الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عبد الباري عطوان في هيستيريا وهذيان

جان كورد

2005 / 9 / 12
الصحافة والاعلام


نشر عبد الباري عطون مؤخرا في "القدس العربي" التي يترأس تحريرها مقالا آخر حول العراق، وكأني به في حالة هذيان مستديمة وهستيريا منذ سقوط "مجاهده الأكبر" الطاغية صدام حسين وتماثيله العملاقة، والقابع حاليا في السجن منظرا بقلق محاكمته التاريخية ومن ثم إعدامه بسبب ما ارتكبه نظامه الدموي من مجازر جماعية لابد وأن اعتبرها عبد الباري عطوان أيقونات حضارية على جبين الأمة العربية، مثلما مدح مرة قصور فرعون العصر هذا.. وبذلك تنتهي أسطورة أخرى من أساطير كبار مجرمي التاريخ البشري، ولربما يذرف عليه عبد الباري عطوان "الفلسطيني" ومصطفى البكري "المصري" وأمثالهما دموعا ساخنة، في حين لم تلمس قلبهما كما يبدو فاجعة جسر الأئمة التي راح عليها ضحية الإرهاب المتفشي في العراق أكثر من 1000 إنسان عراقي معظمهم من النساء والأطفال.
يبدو أن عبد الباري عطوان لا يعلم شيئا كثيرا عن تاريخ العراق وحقيقته حتى يصفه بالعراق العربي وبأنه بكليته جزء من الأمة العربية، ويتهم زعماء الكورد ورئيس جمهورية العراق خاصة (الأستاذ جلال الطالباني) الذي اختاره برلمان عراقي منتخب كأول رئيس كوردي للعراق منذ معركة "القادسية" وإلى اليوم...
فكلمة "العراق" تعريب لإسم (إيراك) الذي يعني "بلاد الآريين" ومثلها "إيران" ، وإسم العاصمة العراقية (بغداد) تعريب أيضا لإسم أعجمي ومعناه "هبة الله" ، واستخدم المؤرخون العرب على الدوام مصطلحين ، هما "العراق العربي" و "العراق العجمي" ومقصود بالعجمي "اقليم كوردستان العراق"... ولماذا "كوردستان العراق"؟ لأن هناك كوردستانات أخرى في دول مجاورة للعراق... وسمى العرب انتصارهم في بلاد الشام والعراق بإسم "فتوحات" لا "تحرير" لأن هذه البلاد لم تكن في بداية "الفتح الإسلامي!" بلادا عربية "محتلة" وإنما كانت هناك أقوام أخرى تعيش فيها ، ومنهم البابليون، الآشوريون، الكلدانيون، الكورد، الفرس، الأرمن وغيرهم من خلق الله. طبعا كان هناك في الأطراف الجنوبية منها عرب أيضا، ولا أحد ينكر ذلك، إلا أنها لم تكن بلادا عربية أصيلة كالحجاز واليمن.. ولاأدري هل سمع عبد الباري عطوان عن الأقوام المستعربة أم لا....
لقد اعترف - ياسيد عطوان التكريتي- صدامك الجبار القهار (وأعني به فأر الجحر الشهير) بالحكم الذاتي لمنطقة كوردستان العراق في اتفاقية تاريخية تدعى "اتفاقية آذار لعام 1970" وآنذاك لم تكن هناك أمريكا في العراق، وتلك الاتفاقية تؤكد على التعايش التاريخي بين الشعبي العربي – الكوردي منذ فجر التاريخ ، ليس على سطح القمر وإنما في العراق نفسه، وهذا يعني أن صدام حسين كان يعترف أيضا بوجود كوردستان العراق، ولقد احتفل الشعب العراقي آنذاك من الجنوب إلى الشمال بتلك الاتفاقية.. ولكن العروبيين من أمثالك كانوا في ذلك الوقت أيضا ضد "خيانة صدام للأمة العربية!" فهل بنظرك كان موقفهم صحيحا أم لا؟ وهل تؤيد حق تقرير المصير للأمة الكوردية التي تزيد تعداد ومساحة بلاد عن فلسطينك عشرات المرات أم لا؟ وهل يجب استثناء الكورد من هذا الحق دوليا؟ ...
تقول يا أستاذ عطوان بأن الدول العربية لاتعترف بالحكومة العراقية لأن العراق محتل ولايستطيع العرب تجاهل المعايير الدولية بهذا الشأن . هذا تفسير جيد. ولكن كيف اعترفت تلك الدول ذاتها بدولتك الفلسطينية من قبل؟ هل فلسطين محررة وغير محتلة؟ أم أن لديك معايير أخرى في وضعك القومي الخاص ، كما الطورانيون الترك يطالبون بمدارس تركية في ألمانيا ولكنهم في نفس الوقت ضد المدارس الكوردية!!! هل في جوفك قلبان؟ فتبرر عدم اعتراف الدول العربية بحكومة شكلها برلمان عراقي منتخب بتبريرات كهذه وتغمض عينيك على كل الحكومات العربية الأخرى التي في معظمها من تكليف دكتاتوريين لم ينتخبوا أصلا؟... أهكذا يكون المثقف العربي المتنور؟...
أنت تتهم الحاكمين في العراق بأنهم لصوص ومجرمون، وتعتبر اللص الأكبر في تاريخ العراق مجاهدا أكبر. صدام حسين لم ينتخب في يوم من الأيام انتخابا نزيها وحرا فقبلت به وبنظامه الدموي لأنه كان يغدق على الفلسطينيين ومثقفيهم بالدينار والدولار، وتتهم العراقيين الذين أسقطوه ورموا به في السجن باللصوص المجرمين لأنهم قطعوا هذه الأرزاق عنكم ... ألا تحترم ثمانية ملايين ناخب توجهوا إلى صناديق الاقتراع وتحتقر قرارهم بتكليف رئيس لجمهوريتهم ورئيس لوزرائهم ، أحدهما من شمال البلاد والآخر من جنوبه ، ولكل منهما نواب من وسط العراق.. ماذا كنت ستفعل بدلا عن العراقيين؟ هل كنت ستخرج صدام حسين وزبانيته الذين فتكوا بمئات الألوف ليستمر تدفق المال على زعماء شعبك الذين أكد العالم على أن كثيرين منهم سرقوا أموال الشعب الفلسطيني والمعونات العربية والدولية سنين طويلة؟
أنت تحمل بين طيات قلبك حقدا لامثيل له تجاه رئيس اقليم كوردستان العراق السيد مسعود البارزاني وتتهمه بالعمل من أجل تقسيم العراق ، وهو الآن يقوم بدور الوسيط بين سنة العراق وشيعته، ولو أراد تقسيم العراق لتحقق ذلك منذ عام 1991 عندما كان صدامك المهزوم في حرب الكويت أسير قفصه البغدادي، غير قادر على القيام بأي مغامرة جديدة في كوردستان. وتزأر متألما لأن كورديا يحكم العراق ..فهل ترى في العراق اليوم من هو أجدر من الأستاذ جلال الطالباني الذي دخل معترك السياسة العراقية منذ خمسينات القرن الماضي ويحمل شهادة الدكتوراه في القانون، وله رهط كبير من المؤيديين الذين يحتاج إليهم كل زعيم في مثل وضعه ، وتأتمر بأمره قوات عسكرية ضخمة وإعلام ناجح وحزبيون متمرسون في النضال وله شبكة علاقات واسعة تشمل أحزابا ومؤسسات وقوى وشخصيات، ليس في العراق فحسب وانما في العالم كله، ويتمتع بصداقة مع كثيرين من زعماء العرب وسياسييهم... فماذا تريد؟ وهو الذي ناضل طوال عراقه من أجل صون وحدة العراق الوطنية وسعى للاتفاق مع النظام في كل فرصة سانحة وتنازل عن حقوق كثيرة للأكراد من أجل أن ينتصر العراق كوطن مشترك للعرب والكورد وكل الآخرين.. وهو ليس بالطائفي الضيق التفكير، ولا بالاشتراكي المتعنت ولا بالقومي العنصري... أفلا يكفي هذا ياعطوان؟ وهل زعماؤك ، أصحاب العقالات والخيول والطبول، بأفضل من الأستاذ جلال الطالباني الذي لايختلف اثنان على أنه سياسي عصري ومحنك وقادر على توحيد العراقيين، لمجرد أنهم عرب والطالباني كوردي. لقد حكم العرب الكورد أكثر من ألف سنة فلم نقل شيئا، واليوم يحكم كوردي العرب لمدة سنة أو أقل فلا تقبلون؟ أهذه هي الإخوة الإسلامية التي تحدثتم إلينا عنها؟ العرب دائما فوق والكورد دائما تحت؟...
عبد الباري عطوان يحترق كمدا لأن الأمريكان يحتلون العراق والكورد يساعدونهم في البقاء... ولكن يا أستاذي الكريم من جلب الأمريكان للكويت، هل الأكراد فعلوا ذلك؟ ومن قاتل معهم لطرد صدام حسين منها؟ .. ومن وقع معه "اتفاقية خيمة صفوان" التي تعتبر مذلة ومهانة للعرب؟ هل كانوا أكرادا؟..هل نسيت محاولات صدام اليائسة لكسب ود الأمريكان والأوربيين واستعداده لقبول كل ما يطلبونه. ألم تطلب المعارضة العربية الديموقراطية والوطنية من أمريكا اسقاط النظام الصدامي التكريتي العطواني؟ طبعا الزرقاوييون الأردنيون الذين كانوا يتوقعون بأن يسلمهم الأمريكان حكم العراق كما فعل الانجليز في عشرينات القرن الماضي والبعثيون الذين صار لكل واحد منهم لحية بنلادنية فجأة مستعدون اليوم أن يحرقوا كل العراق، فالعراق ليس ملكا للشيعة والأكراد وغيرهما، بل هو ارث تكريتي فلوجي وسني فقط، وماعدا السنة ليس هناك عراقيون... وهناك أكثرية واحدة يتمتع بها من يرتدي حزاما ويدخل حسينية شيعية أو مقرا كورديا في عيد الأضحى ويفجر جزءا من العراق مع نفسه...
العراق كان صغيرا ومقسما وضعيفا في عهد صدام المجرم والعطاونة الذين كانوا يطبلون ويزمرون له، وأصبح اليوم كبيرا وموحدا وقويا في ظل رئيسه الأستاذ جلال الطالباني الذي كتب ودافع عن فلسطين والوحدة العربية والتعايش العربي – الكوردي أكثر من خمسين سنة ، حتى سماه بعض الكورد تندرا بجلال العرب....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كاتس: تركيا رفعت العديد من القيود التجارية المفروضة على إسرا


.. واشنطن تفتح جبهة جديدة في حربها التجارية مع الصين عنوانها ا




.. إصابة مراسلنا في غزة حازم البنا وحالته مستقرة


.. فريق أمني مصري يتقصّى ملابسات حادث مقتل رجل أعمال إسرائيلي ف




.. نزوح الأهالي في رفح تحت القصف المستمر