الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المثقفين العرب وحديث الغاشية

كمال شاهين

2005 / 9 / 12
الادب والفن


ولطالما تحدث جاك بيرك المستشرق الفرنسي المتعاطف مع العرب ـ أي نحن ـ أن لماذا لا ندخل العصر مع أنه لا ينقصنا لا التاريخ ولا الجغرافيا ولا النفط ؟؟ ويضيف في تساؤلاته أن الحصان العربي طالت كبوته ، و السؤال : هل يعرف جاك بيرك أن أجود أنواع الأحصنة العربية تربى في سويسرا ؟؟
هل وصلنا في علاقتنا مع العالم إلى طريق مسدود لندخل في جدل حول القفز فوق الانهيار أم أننا مجدداً ندخل "حروب الكلام " بتعبير الفيلسوف العربي محمد أرغون ؟
حروب الكلام النظرية التي بالأمس كانت طاغية على الأشياء ، تحيل بهائها ضباباً رمادياً يلقي هو الآخر ظلالاً أشد رمادية على كل تفاصيل الحياة اليومية ، أمس كانت الأشياء تحمل وثيقة دفاع نظري عن رماد الحياة ، فتحيل كل محاولة للاخضرار إلى مجرد فلاحة في البحر كل خطوة فيها تحكم عليك بالغرق .
أمس كانت المرحلة ـ وهو اصطلاح أدرج قسراً في عالم الثقافة ـ ترتدي ثياباً حريرية براقة من قبيل التحرر والديمقراطية ، وتدعي فضلاً على المثقفين أليست هي التي تستر عوراتهم من أن تبين ؟؟
واليوم ماذا يجري ؟؟؟ هل تنتبهون إلى تحولات المثقفين العرب بعد احتلال العراق وكيف تتسابق طلائعهم إلى استوديوهات قناة الحرة التي أسستها المخابرات الأميركية تشكي وتبكي غياب الديمقراطية والحرية والعدالة والـ.... ؟؟ واليوم تنفجر براكين الأسئلة وتتساقط حممها على الرؤوس بلا استثناء : لماذا يحصل هذا ؟ وكيف نداري الهلاك بالاستهلاك ؟؟ أين ستصبح الثقافة في زمن الاغتراب الذاتي والموضوعي ؟؟ لماذا مثقفنا شارد في دنيا الخيال ؟؟ يريد أن يبرهن على عبثية حياته ؟؟ لماذا يريد أن يبرهن أنه ممن يسقطون مع أول هزة ريح و كأنه وقد التحم مع جهاز النظرية ( الجاهزة في خارج الوطن على الأرجح ) ولا يستطيع الحياة بعيداً عن هواءها النقي ؟؟ هل تحولت النظرية إلى واهبة للحياة والموت في وطننا ؟ لماذا يحاول مثقفنا أن يهرب من الاستحقاق الأكبر ليلتحق بقطار وهمي لا يقود إلا للهاوية ؟؟
هل لأن الهاوية هي الرد على مذابح الأخطاء اليومية التي ارتكبت وترتكب باسم الإنسان العربي ؟ هل نذكِّر بالأسماء ؟ وماذا تنفع ذاكرة الأسماء إذا غفلت عن توصيف الحدث الأكبر: السقوط ! وهل في لعبة الأسئلة لذاكرة كهذه ، أحقية أن تبقى هي المرجعية في زمن تلخبطت فيه كل مرجعيات العصر وقد كانت هذه الذاكرة هي الأكثر تعبيراً عن ذاكرة المواطن والوطن ؟ مؤتمرات ثقافية بالجملة تحت شعارات طنانة رنانة ومراجعات نقدية تمتلئ بها أعمدة الصحف والمجلات ، والنتيجة : الناس تهرب من الثقافي إلى المرئي الغث والتافه في أكثره قرفاً من هذا التنظير الكلامي المفخخ في أكثره والذي يحوم حول البيت الأبيض ومبنى المخابرات المركزية .
بين لعبة التنظير اليومية التي عشناها وحقيقة الواقع الذي طحننا وعبر هذا العالم الذي لاتملك هرباً من ملاحقته ، على المثقف اليوم أن يقف على منبر ذاته ويعلن بوضوح ، ربما افتقدته الأزمنة السابقة وبعبثية ولدت من رحم المرحلة ، يعلن بوضوح أن ما جرى كان أكثر من وهم وما سيجري سيلفظ الأوهام فنحن بتعبير جاك بيرك " موظفو السراب " وعلينا بالتالي أن نخرج من سرابنا إلى أرض الحقيقة .
اليوم ترتفع الأصوات منادية بالخروج من عنق الزجاجة كي لا نبقى طوعاً أو كرهاً في عبثية القاع معيدين إنتاج عظامنا. اليوم نستطيع الاعتراف بشجاعة أننا جميعاً ملوثون وأن علينا أن نصنع شيئاً ما حتى لا نصير نسخة ثانية عن الهنود الحمر.واليوم أيضاً نقف على بعد قليل من الهاوية فإذا لم نقفز فوق مطلقية أحكامنا لندخل في نسبية الالكترونيات المعاصرة فإننا سنخرج بالقوة النابذة إلى آخر الكون
هل مهمتنا تعميم اليأس ؟ أبداً . لأننا من الأرض التي أنجبت الأندلس وأنجبت أسماء لن تمحوها رمال اليأس. إشارات صغيرة في زمن خربطة المرجعيات تكفي الآن : " نحن لا نستهلك البضائع الإسرائيلية " تنساب هذه العبارة في شوارع العاصمة الأردنية بعفوية تشبه عفوية ذاك الطفل الفلسطيني الذي سأله محرر مجلة " كوتيرت راشيت " الإسرائيلية من أين أنت ؟ فأجابه الطفل المولود في عمان : من يافا ! ولكن ـ يسأله المحرر : هل شاهدت يافا ؟ يجيب الطفل : لا ولكن جدي شاهدها !
ترى لو سئل مثقف من أين أنت ، ماذا يجيب ؟؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تأملات - كيف نشأت اللغة؟ وما الفرق بين السب والشتم؟


.. انطلاق مهرجان -سماع- الدولي للإنشاد والموسيقي الروحية




.. الفنانة أنغام تشعل مسرح مركز البحرين العالمي بأمسية غنائية ا


.. أون سيت - ‏احنا عايزين نتكلم عن شيريهان ..الملحن إيهاب عبد ا




.. سرقة على طريقة أفلام الآكشن.. شرطة أتلانتا تبحث عن لصين سرقا