الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أحبه الشعب فاغتالته العصابة

رضا عبداللاوي

2015 / 1 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


حين فكرت في كتابة مقال أو مرثية تتعلق بسيد الشهداء وايقونة النضال الرفيق الشهيد شكرى بلعيد بمناسبة إحياء الذكرى الثانية لإغتياله إرتكز فى ذهنى مباشرة المسافة التى توجد دوما بين الكلمات و الأشياء ، بين الألفاظ و الموضوعات ، بين الدال و المدلول ، بل وإسترجعت ماكان يقوله برغسون بأن الكلمات ليست سوى بطاقات ملصقة على الأشياء ، خاصة إذا كانت الكلمات موضوعها هامة من هامات النضال السياسى و النقابى و الحقوقى .كما أن الكتابة حول الشهيد أدخلتنى أيضا قلب المفارقة التالية: واجبى فى الكتابة بمناسبة إحياء الذكرى الأولى لإغتياله من طرف عصابة الموت و القتل وفى نفس الان الخشية من أن لا تقول هذه الكلمات حقيقة الشهيد . لكن ما شجعنى على الكتابة هو اليقين الذى صار عندى من أن خيانة الكلمات أفضل من عدم الكتابة ، فلا مفر عندئذ من المغامرة و المحاولة .

فى قناعتى لم يكن إغتيال الشهيد الرمز صبيحة يوم الإربعاء 06 فيفرى 2013 إلا أغتيالا للوطن من قبل عصابة لا ترتوى إلا بالدماء ، عصابة متكثرة إذ فيها من ضغط على الزناد ، و فيها من خطط ومن دبر ، رهان العصابة –رغم تكثرها- واحد هو إسكات الحقيقة عبر الة الموت ، هو تحويل الحلم الذى كان يسكن الشهيد فى الجمهورية الديمقراطية الإجتماعية الى خيال، جمهورية كثيرا ما حلم بها الشهيد ورأي أن انتفاضة 17 ديسمبر 14 جانفى دال على تحققها وعلى ضرورتها ، أنها جمهورية الإحتكام للشعب وجعله سيدا على قراره وثروته ، جمهورية يزول فيها الحيف الإجتماعى و تكون فيها تونس – التى عشقها الشهيد كثيرا- لكل أبنائها وبناتها .... جمهورية جديدة تكون سباقة الى فرز أعدائها من صهاينة ومؤسسات بنكية نهابة . . ماكان للقتلة إلا ان يفزعهم هذا الحلم الجميل وهذه الضرورة التاريخية – التى اراد الشهيد بحكم تبنيه للفكر الماركسى اللينينى – أن يعجل بقايمها لذلك اتجه إلى كل المناطق ملتصقا بجماهير شعبه مبشرا بجنته الاتية فى الارض لا فى السماء . لقد كان للشهيد مشروعا سياسيا يعبر عنه موقعه السياسى فى حزب الوطد الموحد ، ومشروعا حقوقيا يعبر عنه الانتماء الى المحاماة ..ومشروعا ثقافيا يعبر عنه من خلال مقاومته لثقافة الجهل و العنف و الهروب إلى القرون الغابرة لذلك تجده منددا بثقافة دعاة الجهل و الفتنة" الفاتحين الجدد" باشراف حكومة تراهن على تعميم الجهل بواسطتهم والتى من تبعاتها الاعتداءات المتكررة على ماكان يسميه" نخب البلاد" من مسرحيين وسينيمائيين و شعراء أو عموم المبدعين .. كان الشهيد يعتبر أن ذلك هو الإنحراف عن المسار الثورى وتوجيهها الى أهداف ليست هي هي التى إندلعت من أجلها ذات 17 ديسمبر من سنة 2010 .... ماكان للقتلة أن ينسوا تعريتهم أمام جماهير الشعب المفقر و المهمش حيث صاروا عراة رغم القرون الكثيرة التى يختفون ورائها ، ورغم خطابهم الملتحف بالدين و الهوية الكاذبة. لقد كان الشهيد ثقيلا على هؤلاء الأشباح المقيمين فى كهوف القرون الوسطى لذلك إستهدفوه ذات إربعاء ... ماكان ايضا لمهندسى القتل أن ينسوا نضال الشهيد ومقارعته للإستبداد النوفمبرى ووقوفه إلى جانب إنتفاضة المهمشين بالحوض المنجمى سنة 2008 يوم فر وزير عدل حكومة الإلتفاف على الثورة – كما كان الشهيد يسميها- من قاعة جلسة المحاكمة عند سماعه مرافعة الشهيد على قيادى الإنتفاضة حين حول المحاكمة الى محاكمة للقضاة كاشفا على أنهم بيادق يحركهم الديكتاتور و يصدر من خلالهم أحكامه فى مشهد يعيدك الى سقراط حين جول قضاته الى متهمين . يعرف القتلة ثقافة الشهيد ومبدئيته وإنحيازه لعموم الشعب ، يعرفون تماما انه لا يساوم و لا يهادن ، يعرفون أنه فى حجم عمالقة الكون ويعرفون" خطر" برنامجه و رهاناته فهو الذى وحد فصائل الوطد وهو من القلائل الذين بادروا بتاسيس جبهة لسائر شعبه وهو الذى يدفع بإلتقاء كل اليسار فى / الحزب اليسارى الكبير/ الذى اعلن عنه فى أول إجتماع للجبهة الشعبية بقصر المؤتمرات بتونس العاصمة .

ماذا يقول القتلة فى رسالتهم المشؤومة هذه: يقولون بوضوح إياكم و الكلام عن الحرية ، إياكم و الحديث عن الإختلاف و التنوع ،إياكم و الحديث عن التنوير ... إياكم و الحديث عن إمامة العقل، إياكم الحديث عن الربيع و الزهور و الأمل... ،إياكم الحديث عن الجمهورية الديمقراطية الإجتماعية . لذلك لم يكن إغتياله عشوائيا ، لقد عرفوه جيدا وترقبوه ولاحقوه ، كانوا يخشون منه أكثر من كل شيئ – كما فعلوا مع الحلاج و الحسين ومهدى عامل وحسين مروة ... أرادوا إسكاته إلى الأبد ، قتلوه خوفا من إنفضاح أسرار ظلاميتهم و عمالتهم و تخلفهم و لصوصيتهم ، خوفا من تونس أخرى جديدة كانت دوما ممكنة فى فكر الشهيد وفى برنامج حزبه وجبهته، تونس التى تحوى مائة زهرة وزهرة متنوعة و مختلفة كما كان يقول دوما .

لقد عرف الشهيد قتلته و أشار إليهم بإصبعه قبل أن يناله غدرهم ، لذلك سعى على عجل قبل إستشهاده إلى ضرورة تنظيم مؤتمر وطنى لمناهضة العنف لذلك أيضا كان صارما فى حث التونسيين الى عدم الإنجراروراء مربع العنف ، كان يعرف أن الحزب الحاكم هو مهندس العنف ومنظمه وهو الذى خبرهم طويلا ايام الجامعة كان يعرف/ غاندى / الوطن أن المقاومة السلمية المدنية الجماهيرية الواسعة هي الطريق الملكى لإنجاح ثورة كثر عدد المتربصين بها داخليا و خارجيا ، كان يعرف أن حكومة بلا برنامج وعميلة لدوائر الاستعمار ألا تتوانى فى ممارسة العنف وجر الشعب اليه للبقاء فى الحكم كان يعرف أن هذه الحكومة ليست حكومة التونسيين و التونسيات بل هي" حكومة قطر" كم كان يحلو له أن يسميها . كان الشهيد أيضا يعرف أن حركة النهضة ليست فى الأصل الا حركة معادية للوطن و الشعب ، كان يعرف أن هذه الحركة لا مشروع لها لذلك ستدفع بالعنف إلى أقصاه ...كان يعرف تماما أن هذه الحركة هي ذراع الامبريالية فى الوطن وأن مهمتها محددة سلفا وهي تخريب الوطن وإجهاض ثورته .. ويقينى أن الشهيد كان يعلم ما سيقع له لذلك مضى إلى النضال غير مكترث بغدرهم وهذه هي سمة من سمات الكبار الذين لا يعنيهم الموت لان الموت فى ذهنه هو انبعاث جديد : انبعاث فى قلوب الجماهير المفقرة و المهمشة ،انبعاث فى تاريخ الوطن .. كان يعلم أيضا أن الحرية ليست مطلبا وانما هي فعل ومهمة تمارس فى كل لجظة وحين وأن لها ضريبة فترجل نحوها ككل العمالقة . لهذا كله أحبه الشعب وإغتالته العصابة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مطعم للطاكوس يحصل على نجمة في دليل ميشلان للمطاعم الراقية


.. فاغنر تتكاثر في ليبيا وتربط بين مناطق انتشارها من السودان إل




.. الاستئناف يؤكد سَجن الغنوشي 3 سنوات • فرانس 24 / FRANCE 24


.. روسيا تتقدم في خاركيف وتكشف عن خطة لإنشاء -منطقة عازلة- |#غر




.. تصعيد غير مسبوق بين حزب الله وإسرائيل...أسلحة جديدة تدخل الم