الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شكرا للحلم -قصة-

خالد الصلعي

2015 / 1 / 28
الادب والفن


لم ادعها ، ولم تدعني حيث وجدتها . لم نلتق يوما في هذا المكان ، ولا في أي مكان آخر . في الحقيقة لم تكن مفاجأتي ان أجدها جالسة في نفس الركن ، وفوق نفس الكرسي الذي نثرت واياه حكايا جميلة ودافئة . ما فجأني حقا وجعلني أغرق في سيل من الأسئلة المتعاقبة والمتشابكة أن أجدها تحتل كرسي المفضل ، الى درجة أربكتني كثيرا .
هل هو مقلب ؟ أم هي محض صدفة ؟ ، اذا كان مقلبا فالأمر اختياري . واذا كان صدفة ، فسؤالي لماذا هي بالضبط ؟ .
تقدمت نحوها . لا ، في الحقيقة تقدمت نحو الطاولة التي أفضلها على جميع الطاولات الأخر في المقهى . حين يصدف يوما ما وأجدها محتلة من طرف غرباء ، أعود من حيث أتيت وأختار مكانا آخر في جهة أخرى . فطنجة جنة من لاجنة له . قد يهديك البحر حضنه مجانا لترشق موجاته بنظراتك الحائرة وبسمعك العطش الى موسيقى الخضم المتلاطم . وقد تختار مكانا بين اشجار الرميلات . أو الجلوس فوق صخرة من صخور الحافة ، هذا المكان الذي طالما تفرجت من خلاله على الصراع الأبدي بين هرقل وأنطي .
اقتربت منها سلمت عليها والارتباك يورطني في لعثمة لم أعتدها على فمي وهو يتحدث . هل أسألها عن سبب اختيارها لهذا المكان بالضبط ؟ سأبدو كالأبله . هل أقول لها ان الكرسي الذي تجلس عليه هو نفس الكرسي المفضل لدي ولا أحس بالراحة هنا الا اذا جلست فوقه ؟ ستحسبني مجرد معتوه . هل أغادر بعدما سلمت عليها ؟ ربما أقترف ذنبا في حقي وفي حقها .
دوامة شديدة من الأسئلة الحاضرة والغائبة تجرفني بين أعماقها الملتوية ، وأنا أنكمش في كرسي لا يعرفني ، رغم انه قريب من كرسيي المعهود .صدمتني وهي تسألني :
-ماذا بك مروان ؟ أراك على غير عادتك !!!!!
هل تعرف أمينة عاداتي ؟. نحن لم نتقابل وجها لوجه يوما ، كنا فقط ندردش دردشات عابرة عبر الرسائل الخاصة للبريد الالكتروني . ماهذا الخلط ؟ . انها تقولها بدم بارد وبثقة زائدة . زادت حيرتي حين ناولتني نفس السيجارة التي ادخنها بعدما أخرجت من حقيبتها الجلدية ذات اللون البني علبة كاملة ، بينما كانت علبة السجائر التي تدخنها فوق الطاولة مع ولاعة وردية اللون .
لم أنبس ببنت كلمة . سلمت أمري للصدف كي تصنع ما تشاء . فلطالما فعلت في الصدف، أو ما يسمونه القدر ، ماشاءت خارج ارادتي . ولطالما حاولت السير يمينا فأجدني جهة اليسار ، والعكس صحيح . أشعلت سيجارة وطفقت أدخنها بعصبية زائدة . بهت النادل وفغر فاه في وجهي الذي تحول دخانا يصعد في أفق المقهى بينما جميع الزبائن يتابعون صعود الدخان وانتشاره في الأفق ، وضحكة امينة تأتيني من بعيد . الدخان يتصاعد ، مع تصاعده يتسرب الدخان الى باقي جسدي ، الى أن صرت جسدا دخانا . انتبهت وسألت نفسي . اذا كنت أراقب نفسي وقد تحولت دخانا ، فمن منا الحقيقي أنا الذي أتابع تبخري واندثاري في الهواء ؟ أم أنا ذلك المتبخر نفسه ؟ .
قمت بحركات عصبية وكأني أستخلص نفسي من الشخصين نفسيهما ، وكأن شخصيتي الثالثة هي الحقيقية . وفي خضم هذه الحركات القوية والجهيدة ،صحوت والعرق يتصبب من جسدي كأني خرجت للتو من حمام ساخن . واكتشفت انه مجرد حلم . شكرت الحلم ، وعدت الى نومي كي أجالسها ثانية وأصير دخانا ويأتيني صوت ضحكتها من بعيد . لكن صور الحلم سرعان ما تبخرت واندثرت .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -أنا مع تعدد الزوجات... والقصة مش قصة شرع-... هذا ما قاله ال


.. محمود رشاد: سكربت «ا?م الدنيا 2» كان مكتوب باللغة القبطية وا




.. جائزة العين الذهبية بمهرجان -كان- تذهب لأول مرة لفيلم مصري ?


.. بالطبل والزغاريد??.. الاستوديو اتملى بهجة وفرحة لأبطال فيلم




.. الفنان #علي_جاسم ضيف حلقة الليلة من #المجهول مع الاعلامي #رو