الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حسقيل قوجمان قبلة لجبينك أيها اليهودي الجميل

باسل ديوب

2005 / 9 / 12
حقوق الانسان


رفيقي حسقيل أتمنى أن تعذرني لمخاطبتك باليهودي ، ولتعلم أني ما وصفتك باليهودي إلا من باب الرد لمظلمة وقعت عليك ، فيقيناً لدي أن نظرتك وارتباطك باليهودية لا تختلف عن نظرتي وارتباطي بالإسلام ،
لم التق بيهودي واحد لكني علمت أن أحد من حاورتهم في يوم من الأيام كان يهودياً سورياً ، وكم حزنت عندما علمت انه غادر سورية إلى فرنسا لا إلى ((إسرائيل )) التي يمقتها أكثر ما يمقت الأرض السورية التي لفظته ولم تقبله كيهودي ملحد ورافض للصهيونية وعنصريتها وجرائمها ، منذ خمس سنوات وقفت وصديقتي أمام كنيس يهودي في حلب ، شتمت الطائفية والأصولية بشدة فكلانا يعاني هذا التمييز الظالم وكلانا ينتمي لطائفة مختلفة ولا يمكنها ان تبوح لأسرتها بصداقتها مع شاب من جماعة مختلفة ، كان الكنيس مغلقاً تجاوزنا السياج وتطاولت لأرى داخله أكثر ،يمكنك ان تتخيل إحساسي ذلك الوقت وأنا العلماني العروبي الماركسي ، كم يتمزق وجداني أمام ما أراه من فجيعة في الهوية العربية و تذرير مستمر وضبابية هوية تحمل في داخلها ميكانيزم فظيع للإنشطار المستمر ، كيف فقد اليهودي السوري هويته العربية القلقة وفقدت سورية و(كل بلاد العرب ) أبناءها اليهود لا كمهاجرين فحسب بل كمنتقلين إلى خندق العدو ن مؤلم هو جداً هذا الانتقال الرهيب ،
لا يعنيني هنا إلقاء المسوؤلية على الاستعمار والصهيونية على أهمية ومحورية الدور الذي لعبوه في سلخ اليهود ( كحالة خاصة في تاريخ البشرية ) من أوطانهم يعنيني أن أنتقد دورنا نحن العرب في تسهيل ذلك ،
لم يكد العرب يخرجوا من دولة الملة العثمانية حتى وقعوا بين براثن الاستعمار المتساوق مع تبني الحركة الصهيونية ودولتها ، وفي نفس الوقت لم تتشكل هويات وطنية في الدول العربية وحيث نهضوا قومياً لم يتخلصوا من نزوعهم القبائلي، ولم يتبنوا المحتوى الأنضج والحداثي للقومية وأعني استنادها لمفردات الديمقراطية البرجوازية متزامناً ذلك مع إقامة (( إسرائيل )) فاختلط الأمر على الشعب ذي نسبة الأمية القاتلة أكثر، ولازال الأمر كذلك مع تفشي و تجذر الديكتاتورية والأصولية الدينية لاحقاً في بلدان المد القومي العربي،
المسألة اليهودية من أكثر القضايا الإنسانية المعقدة حيث يتداخل الإرث التاريخي الرهيب لـ 2500 عام مع استغلال إمبريالي لهذه الحالة الإنسانية الشاذة ،
لكن ما يدفعنا للتفاؤل بمستقبل المنطقة والإنسانية عموماً هو أمثالك من العراقيين الذين ورغم جسامة وفداحة ما عانوه وعانته بلادهم لا زالوا محافظين على علمانية ووطنية تهز مشاعرنا ،
يا ليت من والى مشروع الاحتلال من شيوعيين عراقيين تمسكوا بمقاربتك الحالية وأنت العراقي "الإسرائيلي" البريطاني الذي تمزقه ولاءات وانتماءات مختلفة ،
البارحة صرح مفتي سورية الشيخ أحمد حسون أن بيوت اليهود في سورية تنتظرهم !!
كلام متأخر جداً ويخشى منه ان يكون في سياق التسوية في المنطقة المفروضة على العرب ، وبالتأكيد لن تعيد عودتهم في هذا السياق الشكلَ السوري الراقي للحياة الوطنية، فما رسخته الممارسات الصهيونية في نفوس السوريين المنتقلين جماعياً للوعي الطائفي والأصولي سيمنع تقبل العائدين كمواطنين
وهم أنفسهم يحملون ذكرى غير طيبة عمن لا ينظر إليهم إلا كيهود مثقلين بشتى الحمولات العنصرية .
هذا الأمر يجب أن يجري في سياق إعادة تعريفنا لهويتنا ، نصف سكان إسرائيل اليوم هم من العرب ( يهود مسلمين مسيحيين )
فهل ستمضي الهجمة الأمريكية – الصهيونية مهزومة مترتباً على هزيمتها انطلاقة جديدة لوعي حداثي أشمل لشعوب المنطقة على أساس العلمانية والمواطنة والديمقراطية مستندة إلى شرعة ومواثيق حقوق الإنسان؟؟؟
أم ستنتصر وتفرخ كيانات جديدة مستندة إلى الهويات المذهبية والدينية أكثر فيصبح حديثنا للذكرى وللتاريخ للمتاحف أيضاً ؟؟

تحية لك من حلب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بريطانيا.. اشتباكات واعتقالات خلال احتجاج لمنع توقيف مهاجرين


.. برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والإسكوا: ارتفاع معدل الفقر في




.. لأول مرة منذ بدء الحرب.. الأونروا توزع الدقيق على سكان شمال


.. شهادة محرر بعد تعرضه للتعذيب خلال 60 يوم في سجون الاحتلال




.. تنامي الغضب من وجود اللاجئين السوريين في لبنان | الأخبار