الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين صلح الحسن واجتثاث البعث

رياض ابو رغيف

2015 / 1 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


بين صلح الحسن واجتثاث البعث
حين وصل كتاب معاوية ابن ابي سفيان الى اﻻ-;-مام الحسن ع يعرض عليه فيه الصلح دافعا اليه بكتب "خيانة "قادة جيشه امثال عبيد الله ابن عباس واخرين من المهتزين والمنافقين ومارافق تلك اﻻ-;-حداث وماسبقها من ارهاصات واحداث خطيرة تمتد الى سنوات الصراع المرير والمحتدم الذي قاده امير المؤمنين علي ع مع جبهتين خطيرتين متمثلتين بحزب قريش بقيادة معاوية من جهة وحزب الخوارج من جهة اخرى
لم يكن ذلك العرض وتلك الخيانة وحدهما الدافع الرئيسي واﻻ-;-برز رغم خطورتهما الميدانية واﻻ-;-ستراتيجية في تعبيرنا ومصطلحاتنا الحالية في قبوله عليه السلام للمصالحة والتصالح مع غريم البيت الهاشمي الاول وعدو اﻻ-;-مامة العلوية الخطير بما يحمله ذلك الصدام من بعد عقائدي وروحي ممتد الى تاريخ المبعث النبوي وبذرة الرسالة المحمدية التي قوضت رئاسة وسلطان ال ابي سفيان وخلعت عنهم عباءة المجد الدنيوي الى اﻻ-;-بد.
كان الركون الى ذلك الصلح يعني القفز على كل التضحيات واﻻ-;-لام ومحو اثار تلك المسيرة الا صلاحية الطويلة التي خط طريقها الجد ومضى في معتركها الشديد اﻻ-;-ب وتساقط على جوانب حماها اﻻ-;-حبة و الا عمام واﻻ-;-هل واﻻ-;-صحاب ولم يكن لرجل مثل اﻻ-;-مام الحسن ليفعلها اﻻ-;- بشروطها الشرعية ومنافذها العقلائية القوية والتي لا يمكن ان تترك مجاﻻ-;- للمشككين ولا تقولا للمرتابين .
و الوضع الذي نعيشه في العراق منذ عشرات السنين شبيه الى حد كبير باﻻ-;-حداث السياسية التي عاشها اﻻ-;-مام الحسن ع في الكوفة ولعل المؤامرات اليومية المكتشفة والمستورة التي تتكالب علينا هي مشابهة الى حد ما الى تلك التي مرت باﻻ-;-مام ع .. فاصنام البعث التي هدمت لازال عبادها يلهجون بحمدها ومدحها وعباءة الطاغوت التي مزقت عن عواتق كهانها وعرابوها يستميت الراتقون يخيطون جوانبها ويروفون فتوقها و صحيح ان ابا سفيانهم ومعاويتهم مضيا الى حيث مضى اجدادهم لكن يزيد وجنوده اليوم ليسوا في الشام بل هم يجولون بين الخيام ينتظرون بروز الحسين ع اليهم ليقتلوه مرة اخرى كما قتلوه قبل 1400 سنة في كربلاء .
بذات المنطق وبنفس الخطى هم اليوم على خطى اجدادهم يسيرون ولانهم يعرفون كيف يقرأوا تاريخ الطغاة فقد ساروا بالعراق مرة على طريقة فرعون واخرى على طريقة نيرون وثالثة على طريقة المماليك والمغول والسلطان العثماني وهتلر فلكل شخصية اوانها ولكل منهج رجاله وهم اليوم يستعيرون منهج معاوية ليهيئوا كل شيء ليزيدهم المتربص .
المشكلة ان حكام العراق الجديد بشتى ميولهم ومذاهبهم واتجاهاتهم لم يدركوا رغم عشرات بل مئات الخناجر المسمومة التي طعنا بها ان اليد التي تغرز الخنجر المسموم في اجسادنا هي يد البعث وان تلونت الخناجر واختلفت .
افهموا ان من باع العراق وارضه وخانكم هم قادة بعثيون حذرناكم منهم اﻻ-;-ف المرات بلا فائدة ..، وافهموا ان من دعم القاعدة هم البعثيون لاغيرهم ومن احتضن اﻻ-;-رهاب هم البعثيون انفسهم ومن خرب مؤسسات الدولة هم البعثيون ذاتهم ومن يستبيح اﻻ-;-عراض والدماء كل يوم هم حثالة البعث الساقطة ومن خرب التعليم ومن شوه سماحة الدين ومن يدفع الرشا ومن يدعم اﻻ-;-علام اﻻ-;-سود ومن ينتقص من كرامة العراقي ومن يحرض على الفساد هم البعث والبعثيون اﻻ-;- تفهمون ؟!
اﻻ-;-مام الحسن عليه السلام قبل ان يصالح معاوية بعد كل الخراب الذي حل بما حول اﻻ-;-مام وقف ليقول
( كأني أنظر إلى أبنائكم واقفين على أبواب أبنائهم، يستسقونهم ويستطعمونهم بما جعله الله لهم فلا يسقون ولا يطعمون، والله لو وجدت صابرين عارفين بحقي غير منكرين ما سلَّمت له هذا الأمر لأنه محرم على بني أمية فأُفٍّ وترحاً يا عبيد الدنيا.)
ملقيا حجته على من لا عهد له ولا دين وممن ارتضى بذل العيش ومراره على يد الطغاه كما اخبرهم اﻻ-;-مام .. فما كان من القوم كعادتهم وهم من الف الخنوع والذلة والخضوع اﻻ-;- ان خذلوه وتخلوا عن نصرته بل منهم من اعتدى على شخصه المقدس ع .. فكان قبول اﻻ-;-مام بالصلح نتيجة طبيعية لما احاطت به الظروف الموضوعية من خيانات زعماء القوم ورؤوساء القبائل من جهة وتهاون وتخاذل القاعدة الشعبية من جهة اخرى .
ان الواقع اليوم يشير الى وجود تشابه يلفت النظر بين تلك اﻻ-;-حداث الماضية وما تشهده الساحة السياسية العراقية الحالية فقد كانت القيادات الميدانية التي تدير اﻻ-;-مور الادارية والعسكرية في الجزء الشرعي من الدولة اﻻ-;-سلامية التي يقودها اﻻ-;-مام الحسن ع باعتباره اميرا للمؤمنين لها خيوط ارتباط واتصال مشبوهة مع الجزء اللاشرعي من رئاسة الدولة اﻻ-;-سلامية التي كان يرأسها معاوية وهي ذات القيادات والرئاسات العشائرية واﻻ-;-قطاعية التي تخاذلت عن نصرة الخلافة الشرعية التي كان يمثلها اﻻ-;-مام علي ع والمتهمة بالعمالة الى المعسكر المعادي لدولة اﻻ-;-مامة العلوية وتكشف لنا حقائق التاريخ فساد تلك الزعامات وتلقيها الرشى والوعود بالمناصب والامارات وهي التي فقدت تلك اﻻ-;-متيازات السلطوية والمادية والمعنوية الموروثة لعقود سبقت مجيء العدالة اﻻ-;-جتماعية والميزان الحساس الذي نصبه علي ع لتفقد في دولته اعتبارات مهمة جدا كانت تتمتع بها سابقا
والناظر الى اﻻ-;-مر بتمعن يدرك ان اﻻ-;-مام الحسن ع كان يدرك خطورة ما وصل اليه الحال بعد تكشف المؤامرة وتشابك خيوطها من حوله لكنه رغم ذلك لم يعط لمعسكر اعداءه مايريدون من طلب الصلح اﻻ-;- بعد ان توجه الى القاعدة الشعبية التي تتبعه ولم يعقد صلحه مع معاوية اﻻ-;- بعد التيقن بانه لانصير طبيعي معه اﻻ-;- القلة القليلة ممن لا تقوى على مجابهة جيش معاوية وقواته العسكرية الجرارة .
ولان التاريخ هو عقل وضمير اﻻ-;-مة فلابد لنا من استحضار حقائقه وعبره امام حركتنا وانطلاقاتنا باتجاه الحاضر كي نستشرف بعضا من توقعات المستقبل وكي نتلافى الوقوع في المحذور من المنزلق القادم ...
فحين نرضخ الى المطالبات المشبوهة لالغاء قانون "اجتثاث البعث " علينا ان نسترجع التاريخ اﻻ-;-سود والدامي والمظلم لهذه المافيا المجرمة وما خلفته فينا وفي المنطقة من كوارث واﻻ-;-م وجرائم وعلينا ان نفهم ان كل ماجرى ويجري اﻻ-;-ن سواءا في الساحة اﻻ-;-منية والعسكرية والسياسية واﻻ-;-جتماعية العراقية وما يختلق من ازمات يومية مريرة اسبابها ائتماننا للخونة وتغاضينا عن تاريخهم المرتبط بزمن اﻻ-;-صنام المهدمة واحتضاننا تماهلا واهماﻻ-;- منا للمنافقين والمهتزين والموتورين ... وان كل اﻻ-;-حداث الجسيمة والزلازل الضخمة التي هزتنا انما هي من صنيعة اولئك لجرنا راضخين نحو مصالحتهم والغاء قانون اجتثاثهم الذي لم يعدل من اوكلت اليه مهمة تطبيقه فاستثنى هذا وسامح ذاك وغض النظر عن اولئك ...
ربما يمكننا القبول باعذار من يعتذر بان الوضع المتازم الذي نعيشه يستوجب منا حلحلة اﻻ-;-مور وفق هذا المبتنى فالمجتثون لن يهدأوا اﻻ-;- باعادتهم الى مميزاتهم وامتيازاتهم الواسعة المفقودة لو كانت قواعدنا الشعبية تخلت عن من يمثلها او تهاونت في مقاومة اعداءها من الخونة والمنافقين او انبطحت امام قطار الموت الدامي المتفجر في اجسادها كل يوم ... لكن الواقع المبهر ان ابناء ضحايا جرائم البعث واذنابه وحواضنه ومريديه من "ولد الخايبة "يقاتلون دون تردد كل القوى التي يحشرها البعث بمسمياته العديدة والمتلونة بشتى اﻻ-;-لوان لانهم لازالوا مؤمنين بان ابا سفيان ومعاوية البعث لن يخلفوا من وراءهم اﻻ-;- "يزيد جديد " وسيفعل بهم وبابناءهم ان صالحناه كما فعل يزيد بابناء الكوفة واحفادهم قبل اربعة عشر قرنا وسيجدون ذات ما وجد من تخلى عن نصرة اﻻ-;-مام الحسن ع ماوعدهم امامهم من ذل ومهانة حين ارتضوا مهادنة وقبول الباطل على حساب الكرامة والعدل
فالعذر مردود واﻻ-;-عتذار مرفوض ولن يقبل اﻻ-;-حرار ان تزكم انوفنا قذارة البعث مرة اخرى ومهما كان الثمن .

رياض ابو رغيف








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلينكن مصمم على التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار بين حماس وإسر


.. شبح الحرب يخيم على جبهة لبنان| #الظهيرة




.. ماهي وضعية النوم الخاصة بك؟| #الصباح


.. غارات إسرائيلية تستهدف كفركلا وميس الجبل جنوب لبنان| #الظهير




.. إسرائيل منعت أكثر من 225 ألف عامل فلسطيني من الوصول لأماكن ع