الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثورة الليبية .. حصان طروادة

ابوزياد الورفلي

2015 / 1 / 28
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


الثورة الليبية .. حصان طروادة

تتسم معظم " الثورات والثوار " بطابع رومانسي تسيطر عليهم العاطفة الجياشة والاحلام الوردية بعالم افضل يشبه الجنة وهو ما يدعوهم لتصديق كل من يساند قضيتهم مهما كانت نواياه ومهما كان مشروعه , ومهما كانت نواياهم ايضا , ليكتشفوا بمجرد سقوط النظام الذي خرجوا عليه ان لا شيء يجمعهم , بل في كثير من الثورات يكتشف الناس انهم كانوا مجرد مطايا " حصان طروادة " تم استخدامها من قبل الحذاق والدهاة , يكتشفوا وبعد كثير من الخسائر انهم بشر يعيشون في عالم البشر بكل ما فيه من خداع ومكائد واستغلال وصراع من اجل النفوذ, وان ماجنوه كان مجرد خيبات للأمل ولكن بثمن كبير جدا .
بمجرد ان يسقط النظام يعود الجميع الى انتماءاتهم الايديولوجية والسياسية والحزبية والقبلية بكل ما يعنيه ذلك من خلاف واختلاف .. فيبرز تعارض المصالح ويبرز التباين فى الرؤى
كما تبرز مطامع الاستيلاء على السلطة ومغانمها مبررة بكل الابجديات التي يستطيعون الحصول عليها .. ولن يعوز كل المتصارعين الذرائع المفضوحة والانصار المغفلين ليدخل المجتمع في دائرة مفرغة من العنف والعنف المضاد مع استنزاف للموارد التي غالبا ما يفوز بها الحذاق ويفرون لملاذات امنة بينما يظل البسطاء والفقراء يقتلون بعضهم البعض من اجل سادة لا يعرفونهم بل ان السادة لا يكترثون لهم .
حدث هذا الامر في كثير من الثورات حيث سقط الناس من علياء احلامهم الوردية والناعمة
الى قاع الجحيم وهم متشبتون بوعود الرفاه والديمقراطية وحرية التعبير الخ المنظومة القيمية
التي يستعملها كهنة الدين وكهنة السوق وكهنة البارود , لا يمكن لتحالف هولاء الكهنة ان يضيع فرصة كهذه ويترك الامر لبعض الصبية المتسلحين بمفردات المجتمع المدني وبعض
الرطانة المخنثة ودمى باربي .
عندما تكون الثورة ليست اكثر من غضب شعبي محدود يفتقد للقيادة الثورية وللمشروع الثوري القادر على احتواء التناقضات الموجودة في بنية الثائرين او المتمردين على النظام
عندها تتحول الحكاية برمتها الى فوضى الحرب اهلية وتقاتل من اجل الغنائم والمكاسب الاخرى, وعندما يقود الثورة شيوخ الدين الرحعيين وشيوخ السوق من الكمبرادور لن تكون النتيجة سوى مزيد من الرجعية ومزيد من الاستغلال , وعندها يقود هذا الانحراف الى تدمير البلد المنكوبة , تفتقد البوصلة وتندحر الحكمة امام غبار المعارك العبثية واصوات الرصاص والتكبير والتهليل , يختفي العقل تماما ويسيطر الادرينالين الذي يؤدي وظيفته بمزيد من الحرفيه , يصبح الخوف من الاخر هو الايديولوجيا الجديدة التي تحكم الخيارات وتزيد التشطى والخراب حيث لا صوت سوى نعيق الغربان والبوم على اطلال الخرائب التي حررها الثوار . حدث هذا الامر في كثير من البلاد وهو يحدث اليوم هنا والان في ليبيا الجديدة , المؤسف ليس حدوث الامر , المؤسف هو تكرار كل الاخطاء التي وقع فيها الاخرون عبر التاريخ في حالات مشابهة , لا يريد قادة العصابات المسلحة ولا قادة الجماعات المتطرفة , ولا قادة التجمعات السياسية او المدنية او أي ما كانت مسمياتها لا يريدون الاستفادة من تجارب التاريخ القريب والبعيد, بل انهم مصرين على صنع تاريخهم وتجربتهم المخزية .
عندما يفيقون من هذا الجنون والوهم ربما لن يجدوا شيئا يتقاتلون من اجله .
لا يعني قولنا هذا اننا ضد الثورة كما سيفسر البعض بل اننا ضد امتهان اسم الثورة واستغلاله رأسماليا لتسويق بضاعتهم وتجميل باعاتهم واعتبارهم مثالا للنجاح وللحلم المنشود , بل اسموه ربيعا عربيا زاهرا .
نحن حتى وان اخفقنا هنا وهناك وهرمنا بعض الشيء لازالت جذوة الثورة لم تنطفئ بل اننا لا يمكن ان نعيش بدونها ..........ولكن أي ثورة ...؟

د. ابوزياد الورفلي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اشتباكات عنيفة واعتقال عدد من المتظاهرين المؤيدين لغزة قرب م


.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين حاولوا اقتحام الـ-م




.. كلمة عضو المكتب السياسي للحركة أحمد الديين خلال الوقفة التضا


.. عنف الشرطة الأميركية ضد المتظاهرين المتضامنين مع #غزة




.. ما الذي تحقق لحركة حماس والفصائل الفلسطينية من القبول على مق