الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حواضن الإرهاب في سوريا

ثائر الناشف
كاتب وروائي

(Thaer Alsalmou Alnashef)

2015 / 1 / 31
الارهاب, الحرب والسلام


ثمة نظرية أمنية تقول ، عندما يغيب الأمن تحل الفوضى ، وعندما تشيع الفوضى ، يحل الإرهاب ضيفا ثقيلا على البيئات الاجتماعية المختلفة ، التي ترفضه للوهلة الأولى ولكنها ستضطر للقبول به اتقاء لشره .
وبغض النظر عن مدى صحة هذه النظرية أو عدم صوابيتها ، يتفق الجميع في سوريا ، أن مصدر الإرهاب هو القمع والاستبداد الذي يمارسه نظام الأسد على الشعب السوري بأبشع الصور والأساليب ، وهو إرهاب ممنهج حاضنته أجهزة الدولة والأحزاب التي يسيطر منذ أمد بعيد ، فهو يمارس الإرهاب باسم الدولة التي كانت سابقة على استيلائه للسلطة ، مثلما تمارس الجماعات الإسلامية المتشددة إرهابها باسم الدين ، وباسم إحدى تياراته المذهبية .
فالحاضنة الأولى التي أسس عليها نظام الأسد إرهابه ، تكريسه لواقع الطائفية السياسية في سوريا ، بعد أن كانت مقتصرة على حالتها المذهبية بصورتها السلمية التعايشية ، فتقسيم المجتمع السوري على أساس التمييز الطائفي ، جعل منه خنادق يتحصن بها كل من يؤيد النظام، بغض النظر عن انتمائه العرقي والعقدي ، ويمارس من خلالها القتل المستباح، دفاعا عن وجوده، وعن مكتسبات السلطة ومنافعها .
أما الحاضنة الثانية التي ارتكز إليها نظام الأسد في تأسيس إرهابه ، كانت من خلال محاولاته العبثية بالتلاعب في صياغة الخطاب الديني وخلطه بالخطاب السياسي ، الأمر الذي أدى إلى نفور بعض التيارات الإسلامية من هذا التلاعب ، ودفعها صراحة للدخول في مواجهة مفتوحة معه ، أيا كانت نتائجها وأثمانها الباهظة، مثلما جرى في السبعينات والثمانينات .
أما الحاضنة الثالثة التي دفع بها نظام الأسد ، فكانت من خلال إفراطه في استخدام القوة بشكل وحشي ضد الشعب السوري ، دون أي رادع قانوني ، في ظل انشغال القوى الكبرى في تصفية حساباتها الإقليمية على رقعة الشطرنج السورية .
الحاضنة الرابعة ، تمثلت باستجلاب نظام الأسد ، لميليشيات الموت الإيرانية التي تعددت أسمائها واتفقت أهدافها على ممارسة القتل المجاني للشعب السوري ، وتدمير بنيته التحتية وتمزيق نسيجه الوطني ، من خلال إشاعة روح الطائفية وشعارتها البغضية التي حملتها إلى سوريا .
الحاضنة الخامسة، كانت من خلال الفوضى التي أحدثها نظام الأسد، عبر أعمال القتل والتدمير والتخريب المستمر ، وقد كانت سببا كافيا لفتح أبواب سوريا لكل العابرين من وراء الحدود ، ليزيدوا في النار اشتعالا ، وليدفعوا بسوريا إلى غياهب المجهول ، وليكملوا ما لم يستطع نظام الأسد إكماله ، كنوع من الثأر والانتقام من الشعب السوري .
أمام هذه الحواضن الخمس التي كرسها نظام الأسد في سوريا ، كأسباب ودوافع موجبة لاستيلاد الإرهاب في سوريا ، سيتأكد الجميع اليوم أو غدا ، أن الإرهاب لم يكن في يوم الأيام وليد الثورة السورية التي أبهرت العالم بشعاراتها السلمية ونزوعها العفوي تجاه التغيير والحرية ، ولا حتى وليد الجماعات المتشددة من تلقاء نفسها بسبب شيوع الفوضى ، بل كان بسبب نظام الأسد الذي استباح سوريا وجعلها حاضنة لإرهابه وإرهاب كل من هب ودب فيها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل تحرك تصريحات بايدن جمود مفاوضات الهدنة في غزة؟| #غرفة_الأ


.. ممثلة كندية تتضامن مع غزة خلال تسلمها جائزة




.. كيف سترد حماس على بيان الوسطاء الذي يدعوها وإسرائيل لقبول ال


.. غزيون يستخدمون مخلفات جيش الاحتلال العسكرية بعد انقطاع الغاز




.. صحيفة الغارديان: خطاب بايدن كان مصمما للضغط على إسرائيل