الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


منتدى دافوس صورة مقلوبة عن الانحطاط الرأسمالي

جورج حداد

2015 / 1 / 29
العولمة وتطورات العالم المعاصر


دافوس هو منتجع شتوي في سويسرا. و"منتدى دافوس" هو تسمية مجازية (إعلامية) للمنتدى الاقتصادي العالمي World Economic Forum (WEF) الذي انعقد لأول مرة في جنيف بسويسرا سنة 1971، بمبادرة من كلاوس شْواب (بالالمانية Klaus Schwab) وهو عالم اقتصاد سويسراني، ألماني الأصل، ويعتبر مؤسس ورئيس "المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس". قد حمل المنتدى اسم منتجع "دافوس" بعد ان صارت اجتماعاته الدورية السنوية تنعقد هناك.

وتنعقد الاجتماعات الدورية لمنتدى دافوس كل سنة عادة في أواخر شهر كانون الثاني ـ أوائل شهر شباط. وقد انعقد هذه السنة في 21 ـ 24 كانون الثاني 2015.
منتدى "النخبة" العالمية
ويحضر المنتدى خليط من نخبة المجتمع الرأسمالي العالمي من شتى الدول، وبالأخص من الدول الغنية في الكتلة الغربية، ويتضمن هذا الخليط أبرز رجال الاعمال، والبنوك، والصف الأول من رجال السياسة، وقادة الدول، ومليارديرات التكنولوجيا العصرية، ونجوم موسيقى البوب، والاقتصاديين الحائزين على جائزة نوبل، ومشاهير الاعلام والصحافة. وكان في عداد الحضور هذه السنة المستشارة الألمانية انجيلا ميركيل، التي عرضت رؤيتها للانكماش والازمة الوشيكة في منطقة اليورو، والأمير البريطاني اندرو، والمرشح الرئاسي السابق في اميركا آل غور، والكاتب والمنتج الأميركي فاريل ويليامز الذي عرض نظريته المثيرة للجدل حول "الخطوط المشوشة".
المنتدى يتحول الى "شوو" سنوي للاميركيين
ان الاجتماع الأول للمنتدى الاقتصادي العالمي الذي عقد في جنيف سنة 1971 حضره 444 مدعوا.
اما هذه السنة فكان عدد المدعوين 2500 مدعو، ربعهم اميركيون، و10% منهم انجليز. وهذا وحده يعطي فكرة واضحة عن التوجه الأساسي للمنتدى.
والمنتدى هو مفتوح تماما امام الاعلام العالمي. وهو مناسبة سنوية كبرى للقاءات والمباحثات والصفقات الجانبية بين شتى الأطراف المعنية. ويعرض مشاهير رجالات السياسة والاعمال والاعلام و"الفن" رؤاهم و"وصفاتهم" لمجريات السياسة والاقتصاد والمناخ والعلوم والفنون، العالمية، وللمشكلات المزمنة والطارئة في العالم، طبعا من وجهة نظر اقلية الأقلية من اغنى اغنياء العالم.
الغائب "الوحيد" عن المنتدى
في حين ان هذا المنتدى المسمى "عالميا" يغيب عنه تماما 99,99% من سكان الكوكب الأرضي الذين، بالعرق والدماء والدموع، ينتجون كل خيرات العالم.
"السياق" العالمي الجديد
ويستمع المندوبون الى التحليلات التي يقدمها خطباء لامعون وملمعون باسم اللجان الفرعية المخصصة للبحث في مختلف القضايا. وكان الموضوع الرئيسي للمنتدى هذه السنة تحت عنوان "السياق العالمي الجديد" "the new global context"، وهو تعبير "أدبي" مهذب ولطيف للشعار الهتلري القديم، والأميركي (البوشي والاوبامي) الجديد: "النظام العالمي الجديد". أي انه ليس اكثر من "قفاز حريري" للقبضة المتوحشة للفاشودمقراطية الأميركية، التي تقتل أطفال فلسطين بالقنابل الذكية، لمجرد انهم "عرب ومسلمون"، وتقتل المواطنين الأبرياء في شوارع كييف، بهراوات البيسبول، بحضور جو بايدن، وببركة الفاتيكان، لمجرد انهم "روس ـ ارثوذوكس".
الصفقات الكبرى من وراء ظهر الشعوب والحكومات
والى جانب حضور الاجتماعات العامة والتقاط الأفكار الجديدة في الخطب المنمقة، يعطي منتدى دافوس الفرصة لعمالقة الشركات العالمية الكبرى للقاء وتقبـّل التحيات من قبل وزراء المال لمختلف الدول، ورجال البنوك والصحفيين المشهورين، وليعرضوا امامهم مشاريعهم الكبرى التي تقرر مسار الاحداث في العالم للسنوات القادمة.
وسيلة لـ"تحسين أوضاع العالم"
ويدعي المشرفون على منتدى دافوس وممولوه ان الهدف منه هو "تحسين اوضاع العالم". وهي فكرة جيدة. ولكن ليس جميع المشاركين يرون ان دافوس هو قوة تعمل للخير.
ومنذ سنوات فإن عالم السياسة الأميركي المحافظ صاموئيل هنتنغتون، الذي وُصف سنة 2004 بأنه "رجل دافوس"، والذي كان من انصار العولمة، قال: "انهم ينظرون الى الحدود الوطنية بأنها عقبات، ولحسن الحظ فهي تزول، كما ينظرون الى الحكومات الوطنية بأنها من مخلفات الماضي، وان وظيفتها المفيدة الوحيدة هي ان تسهل عمليات العولمة، الخاصة بالنخبة".
"حاميها" حراميها
وبعد سنة واحدة فقط من ازمة 2008 فإن الكثير من السياسيين ورجال البنوك، الذين لعبوا ادوارهم في الازمة، عادوا الى دافوس لتحقيق نتائج جديدة.
ويحاول المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس الان تحسين سمعته. وقد عقدت هذه السنة حلقات بحث عديدة حول عدم المساواة في الدخول، وحول الأديان، وحول مواضيع مختلفة تتعلق بالتحولات الاقتصادية.
ومع ذلك ليس بالضرورة ان يكون الشخص ماركسيا او عضوا في حركة Occupy المعادية للرأسمالية حتى ينظر بارتياب الى منتدى دافوس.
كلاوس شواب لا يزال يقوم بدوره
ولكن كلاوس شواب الذي اصبح في الـ 76 من عمره هو اقل ارتيابا ويعتقد ان منتداه ينبغي ان يعمل "لاجل بعث الثقة بمستقبلنا". وقد تحادث شواب مع انجيلا ميركيل. وخلال وجود ميركيل في دافوس فإن البنك المركزي الأوروبي كان يقوم بضخ مئات مليارات اليورو من اجل انقاذ منطقة اليورو من الانكماش، ومن البطالة في صفوف الشباب التي وصلت الى القمة، ومن النمو الهزيل.
وبالطبع ان العملة الموحدة هي مشروع نخبوي آخر، يتقبله بسرور الكثير من المشاركين في دافوس.
بي بي سي تحذّر
ولكن بي بي سي اذاعت انه خلال انعقاد المنتدى أعلنت دراسة تقول ان المدراء التنفيذيين للشركات الكبرى ينظرون الى الاقتصاد العالمي هذه السنة بأقل من التفاؤل مما في السنة الماضية.
وتشير الدراسة العائدة الى PwC
PricewaterhouseCoopers
(برايس وتر هاووس كوبرز أو PwC تعتبر واحدة من أكبر شركات الخدمات المهنية في العالم) انه بالكاد 37% من قادة البيزنس يعتقدون ان الاقتصاد العالمي سيتحسن سنة 2015، بالمقارنة مع 44% في مطلع السنة الماضية.
ويعلق دينيس نالي مدير PwC بالقول "ان الثقة لدى مختلف المدراء التنفيديين في مختلف البلدان المنتجة للنفط في جميع بلدان العالم هي منخفضة، بسبب الانخفاض الحاد في أسعار النفط.
وقد شارك في دراسة PwC 1300 مدير تنفيذي من 77 بلدا تم استطلاعهم في الثلاثة الاشهر الأخيرة من عام 2014.
و Oxfam تقرع جرس الانذار
هذا وقد اذاعت منظمة Oxfam أوكسفام ( وهي منظمة خيرية عالمية لمكافحة الفقر والامراض وسوء المناخ) دراسة جاء فيها ان 1% فقط من سكان العالم اصبحوا يسيطرون على حوالى 50% من الثروات العالمية. وان 80 شخصا فقط من اغنى اغنياء العالم اصبحوا يملكون ما مجموعه 1.9 تريليون دولار سنة 2014. وتضيف دراسة اوكسفام انه في وقت قريب جدا فإن 1% من السكان سوف يملكون اكثر مما يملكه 99% من سكان الأرض اجمعين.
وتشير الدراسة ان حصة الـ 1% من اغنى اغنياء العالم، كانت تشكل 44% (فقط!) من الثروات العالمية سنة 2009. وان هذه النسبة قد ارتفعت الى 48% في السنة الماضية. واذا استمرت الاتجاهات الاقتصادية على حالتها الراهنة، تتوقع الدراسة ان ترتفع هذه النسبة الى 50% سنة 2016.
وكانت اوكسفام قد أعلنت في منتدى دافوس في السنة الماضية ان 85 شخصا من اغنى اغنياء العالم يمتلكون ثروة تعادل ما يملكه نصف سكان العالم (حوالى 3.5 مليار نسمة).
وخلال سنة واحدة انخفض هذا العدد الى 80 شخصا فقط.
وفي سنة 2010 كان اغنى 80 شخصا في العالم يمتلكون 1.3 تريليون دولار. وفي سنة 2014 ارتفعت ثروة هؤلاء الـ 80 شخصا الى 1.9 تريليون دولار.
وتتقدم اوكسفام ببعض الاقتراحات ذات الطابع الإصلاحي، التي لا تخرج عن نطاق "ترقيع" النظام الرأسمالي القائم.

قـَتـَلة المسيح يحكمون العالم
ولكن بهرجة منتدى دافوس والصورة البائسة التي يقدمها تقرير اوكسفام يؤكدان من حيث يقصدان او لا يقصدان ان المجتمع الذي لا يزال يحكمه منذ 2015 سنة اليهود و"الرومان" الذين بصقوا في وجه "المخلص" وجلدوه وصلبوه على ارض فلسطين، ـ هذا المجتمع لم ينضج بعد لفكرة العدالة الإنسانية، بوجهيها الاجتماعي والسماوي، او هو لا يستحقها!
ــــــــــــــــــــــــــــ
*كاتب لبناني مستقل








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أقوى تعليقات على كابلز وفيديو كليبات مع بدر صالح ????


.. خوارزميات الخداع | #وثائقيات_سكاي




.. من هي وحدة عزيز في حزب الله التي اغتالت إسرائيل قائدها؟


.. رئيس التيار الوطني الحر في لبنان: إسرائيل عاجزة عن دخول حرب




.. مراسلتنا: مقتل قائد -وحدة عزيز- في حزب الله باستهداف سيارته