الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-موطني-... الوطن المنشود

مريم ياغي

2015 / 1 / 28
مواضيع وابحاث سياسية



"أيُعقل أن تنشد ابنتي في كل صباح (لا نريد ذلّنا المؤبّدا وعيشنا المنكّدا)؟!"

قصيدة "موطني" للشاعر الفلسطيني ابراهيم طوقان من أجمل الأشعار المغنّاة، التي تترجم الواقع المجبول بالحزن والهمّ في موطننا العربي، يحاول من خلالها الشاعر خلق الأمل رغم شدّة الألم.
رمزيّة القصيدة ودلالة مفرداتها، جعلها تخترق الوجدان وتتحدث بالنيابة عن كل مواطن عربي، وبالأصالة عن كل قومي.
ولكن في كل مرّة أبحر في مفرداتها تعتلي حنجرتي غصّة، وتُدميني وخزات اليأس والجزع ممّا توصّل إليه (لا وعينا) المركون تحت رحمة الحاكم والمرهون بمراهقاته!
أيُعقل أن تنشد ابنتي في كل صباح (لا نريد ذلّنا المؤبّدا وعيشنا المنكّدا)، في حين لا يُقبل من والدها أن ينتقد حاكماً سلّم بيمينه على قاتل شعبه وبيساره سلّمه وسام الشّجاعة!
أيعقل ان تردد ابنتي مع الجموع (يا هَناكَ في عُلاك قاهراً عداكَ)، وهي التي قرأت من ذاكرة الوطن حكاية الجبان الذي ذبح بلاده وتباهى بكرمه أمام "ضيفه الأميركي"، حينما قدّم الذبيحة مضرجةً بدمائها، على مائدة الحرب.
تعلم ابنتي جيّداً أن اليانكي أصبح سيّداً في أرض الرافدين، يكرّم باسم الشعب ورغماً عن إرادتهم.
أيعقل أن ترى ابنتي في كل يوم، شطراً يُترجم بحذافيره في أرض الواقع، "الشباب لن يكلّ، همّه أن يستقل، أو يبيد"!
أيعقل أن اللقاء مع الحرية والإستقلال سيطول حتى يصدق نشيد وطنك يا ابنتي؟؟
أظنّك يا صغيرتي ستتوقفي في كل يوم عن واجب الإنشاد لتمطري عليّ وابل الاستفسارات الصعبة "ما معنى العدو في قول (لن نكون للعدى كالعبيد)؟ ومن هو العدو في وطني؟"، وأظنّني سأربك ولن يقوى غير الله على فكّ عقدة لساني في سبيل إقناعك أن عدوّ الماضي قد يصبح حليف اليوم. هل سأقوى على إفهامك أن الضرورات تبيح المحظورات، كما أن السياسة تتيح للساسة خلق الأزمات واللعب بمصائر الشعب والوطن تطبيقاً للقاعدة الأخيرة...
يقولون يا ابنتي أن الوطن فوق الجميع ويقولون أيضاً أن الأزمة ستنقضي، وافتعالها خدمةً للهدف الأسمى واجباً وطنياً... أرجوك يا ابنتي لا تسأليني عن الهدف الأسمى، فحتى أنا "لا أفهمني" حينما أبحث عن تفسيره!
أسمعك يا صغيرتي تشرّحين النشيد بحثاً عن الأمل، فيغلبك الحزن والألم... "أمي، أسأل وطني فلا يجيبني... هل أراك؟ سالماً منعّماً وغانماً مكرّماً؟، فهلّا أجبتني أنت، هل سأراه كذلك؟؟"... كم أتمنى أن تنتفي الحاجة حينها لمثل هكذا إستنجاد.
وتكمل ابنتي الإيقاع بي، وأكمل العجز أمام صدق ما تطرح: "الحسام واليراع، لا الكلام والنزاع مجدنا"؟!، تضحك، فأبكي على ابتلاء الوطن بالحكم والحاكم...
موطنك يا غاليتي، هو موطني أيضاً، ولكن الأمر مُلتَبساً لدى السجّان؛ حتّى كاد يظنّ أن من اعتاد على التفاؤل بالسماء تُرعبه زمجرة الرعد. تصوّر في غفلةٍ أن صفعي بجرعة يأس يُنسيني الوعد الإلهي بلقاء أولى القبلتين... هكذا هي سياسته، فلا تنتظري من معاونيه الإنصاف...
في "لا وعينا" الأعزل، نرتشف اليأس بقناعة تامّة، فنضخّم عقدة الحزن في أنفسنا، ومن ثمّ نبحث عن مفتاح الحل. هكذا أرادونا، نقتات من أوجاع بعضنا، ونتعايش مع الاضطهاد حدّ التقبل.
هم يا حبيبتي، لا يتمنّون لنا التألّم بصمت، بل أرادونا أن نحيي صباحاتنا بذكر الأوجاع والأحزان، ونختم أمسياتنا بالتمني والرجاء، وتبقى جلّ آمالهم لنا في ألمٍ ولّاد وأملٍ عقيمٍ.
لا يغيب عن بال الكثيرين أن كلمات القصيدة التي خطّها الشاعر الفلسطيني بحبر الإرادة والتصميم، كانت معتمدة كنشيد وطني في فلسطين المحتلة.
فلسطين يا ابنتي هي أم القضايا، وبيت القصيد، وأصل الرجاء. كتب لها الشاعر ما كتب، محدداً الطريق للنصر بـ"قهر العدا"، في حين أن جلّ قرارات حكامنا تلامس إرضاء العدو. سأعجز عن إقناعك بكثيرٍ مما أنا غير مقتنعة به بالأصل، فكيف لي أن أقنعك بضرورة ترتيل نشيداً أُختير في حقبة الإحتلال...
عزيزتي، سلّمي ولكن من دون جدال، أنّ نشيد الوطن يُرتّل كآيةٍ ومحرّمٌ النقاش في صوابيّة إعتماده.
دعِ عنك إرباكي بما لا أفهم، فجلّ ما استطيع فعله أن اتمنى لموطنك "الجلال والجمال والسناء والبهاء في رباه، والحياة والنجاة والهناء والرجاء في هواه"...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - rooo3a
hala karam ( 2015 / 1 / 28 - 18:53 )
slmt yadaki maqala kteer 7elwi

اخر الافلام

.. الشرطة تقتحم جامعة كولومبيا لتفريق المحتجين| الأخبار


.. مؤشرات على اقتراب قيام الجيش الإسرائيلي بعملية برية في رفح




.. واشنطن تتهم الجيش الروسي باستخدام -سلاح كيميائي- ضد القوات ا


.. واشنطن.. روسيا استخدمت -سلاحا كيميائيا- ضد القوات الأوكرانية




.. بعد نحو 7 أشهر من الحرب.. ماذا يحدث في غزة؟| #الظهيرة