الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحكومة القادمة في تونس ما بين مسرحية الوزير و ظاهرة الفساد و استحقاقات المرحلة !!

يوسف الحنافي

2015 / 1 / 29
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


الحكومة القادمة ما بين مسرحية الوزيــر و ظاهرة الفساد و استحقاقات المرحلة !!
19 janvier 2015, 15:54
الحكومة القادمة ما بين مسرحيةالوزيــر
و ظاهرة الفساد و استحقاقات المرحلة !!

بوسف الحنافي


صباحالخير يا وطني
فــــاسد.. كم هي معبرة هذه الكلمة كالكثير من كلمات لغتنا التونسية الغنيةبالمفردات الفريدة التي لا مثيل لها في لغات العالم.. يستخدمها الفلاح لوصف الثمارالعفنة التي قد تنشر العفونة والمرض في الثمار الأخرى.. وحين يسأل أحدهم عن أسباب(الحلاقة) لهذا المسؤول أو ذاك، يجيب آخر: “حلقوا له لأنه فــــاسد”… وقد تعودتعلى استخدام هذا التعبير القاسي في وصف من يتبين أنه عديم النخوة وعديم الوفاءوعديم الإحساس بالمسؤولية…
معظم المسؤولين يجلسون على كراسي المسؤولية في يومهم الأول وقدامتلأت صدورهم بالنخوة والاندفاع للقيام بواجباتهم تلبيةً لمتطلبات هذا التكليف،وقد تتعاظم مشاعر الفرحة في نفس الوزير مثلاً حتى يكاد رأسه يرتطم بالسقف لشدةزهوّه بنيله ثقة رئيس حكومته و الشعب منخلال نوايه .. ونرى هذا المسؤول يصرخ فيموظفي مكتبه موبّخاً إن هم أغلقوا بابه في وجه المراجعين.. ويملأ جدرانه بما يخطروما لا يخطر بالبال من لوحات تؤطّر حِكماً وأقوالاً مأثورة حتى لتكاد تشعر أنك فيمدينة أفلاطون الفاضلة…
أكثر ما لفت نظري من بين اللوحات التي رأيتها هنا وهناك، هي واحدةيفضلها معظمهم لـ(تزيين) صدر قاعة مكتبه الشاسع إذ تقول “الأفعال أبلغُ منالأقوال”.. ويكاد المرء يلوم نفسه على الظن السيء حين ينظر إلى هذه اللوحة ويستمعإلى هذا المسؤول يتبرع بشرح خطته للقضاء على الفساد ورفع مستوى الأداء…
وما أن تمضي بضعة أسابيع قليلة حتى نرى بعض هؤلاء المسؤولين (يأكلالفول ويتخلى عن الأصول).. فلا يطول به المقام حتى تصيبه عدوى الغرور ويبدأبالانتفاخ، فتتضخم لديه الـ(أنا).. وقد تظن وأنت تسمعه بعد حين أنه هو من اخترعالأبجدية، وهو من حرّر بيت المقدس، وهو من بنى تونس الجديدة الحديثة…، وكأنما هو الوتد الذي يرتكز عليه سقفالوطن.. و أعمدة الثورة الناعمة ولن يطولبك الوقت حتى تراه وقد تخلّص من لوحات الأقوال المأثورة ليفسح المجال لنشر صورٍعلى جدران المكتب وجدران الممرات المجاورة، يظهر حضرة جنابه في معظمها وقد مدّرقبته ليظهر قريباً من أسياده، حتى لتظن أن يوم سيده لا يكتمل دون أن يتصبّح بهذاالمسؤول قبل قهوة الصباح.. وزوّار مكاتب وزراء الترويكا يشهدون على ما أقول بتواشيح مكاتبهم لصور مقابلاتهم زعمائهم الروحيين .…
بعض هؤلاء المسؤولين يعتقد أنه من سلالة (مشائخ القرن الواحد و العشرينبالمغرب العربي ) ، وأن وجوده في المنصب مهم كالماء والهواء في حياة الوطن..وبعضهم الآخر يكون كالنعجة في بداياته ،ولا يلبث أن يصدّق بعد بعض الوقت أنه أصبح حاجةً وطنية لا يمكن الاستغناء عنها كيلا تتوقف عجلة الحياة في تونس .. أما كيفيكتشف ذلك، فهذه مسألة تتكفل بها جوقة المنافقين والفاسدين المحترفين حوله فيالوزارة أو الولاية أو المؤسسة.. ولا يلبث الوزير أن ينسى قسَمَه ، فتزول عنهأعراض الواجب والنخوة والغيرة على الوطن، ويتخلص من وجع الرأس
ويبدأ هذا المسؤول مشوار النهب والسلب، والتسلط والاستبداد و استضراطالعباد، ومن ثمّ يبدأ بعدها مرحلة التحول من مسؤول عن خدمة الوطن والمواطن إلىمسؤول عن الحفاظ على كرسيّه لأطول مدة ممكنة… وعلى طريقة داروين فإنه يتطور ليصبحمسؤول عن نهب أكبر مبلغ ممكن قبل أن ينكشفأنه مجرد شخص منتفخ بنرجسيته وانتهازيته وأنانيته… وأنه لا يعبأ بما يجري على الساحةطالما لم يصل البلّ إلى ذقنه و لحيته التي حلقها بعد الانتخابات التشريعية و الرئاسية ...
ولا يطول الوقت بهذا المسؤول حتى يرمي كرامته على أقرب مزبلة، منمنطلق الاحتفاظ فقط بما خفّ حمله وغلا ثمنه… وقبل أن ينكشف أمره ويصل البلّ إلىذقنه وتتم الحلاقة له .. يكون قد اعتاد على قلة الوجدان وموت الضمير، ويستمر علىهذا المنوال إلى أن تقع الفأس في الرأس،فينكشف أمره وينقلب عليه سحره وينقصف عمره.…
وقد يتأخر انكشاف أمر بعض المسؤولين الفاسدين… وهنا يتساءل البعض عننوع المعطرا ت التي يستخدمها هؤلاء المسؤولين للتغطية على رائحة الفساد النتنةالتي تفوح منهم لسنوات قبل أن تقع الفأس في الرأس.. ورغم أن رائحتهم تزكم الأنوففقد يمضي زمن طويل قبل أن يكتشف المسؤولون عن هؤلاء المسؤولين أنهم فاسدون وقد خانوا أماناتهم.
وقد درجت العادة، حين ينكشف أمر فساد أحد هؤلاء، فإنه يخاف أن يضطرللعودة إلى (الجرب) الذي كان يعيش فيه قبل المنصب، فيسافر إلى دول أوروبا (ربما للعلاج) أو لإحدى دول الخليج ليأخذ حمام شمس حامي.. وطبعاً يقرر البقاء بعيداً عن الوطن الذياستغنى عن خبرته (وتنكّر) لخدماته الجليلة… وقد يدفع به شعوره بالظلم للتضحيةبوقته (لأهداف وطنية)، فيخضع لدورات لكسب خبرات جديدة كما فعل وزير قطاع صناعة أسبق الذي تقول الأنباء أنه بعد نهب قطاع الطاقةو المناجم و غاز الشيست في تونس خضع لدورة تأهيل في إحدى دول الخليج ليصبح (أمير مؤمنين) على يدالشيخ السلفي الوهابي التكفيري (نبيل العوضي) الذي يقضي الليل والنهار بالدعاءلنصرة إرهابيي الشعانبي المساكين
بعض هؤلاء المسؤولين الذي حُلِقَ لهم ، و رؤساء جمعيات الدفاع عن الإرهابيين ظهرتعليهم أعراض مختلفة نتيجة سقوطهم عن كراسي المسؤولية، فقد أصيبوا بإسهال سياسي وانقلبواإلى معارضين سياسيين أو مشاكسين ، وها هم منذ بداية ثورة 14 جانفي يقضون وقتهم في كتابة مقالات نصح وإرشاد حول كيفيةالاستجابة لمطالب الإرهابيين (السلميين).. ولا يخفى على الوطنيين أن هذا النفّاقأغرق البلاد بعملاء الفكر الوهابيالتكفيري ووظفهم في كافة مفاصل الخدمات الثقافية في تونس عبر منابر الحوار الهابطة و التي لا تدافع عن الوطن .…..
لكن والحق يقال، إن اغلبوزراء الترويكا سابقا أصحاب خبرة في الفساد، ويعرفون تماماً كيف يصنعالفساد في مؤسساتنا الرسمية.. فقد تمكنوا مننهب ملايين الدينارات التي أسسوا بها وبكلوقاحة مع أزلامهم في تونس شركات مختلفة ، وسجلوها بأسماء تجار ومستثمرين معروفين .. وسرقوا ونهبوا منتجات تقدربالملايين، كانت قد وصلت كهدايا من بلدانشقيقة و صديقة و غيرها ...
وهل ننسى انتهازية وزير الصحة الاسبق وركاكة إدارته لوزارة الصحة التي باتت في عهدهالبائس مرتعاً للانتهازيين واللصوص أكثر من ذي قبل، وأصبحت دكاناً تستثمره زبانيته التي تاجرت عبر الوزارة بكل ما يمكن أنتحصل من خلاله على عمولات، خصوصاً الأدوية.. غير عابئة بصحة أو مصلحة الوطنوالمواطن، ناهيك عن المناقصات و الاستثناءات و التعيينات …
وهل ننسى ما فعله وزير التربية ومدير امتحاناته السابق ، ومدير شؤونهالإدارية ،.. ، وهل ننسى ما فعله وزير الاتصالات الأسبق الذي فوت في حصص اتصالات تونس و تونيزيانا التي شغلته لعقود ،
وبالتأكيد لا ننسى ما اقترفه رئيس وزارة العدل البائس ، الذي استبسل في الفساد وتنصيب الفاسدينالمفسدين، من المنتفعين بالعفو التشريعيالمشبوه ، و أقال 82 قاضيا ظلما و بهتانا …
وهل ننسى فساد وانتهازية الوزير الاسيق للداخلية الذي أقال بدوره 47 من خيرة إطارات الداخلية استجابة لنداء نسوان العهر و الفساد .
وهل ننسى فساد وانتهازية الوزير الاسيق للخارجية و فضيحة شيراتون قايت و المليون دينار الصيني و وزيرالتعليم العالي بصرفه غنيمة كبرى لفائدته كتعويض عن الأجور التي لم يستحقها ، و القائمة طويلة .
ولهؤلاء نؤكد أننا أشد استهدافاً للفاسدين الذين هم على رأس السلطةمن أولئك المارقين الذي باتوا خارجها.لقد كتبنا في العديد من المناسبات أن ضوءالشمس لا يمكن حجبه بغربال.. و ان الشجرة لا تحجب الغابة و أن قطارا قد يحجب قطارا آخر. إن هؤلاءالمسؤولين كلهم تونسيون .. ليس بينهمأجنبي.. ومعظمهم تسلّموا مناصبهم وباشروا عملهم تحت قسَم الولاء للوطن.. وتميّزمسؤولوا الصف الأول بأنهم مُنحوا ثقة الشعب للقيام بهذه المهام.. فهل يقبل العقلأي مبررات لممارساتهم اللاوطنية..!! هل يقبل العقل أن يتصرف هؤلاء بالوطن كماتتصرف الخادمة السيريلانكية في مطبخ أسرةٍ خليجية.
إننا نمنح ثقتنا للذين يمنحهم الشعب هذه الثقة ويكلفهم بالمسؤولية في خدمة الوطن،لكننا سنكون عينه الساهرة، ولن نتغاضى عن الخطأ مهما كانت المبررات، ولن نغفل عنمتابعة أداء هؤلاء المسؤولين، لنننسى ما اقترفته أيدي الانتهازيين المتخاذلين والخونة وناهبيّ الوطن الذي تسببوا بإحراقالدم التونسي الطاهر.. لن ننسى دماءشكري بلعيد و الحاج البراهمي و الشهيد لطفي نقض و شهداء الجيش و القطاع الأمني بكل تشكيلاته بالروحية بالشعانبي ببوزيد و بنعون والكاف و غيرها من ترض وطني المجيد وقد أقسمنا قسماً لن نحنث به، أننكون أوفياء لهذا التراب تحت الراية الحمراء لتونس العظيمة.. وكلنا يقين أن قطارالإصلاح سوف يدوس كل من يقف في طريقه.. كما أن الوطن سيحاسب كل الذين أكلوا خيره ووالوا غيره..
إن في تراث مجتمعنا الكثير من الدروس التي يمكن العودة إليها، فقدكان قاضي المدينة يأمر الشرطة بالتجول بالمجرم في المدينة وقد وضعوه على حمارراكباً بالمقلوب، ويسير بقربه المنادي يعلن لسكان المدينة ما اقترفه المجرم بحقالمجتمع… فالتشهير جزء من العقوبة… وهذا أقل ما نبدأ به حملتنا ضد الفساد في تونس …ولن يكون الفاسدون في القطاع الخاص في منأى عن أعيننا.. ولن يسلم من رقابتنا أيمتخاذل حتى لو لم يكن صاحب أي منصب…
لقد اتفق كل مخلص في تونس على أن نظام الرقابة تحول إلى وسيلة للفسادونهب العباد والبلاد.. ونعلم أن شرفاء الوطن تعي هذا الأمر وتعمل على معالجته… والموضع لايحتاج إلى معجزة، فإن في تونس من الكفاءاتالمخلصة الكثير.. وهناك بينهم العديد من الوطنيين الذين يتحقق فيهم شرط الكفاءةوالولاء للوطن ولنهج الثورة.
احتار في أمري عندما اسمع عن الوزير فلان انه أصبح فاسدا و الحال أني اعرف فصله و نسبه و أبوه وجده وقناعاته ، لكني عندما أرى تغبر نمط عيشه فاني استغرب انه بقدرة القادر تحصل النزوات فالنبي يوسف عليه السلام قال انه من فضل الله أن دفع بزوجة العزيز لما همت به و هم بها .
وبانتظار أن يتم وضع نظام فعال للرقابة دون أن يحتاج هو ذاته إلىرقابة، فإننا سنضرب الفاسدين بقسوة.. وسنحقق الإصلاحات والتطوير الوطني على أيديأبناء الوطن..، وكل مسؤول فاسد سنعمل علىفضح ممارساته وعزله ومحاسبته.. ولن نستورد رجالاً (مخلصين) من الصين لتنصيبهم فيمواقع المسؤولية من أجل تحقيق هذه الإصلاحات، فتونس التي صنعت الحضارة الإنسانية و ثورة و الربيعالعربي وصدّرتهم للعالم، فيها من الرجال من يستطيعون إعادةكتابة التاريخ .
على كل حال ، لابد أن يتعظ نداء تونس ، نداء الأمل ،إلى طهارة و نقاوة أعضاء حكومته ، و ترفعهم عن كل شبهة ، لان الشعب لن يرحم ، و ما كان سريا البارحة أضحى في متناول العموم ، و لابدأن يعول هذا الحزب على أبناءه دونغيرهم لتجسيم برنامجه ، و لن يجسمه إلا أبناؤه المخلصين.
تحيا تونس ويحيا شعبنا العظيم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لقاء الرفيق رائد فهمي سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي


.. United Nations - To Your Left: Palestine | كمين الأمم المتحد




.. تغطية خاصة | الشرطة الفرنسية تعتدي على المتظاهرين الداعمين ل


.. فلسطينيون في غزة يشكرون المتظاهرين في الجامعات الأميركية




.. لقاءات قناة الغد الاشتراكي مع المشاركين في مسيرة الاول من اي