تحت دعاوى تطبيق الشريعة من جهة أخرى , فنحن المحبون لرؤية العراق حرا ً ديمقراطيا ً مستقلا ً فدراليا ً موحدا ً, لم يكن يدور في خلدنا أن ترتكب في العراق الجديد جرائم باسم الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر
إن مسؤولية الأئمة والقادة و الزعماء الدينيين كبيرة جدا ً أمام الله و أمام الناس و إذا لم تنجح تجربة العراق فالله وحده يعلم حجم المأساة المنتظرة. و أقول ذلك محذرا ً و لست متشائما ً إنما يجدر بكل مؤمن بالله و بالحرية و بالديمقراطية و كل محب للعراق و أهله أن يتنبه للمخاطر الداخلية في البيت العراقي التي تعد أكبر ضررا ً من الإرهاب الذي لا بد أن يندحر و يتلاشى و لو بعد حين.
1092005
http://www.ehsantaleb.blogspot.com








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أي تسوية قد تحاول إسرائيل فرضها في لبنان والإقليم؟


.. أي ترتيبات متوقعة من الحكومة اللبنانية وهل تُجرى جنازة رسمية




.. خبير عسكري: هدف عمليات إسرائيل إحداث شلل في منظومة حزب الله


.. نديم قطيش لضيف إيراني: لماذا لا يشتبك الحرس الثوري مع إسرائي




.. شوارع بيروت مأوى للنازحين بعد مطالبة الجيش الإسرائيلي للسكان