الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لم يكن إلا هو .

رضا عبداللاوي

2015 / 1 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


لم يكن يحمل كفنه ذاك الذى ظهر على شاشة التلفاز متوعدا و منتصرا لحماية رسالته كأنه صاحب دين جديد، بل كان يحمل أكفان الشهداء الذين أعطى بتلك الاشارة وبمباركة دولة أنصاره ممثلة فى رأس الحكومة وفى شيخها القادم من خلف البحار مبشرا بفتح جديد .

- لم يكن الشهيد يخطئ فهم الرسالة ولكنه لم يكن ليغفل عن رسالته الثقافية و الاجتماعية و الحقوقية و السياسية ... أمام هذا المد الجاهل لألوان القرن الثانى الذى لم تستطع الثورات التى حدثت فبه أن تنجح فى أخذ مكانها عندما قرأها الخلف الطالح .

- لم يكن الشهيد ليبالى كثيرا بحياته وليقبل حماية من قاتليه ، لم يكن الموت نهاية لمشواره الطويل، فالخلود على بعد مترين من مسافة عدد الرصاصات و حلق طائره .

- لم يكن رمضان سنة 1988 لما إلتقيته و أنا على مقعد التعليم الثانوى وهو طالب بالجامعة أثناء المؤتمر الثامن عشر للإتحاد العام لطلبة تونس، لم يكن ليحجب عنا تلك الهامة الهائلة لشهيد سيظل ينمو الى زمن كان مستبعدا.

- لم يكن دينا ما كان يدعو إاليه ولكنهم أشعلوا ضده كل مراجعهم الثأرية المتناسلة من أزمن الشواء الادمى منذ ابن المقفع وبواكير الإصلاح الأولى، لم يكن الحلاج سوى الشهيد مع إختلاف فى ترقيم الأعوام و القرون .

- لم يكن كاذبا عندما وصف "شيخهم" " شيخ الكذابين" لذلك تحديدا قتلوه ، لم يكن مخطأ عندما وحد اليسار لذلك قتلوه... لم يكن حالما عندما أسس جبهة لسائر شعبه لذلك قتلوه .. لم يكن يحلم إلا بحزب اليسار الكبير الذى وعد به شعبه لذلك إغتالوه .... كان يعلم أنه لا يجادل بل كان أعزل فى ساحة حرب كماتها أشباح ... كان يعلم من قتل أسراب الشهداء من قبل منذ حسين مروة ومهدى عامل وغسان كنفانى أبو جهاد أبو على مصطفى ... إلى من سيكون شهيدا بعده من ساسة يقودها مذهب موغل فى العماء .

عندما كان يقرأ وصايا الشهيد فى شعر محمود درويش كان يعلم أنه أخ الشهيد الذى كان ينعاه شاعر ورابطه به دمه الواضح. كان يعلم عندما قرأ محنة إبن رشد منقولا على جمل وهو رفات مع فكره أنه صنوه فى إغتراب المعانى و طول طريق الحقيقة فى المحرقة ... كان يعلم وجه قاتله قبل أن يقتله . كان يعلم تفاصيل أفكار قاتله وتفاصيل ملامح ثمن دمنه المهدر فى الأفق .

- لم يكن من المنظرين لأن يجنى من السماء ثمار ما كان يزرع فى التراب مثلما كان يعتقد قاتلوه وفاز بما لم يفوزوا به : جناتهم الرائعة

- لم يكن أبتر كل ما أنجبت تونس إبنه

فى إنتظار الشهادة كان مع كل شيئ يشير إلى بهجة فى الحياة .. فى إنتظار الشهادة كان يزرع الحب فى كل بيت وفى كل ركن حياة .. فى إنتظار الشهادة كان يغنى و يرحل مبتسما فى ألوف الجهات ...فى إنتظار الشهادة كان يمشى مع النخل و البرتقال وكان يعد طيور السماء التى ستلقاه حتما إذا إنتصر ظلمهم وعاد به جناح كليل إلى حلمه الناصع فى السماء .

فى إنتظار الشهادة لم يكن غير سقراط حين واجه الموت من سجنه ... فى إنتظار الشهادة ، فى إنتظار الحياة لم يكن مثلهم واقفا فوق عصر قديم أولوا تفاصيله غدرا و تصفية لمن لا يرى مثلهم ويرى وجههم قادما من قبور رفات . قاتلوه حلمهم موته ما أعظمه ، قاتلوه حلمهم قبره ما أعظمه ، قاتلوه عندما قتلوه رصاصاتهم أجبن من دمه ما أعظمه ....

- لم يكن إلا هو جديرا منذ بداية عمره الا أن يكون الشهيد البطل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ريفايفل: ألبوم جديد يسعى إلى السعادة • فرانس 24 / FRANCE 24


.. كأس أمم أوروبا: منتخب البرتغال يفتتح منافساته بمواجهة مع تشي




.. كأس أمم أوروبا: منتخب سلوفاكيا يحقق انتصارا مفاجئا على نظيره


.. كأس أمم أوروبا: رومانيا تسحق أوكرانيا بثلاثية نظيفة




.. شاهد كيف أدى قرار عائلة إلى إنقاذ طفل حديث الولادة