الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا وعي النص,مقاربة التحليل النفسي نموذجا..

محمد أحموم

2015 / 1 / 27
الادب والفن


لفتني "كتاب التحليل النفسي والآدب" لمؤلفه جان بيلمان نويلفن لأنه يندرج في موضوع مهم صراحة وهو الكتابة الأدبية أو الإبداع الفني ,يحاول الكاتب التطرق لهذين الموضوعين انطلاقا من مقاربة التحليل النفسي ,وقد اخترت مقطع لفتني فيه سأحاول صوغ أفكاره الأساسية بشكل موضوعي ما أمكن :
"عرف صاحب المؤلف الكتابة استنادا على نظرية التحليل النفسي وحددها مفاهيما على أنها عملية تداعي حر لرغباتنا التي حرمنا من إشباعها ,أو لتثبيثات ألآلام سكنت عمق لا شعورنا وترفض أن تغاذرنا,فن الكتابة لحظة يجالس فيها الكاتب القارئ كأنه معالجه الخاص الذي وكل له مهمة فحص صراعاته الداخلية التي تؤرقه ,يحب في كل حصة أن يجلسه ورائه ويترك الفرصة لما لا يريد أن يقوله إلا له,تلك اللحظة التي يكون فيها المفحوص مع محلله النفسي ,صريحا بداية مع كيانه ثم مع معالجه.
يشبه بيلمان لحظة الإبداع باللحظة التي يعتبر فيها الكاتب القارئ أنه الشخص الوحيد الذي يستحق أن يسرد له الأغلال التي تصنع له قفصا من التأنيب والقلق الوجودي,فن الكتابة فسح المجال لصور استيهامية ترافقها اللذة في الحلم,فالمنظر الأول سيغموند فرويد حينما سئل ما الآدب ؟ أشار بأصبعه إلى رفوف مكتبته التي زينها بأعظم إنتاجات الآدب العالمي وقال:الأدباء هم من أنتجوا التحليل النفسي!فن الكتابة فقط يحدث للإنسان المعذب برغباته,أن يحقق شيئا شبيها بالإشباع.‏
أتعلمون لما؟
لأنهم جعلوا حروفهم تعبير عن لا وعيهم بكل تلقائية وصدق,فأنا لم أقم بشء سوى أني مفهمت تجارب هؤلاء!"
انتهى كلام حسن المودون مترجم كتاب "التحليل النفسي والآدب لمؤلفه جان بيلمان نويلفن".
لنشرح,ما التداعي الحر في التحليل النفسي؟
التداعي الحر عبارة عن لحظة زمنية تستغرق زمنا يختار على حسب قدرة تحمل الحالة لعملية مواجهته للاوعيه,أي اللاشعور الذي يحاول المحلل النفسي بهذه التقنية العلاجية إقتحامه وتكسير مقاومته لتحديد نواة موضوع الصراع ,قصد تغيير الصور و الشحنات المرافقة للحظة حضورها شعوريا,التداعي الحر عملية تستدعي أن تقول الحالة كل ما تراه مؤلما وجالبا للقلق المشوش على انسياب اللحظات بدون القلق الذي يجسد غياب التوازن بين متطلبات الجهاز النفسي للفرد ,القلق الناتج عن صراع مبطن حسب التحليل النفسي يؤثر على ما هو بيولوجي أيضا,أي ما يسمى بالأعراض السيكوسوماتية ,أي الأمراض النفسية- الجسدية,فالتحليل النفسي هو الميدان الوحيد الذي ربط بين ما هو نفسي و ما هو جسدي - فزيولوجي ,ويستدل أنصار التحليل النفسي بمثال الهستيريا التي يعتبرونها اضطرابا نفسيا تعبر أعراضه على جسد الحالة كما يعبر المسرحي على خشبة المسرح,الإضطراب هو الممثل والخشبة هي الجسد الذي يشكل الواجهة التي تتبدى فيها أعراض هذا الإضطراب السيكوسوماتي.
يحاول المحلل النفسي في عملية التد اعي الحر جعل الحالة في قمة الإسترخاء الذي يرافقه حديث صادق وعميق عن المعيش النفسي الماضوي التي يخلق لدى الحالة لحظة استحضاره قلق نفسيا يرافقه كره للمبادئ الأخلاقية التي صنعتها ثقافة أو دين معين في ذلك الوسط الإجتماعي الذي تعيش فيه الحالة الإكلينيكية.
جان بيلمان نويلفن يدافع عن أطروحة علمية مفادها أن لحظة إنتاج منتوج أدبي أوفني يقوم الروائي أو الفنان أثناء محاولته صياغة صور وأحداث أدبية أشبه ما يكون بلحظة التداعي الحر التي تقوم به الحالة الإكلينيكية أمام المحلل النفسي,أي أن لحظة الكتابة ما هي إلا تعبير عن أعماق دواتنا,فسح المجال للاشعور كي يعبر عن نفسه,فالإبداع الأدبي من وجهة نظره يقتضي تقمص الكاتب لدور حالة تريد أن تتداعى أحاسيسها ,أفكارها ,حرقتها الوجودية أمام القارئ الذي أسقط عليه بيلمان دور المعالج الذي تربط الحالة معه علاقة تتسم بمشاعر الصدق وموافقة اللغة للغة أعماقه أي ما يسميه التحليل النفسي بالمعيش النفسي للفرد,وقد رفض بيلمان التفريق بين الجانب المبدع لدى المبدع ولا وعيه او لا شعوره لذلك ليس غريبا أن نجد أن فرويد صاغ عدة مفاهيم إستنادا وارتباطا مع عدة مصادر سواء مما هو مرتبط بالاساطير التي رافقت الثراث الإنساني أو بأشهر أعمال الآدبو الفن العالمي .
سيغموند فرويد اشتغل أثناء بناء نظريته على الإنتاج الفني ,لأنه وضع نصبي عينيه حقيقة مفادها أن الأعمال الفنية ما هي إلا تعبير صادق عن اللاشعورإلى جانب الأحلام التي إعتبرها الممر الذهبي لتفريغ سطوة هذا الجانب المظلم من الدات الإنسانية, الجانب الذي يحضر تأثيره في اللحظة الشعورية أي حالة اليقظة,فقد إشتغل سيغموند على لوحات الرسام العالمي ليوناردو دي سير بيرو دا فينشي وخاصة لوحة الجيوكاندا أو الموناليزا نموذجا.
وحلل يضا مجموعة من الأعمال الادبية التي لم ينكر فرويد آثرها على فكره الذي صاغ به نظريته في التحليل النفسي التي تعتبر اليوم في الغرب من أهم مرتكزات التشخيص الإكلينيكي الفعال كالأديب العالمي الروسي فيودور ميخايلوفيتش دوستويفسكي الذي لفت مرض الصرع الذي أحدث تغيير كبيرا في فكره انتباه سيغموند فرويد وقام بقراءة عميقة في الكرونولوجية الأدبية لهذا الكاتب العالمي,لأنها تجسد تعبيرا أدبيا عميقا لعقدة أوديب التي كان يعاني منها الكاتب الروسي دوستويفسكي.
يمكن القول أن بيلمان يرفص الفصل بين ما هو سيكولوجي عميق وما هو إبداعي أدبي أو فني,ويؤكد أن النص الأدبي أو اللوحة الفنية ليست إلا مرآة تعكس الحيز العميق لدى الأديب أو الفنان,وأن ما يمنح عمق للمنتوج الآدبي هو قدرته على التغلب على الحاجز السيكولوجي الذي يفصل بين ما هو شعوري ولا شعوري كما نجده في العملية العلاجية بين الفاحص و المفحوص,أي ما معناه أن الكاتب حالة إكلينيكية تحبك عذاباتها النفسية على شكل روائع أدبية أو أعمال فنية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صباح العربية | بينها اللغة العربية.. رواتب خيالية لمتقني هذه


.. أغاني اليوم بموسيقى الزمن الجميل.. -صباح العربية- يلتقي فرقة




.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى


.. الفنانة ميار الببلاوي تنهار خلال بث مباشر بعد اتهامات داعية




.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح