الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مفسدو الحلم الجديد

حسين التميمي

2005 / 9 / 12
كتابات ساخرة


القصة تبدأ غالبا هكذا: قبل سقوط النظام المبائد كنت أعرف فلاناً، وفلان هذا لم يتم تعليمه، لكنه صار في زمن مابعد السقوط من حملة شهادة الدكتوراه او الماجستير أو وضع حول رأسه أي رمز من الرموز التي تخلب ألباب الكثيرين، ولم يكتف بهذا التزوير الخطير، بل زور تاريخه الشخصي وتحول بين ليلة وضحاها الى مناضل خطير ضحى بالغالي والنفيس وتعرض للسجن وأوشكت رقبته ان تطير، لكنه استطاع، بفعل حنكته وعقله الجبار، ان ينجو من الموت ومن السجن، وليس هذا حسب، بل هو اسهم في تقويض النظام البائد عن طريق نضاله وعمله السري في الحزب الفلاني، وهذا الحزب – لكي تكون القصة واقعية – يجب ان يكون له هو الآخر تاريخ عريق، ولا يجد صاحبنا هنا ايضا أية صعوبة في العثور على التاريخ المطلوب، فان تعذر الأمر سيستعير جزءاً من تاريخ حزب عريق وجزءاً من تاريخ حزب آخر، فاذا به بين ليلة وضحاها صار زعيما لهذا الحزب وصار له من صغار اللصوص والتافهين وركاب الموجة عدد لابأس به، فلا تمر إلا أيام قلائل حتى تجد هذا الدكتور الزعيم وقد صدق الأكاذيب التي نسجها وانتفخ بها، ومن ثم راح يجني الثمر المتاح لأمثاله، فبدل البيت (المستأجر) صار لـه قصر فخم أو قصور فخمة في أنحاء متباعدة داخل الوطن الجريح، وبدلا من هواية المشي التي كانت تلازمه بسبب الفقر تراه الآن وقد امتلك مجموعة من السيارات الفارهة له ولأولاده وحين تسأل: كيف ومن أين؟ يقال لك: اصمت أيها الحسود فالرجل كان ثريا منذ ولد وهذه الثروات كانت مخبأة لظروف نضالية لن يعيها عقلك الصغير. وتصمت أنت، تصمت ليس خوفا، فأنت لا تملك ما تخاف عليه، لكن الغثيان يمنعك من التواصل مع مثل هذه الوضاعة.
قد يقول قائل أنني أتحدث عن شخص معين وأنني أخفي هذا الاسم خوفا من التعرض للمساءلة القانونية، لكن المصيبة أعمق من هذا بكثير، لأنها لا تخص شخصاً بعينه بقدر ما تخص جمعاً من المنتفعين الذين ركبوا موجة ما بعد السقوط فأساؤوا لنا (كأغلبية صابرة محتسبة) إساءة لن ينساها الشعب لهم. واذا ما تمت محاكمة الطاغية فمن العدل أن تلي هذه المحاكمة، محاكمة طغاة ما بعد السقوط، بأحكام مضاعفة لأنهم اغتالوا احلامنا بالحرية والديمقراطية، ولأنهم جعلوا المواطن البسيط يلعن الحرية والديمقراطية وهو بعد لم يجن ثمارها.
لذا أجد من الواجب على الحكومة الجديدة – اذا كانت تريد اصلاحا حقيقيا – أن تبادر باجتثاث هؤلاء من الدوائر والوزارات والمناصب الرسمية. لكي لا أكون متشائما جدا – بل أقل بقليل – أقول لكم أن المثال الذي ذكرته أعلاه، وهو ربما يخص شخصا ما، قيل لي إنه على الرغم من تسلمه منصباً رفيعاً في الحكومة المنصرمة، وعلى وفق ما أفادني به أحد المتسنمين - أفضلهم: بمعنى آخر كيف يصح لمزيف مزور أن يلعب دوره باتقان دون أن يكشف، وأن يتم الاستفسار عن حقيقة شهادته العلمية أو أي شهادة أخرى، اذا لم يكن بعض ممن يحيطون به هم من أشباهه؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ذكرى وفاة الشاعر أمل دنقل.. محطات فى حياة -أمير شعراء الرفض-


.. محمد محمود: فيلم «بنقدر ظروفك» له رسالة للمجتمع.. وأحمد الفي




.. الممثلة كايت بلانشيت تظهر بفستان يحمل ألوان العلم الفلسطيني


.. فريق الرئيس الأميركي السابق الانتخابي يعلن مقاضاة صناع فيلم




.. الممثلة الأسترالية كايت بلانشيت تظهر بفستان يتزين بألوان الع