الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكاريكاتير من العلي الى شارب

عصام الحافظ

2015 / 1 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


ا

تعد فرنسا البلد الأول لرسامي الكريكاتير ، فقد مارس هذا الفن عدد كبير من المبدعين منذ القرن الثامن عشر وحتى القرن العشرين، وقيل أن عدد الصحف التي عنت بهذا الفن زاد عن 300 صحيفة ، وقد لعب الكاريكاتير دورا كبيرا في الحياة العامة الاجتماعية والثقافية والسياسية خاصة ، مما حدى بأحد وزراء فرنسا آنذاك الى القول "أنه لا شئ اخطر من الكاريكاتير المحرض على الفتنة" بل أن تأثيره ذاك ادى الى أن الحكومة الفرنسية فرضت رقابة مشددة على الصحافة ورسوم الكاريكاتير ، ممى ادى ذلك الى انتفاض اصحاب القلم من الصحفيين ورسامي الكاريكتير ،وعبر رسامون كثر عن احتجاجهم على تلك الرقابة ولعل اشهرهم جلبيرت مارتين(1839-1905 )في لوحته المشهورة في مجلة Le Don Quichotte في العام 1875 العجوز المرعبة " مدام أنا ستازي" وهي تحمل مقص الرقابة وتحارب به حرية الكلمة وهناك الكثير من الرسامين في هذه الفترة منهم على سبيل المثال الفريد لأبينيت أو كما يلقب الفريد الصغير(1841-1909 )والذي سجن فيما بعد ومنهم اندريه جل الذي كان يرسم في مجلة "لا كلبس" بل أن مجلة (LE DROIT DU PEUPLE ) خصصت عددا خاص لمهاجمت الرقابة على حرية الكلمة والخط ، ورغم ذلك لم ترفع الرقابة على الكاريكاتير في فرنسا الأ بعد عشرات السنوات .
وبالمقابل فقد كان هناك مايمكن أن نسميه عرفا أو تقاليد ثقافية يتمسك بها من يريد ممارسة هذا الفن وخاصة أذا اراد الفنان الرسام رسم أحد الشخصيات المهمة وخاصة منها الشخصية ذات القوة الأعتبارية فقد كان عليه أن يأخذ منها ترخيصا أو أذن عرف " إذن المسخره" وجريا على ذلك مثلأ عندما اراد رسام الكاريكتير جارلس فيليبون أن يرسم ويسخر من أندريه بلزاك طلب منه الأذن أو الترخيص وحصل عليه فرسمه وسخر منه الى ابعد الحدود ، اما بلزاك نفسه فقد احترم وقدر فيليبون حتى بعد ذلك واعتبره بارون الرسامي وعبقري عصره.
وهكذا نرى أن فرنسا لها ارث عظيم في هذا الفن وان هذه الأزمة ليست هي الوحيدة في هذا التاريخ الطويل رغم انها الأكثر قساوة ودموية ، كما أن الكاريكاتير غدى سلأحا للتوعية والتحريض ليس في فرنسا وحدها وقد نقل عن الرئيس ألأمريكي هاري ترومان قوله"أنا لا أخاف إلا من الموت ومن رسامي الكاريكاتير" .كما لم يكن هذا القتل الأول لرسامي الكاريكاتير فقد اغتيل في لندن عام 1987 اشهر رسام كاريكاتير عربي ، والذي منحه الأتحاد الدولي لناشري الصحف بباريس "قلم الحرية الذهبي" ووصفه بأنه واحد من اعظم رسامي الكاريكاتير في العالم منذ القرن الثامن عشر ،انه الفلسطيني ناجي العلي ،قتل نتيجة لرسومه السياسية ولم تحدد وحتى الأن الجهة التي كانت وراء اغتياله بشكل قطعي على الرغم من قيام السلطات البريطانية بأعتقال عدد من المشتبه بهم وبذلك كان ناجي العلي اول رسام كاريكاتير يقتل بسبب رسومه مات ناجي العلي ولكن حنظلة ظل واقفا شاهد على كل ماجرى ويجري في عالمنا العربي .
أن شارل ابيدوهي وأن لم تأتي من فراغ بل هي امتداد لذلك التاريخ العريق بحلوه ومره ،الأ انها كانت تعد من الصحف المشاكسة فلم يسلم منها احدا من البابا الى رجال السياسة ومن المسلمين الى اليهود، كما أنها جمعت مجموعة تعد من افضل واشهر رسامي الكاريكاتير في فرنسا بما فيهم رئيس التحرير اسطيفان شاربونير والملقب شارب القريب من الشيوعيين ، أنهم مجموعة من المثقفين والسياسين، بمعنى من المعاني، وبهذه الصفات فأنها تشابه ناجي العلي والذي كان كلما كلمه صديق أو مسؤول بأن يخفف من انتقاداته ورسومه الهجومية اجابه برسم اقوى واشد .
وبما أننا نؤمن بأن الأنسان بدون حرية هو نصف انسان تطبيقا لمقولة الفرنسي جان بول سارتر(1905-1980 ) " العصفور في القفص نصف عصفور" فأننا نؤمن بحرية الصحافة والكلمة بأعتبارها الشرط للحياة الكاملة. على أننا نرى أن لأ تفهم تلك الحرية على انها مطلقة وبدون حدود بل أننا يجب ان نقرن ذلك بأن حريتي تقف عند حرية الأخرين، أن حريتي تخرج عن مسارها أذا انتهكت حرمة وقدسية وحرية الأخرين ومن هنا نرى ان شارل ابيدو" المشاكسة" لم تكن موفقة في خطوتها،في أنها تنتهك قدسية اكثر من مليار ونصف مليار مسلم بجريرة مجموعة مجرمة ارهابية اتخذت من هذا الدين ستارا بل أن ضحاياها من المسلمين اضعاف مئات المرات من ضحاياها من غير المسلمين، بل انه وفي نفس الوقت الذي جرت فيه عملية شارل ابيدو الأرهابية قتل المتطرفون من جماعة بكو حرام المتطرفة اكثر من الفي مسلم في نيجريا وقتل المتطرفون في طرابلس لبنان 35 شخصا ناهيك عن القتل اليومي في سوريا والعراق.
بالرغم اننا ضد اي قوانين أو اجراءات تحد من تلك الحرية فأننا نؤمن أن، التحديد والرقابة يجب أن ينطلق من الأنسان ذاته في أن يتجنب أن تكون حريته على حساب الآخرين ، مئات من الرسوم والكتابات التي تدين وتفضح الأرهاب والمتطرفين في العالم ومنه العالم العربي والأسلأمي ولكن من دون أن تخدش مقدسات وشعور الآديان والشعوب واخيرا فأن تصريحات البابا دليل آخر على مايجب عليه أن تكون الحرية ومجالها . لقد التجأ فاتسلأف هافل، حامل لؤاء حرية الفكر الأول في الجمهورية التشكية والعالم، الى القضاء عندما رسمه كنيجكو بما لا يليق.
على أننا وفي كل الأحوال وجريا على مقولة نلسن مانديلأ " لأ املك الشجاعة بتاتا لاطلأق النار على أحد" ندين هذا العمل الأرهابي واننا على يقين بأن هؤلأء القتلة لو لم يجدوا مبررا عند شارل ابيدو لوجدوه في مكان أخر والتاريخ والواقع يشير الى ذلك بل أن الضحايا الأخرين في باريس لم تكن لهم أي علاقة سوا أنهم تواجدوا بالصدفة في ذلك المتجر. فأن طريقة تفكير ونهج تلك الجماعات يكمن في أمر آخر تماما ولكنه ذلك ليس موضوعنا الأن علنا نوفق في كتابته .ٍفلو أردنا أن نحارب الارهاب والتطرف علينا أن نختار الأدوات الصحيحية وكما يقول المثل علينا أن لانجفف البحيرة لاصطياد السمكة الخبيثة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - احسنت
wafa ahmad ( 2015 / 1 / 27 - 15:31 )
احسنت

اخر الافلام

.. خبراء عسكريون أميركيون: ضغوط واشنطن ضد هجوم إسرائيلي واسع بر


.. غزة رمز العزة.. وقفات ليلية تضامنا مع غزة في فاس بالمغرب




.. مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة مدنية شمال غرب مدينة رفح جنوب ق


.. مدير مكتب الجزيرة في فلسطين يرصد تطورات المعارك في قطاع غزة




.. بايدن يصف ترمب بـ -الخاسر-