الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كفى بك داءً

ثائر زكي الزعزوع

2005 / 9 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


في الأيام القليلة الماضية تعاقبت وعبر شاشات القنوات الفضائية في كل بقاع الأرض صور منقولة من العراق، وما الغريب في ذلك.... فالعراق ومنذ أن بدأت الحرب "الديمقراطية" عليه صار مقصد الإعلاميين، وملأ الدنيا وشغل الناس، أخباره لم تكف يوما عن الورود، والتعليقات والتحليلات التي تناولت الشأن العراقي أكثر من تلك التي كتبت عن الحربين العالميتين، ولعل الحرب على العراق التي كانت أولا حربا على نظام صدام الديكتاتوري أخذت مع الأيام شكل حرب عالمية ثالثة، وصارت حربا على العراق/ العريق.... على تفاصيله الضاربة عميقا في التاريخ.
نعود إلى الصور التي نقلتها الفضائيات، فهي ليست صور عادية، ولا يمكن أن يمر عرضها مرور الكرام، عشرات بل مئات العراقيين يطوفون الشوارع حاملين صور صدام حسين، ويهتفون "مجبرين" بروحه وحياته وكأنه لم يغادر كرسي الحكم في العراق، كما كانوا يهتفون طيلة سنوات حكمه "مجبرين". ولكن ما الذي يجبر العراقيين على الهتاف بحياة صدام بعد سنتين ونصف السنة من زواله إلى غير رجعة، في السابق كانوا يطلقون هتافهم وحراب جنوده تحفر ظهورهم كي يرفعوا أصواتهم عالياً، ومن لا يهتف يكن كمن يلقي بنفسه إلى التهلكة، أما الآن فلا تهلكة ولا هم يحزنون، فالعراقيون اليوم "أحرار" من الديكتاتورية، والاستبداد، والحزب الواحد، والمعتقلات والسجون.
لم يحاول أحد من المراسلين الصحفيين أن يسأل واحداً من المشاركين بمظاهرة الهتاف لصدام في هذه الأيام.... لماذا تهتفون لصدام؟ ولو فعلها أحدهم وسأل هذا السؤال فأنا على ثقة بأن الإجابة ستكون على الشكل التالي: "إش جابرك ع المر غير الأمر منه".
نعم... هناك مرارة حقيقية في العراق، وهناك دستور يراد منه أن يكون دستوراً صدامياً ولكن بطريقة مختلفة، دستور يلغي ويقصي ويجتث، دستور يجعل العراق عراقات، والعراقيين فئات، دستور يحمل حقدا على الماضي ويريد نقله إلى الحاضر، وتصديره إلى المستقبل.... فأي مستقبل ينتظر العراق؟!
لم يكن حمل صور "صدام" والهتاف بحياته تعبيرا عن حب، ولكنه تعبير مجازي عن اليأس، والقهر.
حين يحلل بعض علماء النفس العمليات التي يقوم بها انتحاريون يلغمون أجسادهم، وزهرات شبابهم، يردون قسما كبيرا من هذه العمليات إلى اليأس والإحباط، ولعل العراقيين الذين أدمنوا القهر خمسة وثلاثين عاماً، ولم يزل قهرهم بزوال صدام وصلوا إلى حافة اليأس التي تحدث عنها علماء النفس، وصاروا يفضلون الانتحار على مستقبل قد يحمل في طياته الكثير من التفاصيل التي يرعبهم مجرد التفكير فيها.
هي رسالة لأولي الأمر ليعيدوا النظر، ويتأملوا الحالة التي وصل إليها الشعب المرهق، المتعب، اليائس بعد هذه العقود الطويلة.
وهي رسالة لـ"المخلّصين" الذين قطعوا آلاف الأميال ليحرروا العراقيين، فلم يفعلوا، وهاهم يكتفون اليوم بدور "المشاهدين" وكأن المسرحية تروق لهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو يرفض ضغوط عضو مجلس الحرب بيني غانتس لتقديم خطة واضحة


.. ولي العهد السعودي يستقبل مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سو




.. جامعة أمريكية تفرض رسائل اعتذار على الطلاب الحراك المؤيد لفل


.. سعيد زياد: الخلافات الداخلية في إسرائيل تعمقها ضربات المقاوم




.. مخيم تضامني مع غزة في حرم جامعة بون الألمانية