الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بكارة شرف و انوثة عائشة

الرفيق طه

2015 / 1 / 31
ملف مفتوح: مناهضة ومنع قتل النساء بذريعة جرائم الشرف



بكارة شرف و انوثة عائشة

هناك في الواحة بالجنوب الشرقي قصر طيني باسوار وابراج . البيوتات متلاصقة والازقة ضيقة و متناسقة . كل شيئ يوحي بالبساطة و العذرية ، الصفاء و النقاء . وحدها الطبيعة تكسر ركود الزمان هنا تستهويه لعبة اللامبالات بل غارق في حال النسيان . لا سلطة تعلو فوق سلطان الطبيعة ، القر والحر، الهدوء وزمجرة الرياح . القوانين منذ ماءات السنين مهياة لكل النوازل . وقت الغروب تعود عائشة ادراجها من رحلة رعي الاغنام . رحلة الصباح و المساء ، عادة الصيف و الشتاء . كل يوم تجتمع بنات القرية صباحا بالملتقى المسمى " اسراك ( ثلاث نقط على الكاف ) ، مكان معلوم تجمع فيه الاغنام قبل ان تنطلق البنات في مسيرة احتفالية وراء القطيع بصخب وبهرجة . كل فتاة تحمل عصاها وزادها . يتقدم التيس الاكبر و كانه قائد الفيلق امام القطيع فيما ذكور الخرفان تبحث عن التناسل . اما البقية فمنضبطين لتوالي الحوافر الا المشاغبات من الماعز التي تتربص بسهو البنات لخلق التمرد .
لباس الفتيات بسيط وبئيس و قد فعلت به الشمس ما فعلت بوجوههن الشاحبة . الالوان كلما كانت فاقعة تزيد البنات اثارة من تحت التنورات الشبكية السوداء الطويلة حتى الكعب . اما النعال فناذرة و ان توفرت فانها من البلاستيك و تحمل على الرؤوس لعدم التلاؤم معها .
كلما ابتعدت القافلة من القصر ازداد تحرر الفتيات من قيود الكبار و ازداد توجسهن من الذئاب . حتى القطيع تخف رعونته ويتصرف بمسؤولية لا احد يبتعد عن الاخر . وان كان هناك جدي او خروف ارعن يخالف القواعد يتصدى له حكماء القطيع ليرجع الى الكتلة . على بعد اربع كلومترات الى الغرب من القصر في مكان يسمى " الكدية " تتم مراسيم الرعي -السرحة- . سهول حجرية عبارة عن وديان و شعاب . كل شعبة تحمل اسما معينا ، شعبة المهازيل ، شعبة الضب ، شعبة لروي... كل مكان له اسم و كل حجر يشهد على حدث او احداث مؤلمة او مفرحة . لكنها تتشابه حيث الحجر و انعدام الشجر الا ما نذر .
تتوسط الشمس كبد السماء و تتربع على عرش الكون . تاخد كل فتاة ماتحمله من زاد ، في الغالب ثمر وخبز محشو بالشحم و اوراق بصل ، و احيانا اخرى بعض الخضر . اما الفلفل الحار فهو ملح هذا الطعام البسيط والشهي . تاكل النعاج و تاكل البنات و يستمر الرعي و يستمر اللهو الى ان تغير الشمس وجهتها نحو الغرب ، فتقوم احدى الفتيات بعد ظلها بقدميها الحافية النحيلة . تلك هي الساعة في الخلاء المفتوح . طول الظل خمسة عشر قدما ،بالتمام والكمال ، انه وقت الاياب . تجمع الفتيات الغنم بامر من الاكبر منهن سنا . تتفقد كل واحدة قطيعها ليعود الموكب ادراجه الى القصر . تشبعت بطون قطيع الغنم باعشاب التقطتها من البراري و تشبعت البنات باشعة الشمس و حرقتها . اما الغبار فقد سوى بين الراعي و الرعية .
معانات العودة تختلف عن حكايات الذهاب . روح الصباح تختلف عن نكهة المساء . فكما لكل فصل احلامه ومتمنياته و رغباته ايضا فان عيد الصباح يختلف عن عرس المساء . الاغاني ، الاهازيج والاحاديث تقول ذلك . لكل فترة زمنية طقوسها وتراتيلها. الحياة هنا سمفونية متموجة ، توليفة عجيبة ،غريبة ، من المقامات و الاقاعات الخاصة .
تعود عائشة اخيرا من رحلة الرعي -السرحة- . غبار وروث يملان المكان و الجسد . روائح بطعم مركب لا لون له. حركة غير عادية تعم المكان ، صوت النعاج و اصوات النساء اللواتي تبحث عن نعاج او عن احد الاطفال . صخب و هرج و مرج في ظلمة الشفق . عزل الخراف و عد الاكباش و حلب النعاج .
الزاهية ، والدة عائشة ، تفتح الحظيرة و تتاكد من نعاجها و خرافها و تعزل الصغار عن امهاتهم لتوفر حليب الصباح .
اخوان عائشة الصغار يحدقون بعيونهم فيها مليا و كانها غريب في ضيافتهم . الكل متحلق على العائدة . صرخت الزاهية في وجه الصبية ،" اتركو اختكم ترتاح" . بعدما انفض الجمع اتجهت الزاهية للمطبخ - الكانون - لتسخين نصيب عائشة من طعام الظهيرة ، قطعة خبز ومرق - الدواز- بالجزر واللفت . الاخوة ينظرون لعائشة ويبتسمون بخبث . و في غفلة من امهم اخبروها با لنبا الكبير:" -جاو شي ناس خطبوك-".
عائشة فتاة حسنة الخلقة والخلق . وجهها طفولي بسام . بيضاء البشرة متوسطة القامة بوجه صبوح شبه دائري و انف نافر و عينان سوداوان تشعان ذكاء و انوثة . ثغرها بسام تزينه اسنان مرصعة كالجواهر .
عائشة حلم كل عزاب القرية . و لا احد منهم يتخيل انها ستكون من نصيب غيره . لكن الزواج قسمة و نصيب .
جسدها يعرف انتفاضة و ثورة . بدات الانوثة تغمره و تجلب الانظار نحو تفاصيله المميزة . تفاصيل تخدع الناظر اليه لولا وجهها الذي يفيض براءة و يؤكد ان صاحبته طفلة . طفلة تشع جمالا و طيبة لكن انوثة الصبى هي الطاغية . جسدها يثير حاجة البعض كما تثير نعاجها الذئاب . لكن الطفولة تسكنها بقوة ، فهي لم تتجاوز بعد الثالثة عشرة من العمر الا بقليل .
تؤكد الصافية ، خالتها ، ان عائشة ولدت في عام كثرت امطاره بعد سنوات من القحط و شح الزرع و الضرع . كان ذلك يوم جمعة صباحا من فصل الخريف. العائلة تعتقد ان في ولادة عائشة بركة و فال خير . ليس على العائلة وحدها بل على القرية والواحة عموما.
الخطوبة لدى طفلة تجاوزت الثالثة عشرة من عمرها بايام لا مضمون لها . اللعب وحده اهم شيء في حياتها . تلك حالة عائشة ليلة اخبارها . لكنها لا تعلم ان الحدث ينقلها من موقع الراعية للقطيع الى رعية لدى "راع" لم تختره . منذ يوم خطوبتها تغير تعامل الاسرة معها . منعوها من الخروج للرعي حفاظا عليها من اشعة الشمس و اثارها على الوجه . امها تهتم بتسمينها بماكولات و ادوية غالبا ما تحتفظ النسوة بوصفتها و بسرية مكوناتها .
اصبح لزاما على عائشة اثقان اشغال البيت من الطهي الى الغسيل و التنظيف و الاستيقاظ المبكر . في كل مرة تتعرض للتوبيخ و التنبيه على اي اهمال و لو كان بسيطا . تحت مبرر ان التسامح الذي توفره الام و الاب لن تجده مع ام الزوج و اسرته ، كما" "ان الفتاة التي لا تثقن اشغالها تعود لبيت ابيها خائبة لا محالة" . و "عار المراة ان تبقى في بيت ابيها" ،" الافضل ان يقال عن المراة زوجة فلان لا ابنة علان" ." عبارات تتكرر مرات و مرات في اليوم .
دون ان تعي عائشة مقاصد الام و العمة بنصائحهما بدات تهتم باشغال البيت و تبتعد عن اللهو و اللعب الا قليلا . رغم انها تشعر بالحاجة للجري مع قريناتها و تحررهن من تلك الاغلال التي تقيدها و تجعلها رهينة اشياء لا تفهم عمقها .
تمر الايام و تمر معها مراحل اتمام الخطوبة نحو الزواج . و ماهي الا فترة و ياتي اليوم الموعود و تجمع اهل القرية و الاقارب و الاحباب . و كثرت الزغاريد و التغني بالفرح ، و وفر الاكل و الشراب و الاهازيج .
تم تزيين عائشة باثواب جديدة و حلي ثمينة . و تم تصفيف شعرها و تسريحه بالزعفران و الورد و الريحان . و تعطيرها باطيب العطور .
عائشة جميلة و بتزيينها اصبحت كالملائكة في الارض . كل نساء القرية و بناتها اقررن بذلك. كل من راها شهد انها كانت اجمل عروس في السنوات الاخيرة . الكل يؤكد ان اليسر صاحب ظروف تهيء العرس و جريانه . حتى بنات خالتها اللواتي يغرن منها شهدن انها محظوظة و ان الام فاطمة المشاطة وفرت لها ما يزيدها جمالا . اما فاطنة بنت احميدة ، ( العلامة) المكلفة بالطبل و دعوة الناس للاعراس ، فاكدت ان عرس لطيفة نجح بكل المقاييس. بل ان الطبيعة اماطت اللثام عن هدوءها، لا رياح و لا مطر . الاعتدال في الجو ساد ايام العرس .
لفت العروس عائشة في برنوس اسود كما تلف الجوهرة في القطن ، و ركبت خلف اخيها الاصغر على اجود دابة في القرية . خرجت من القرية في الثلث الاخير من الليل في موكب من اربعة رجال و ثلاث نساء . عبر الموكب بين النخيل و كتبان الرمل تحت ضوء القمر نحو قرية خطيبها و زوجها المستقبلي .
استقبل موكب العروس بحفاوة منقطعة النظير من اهل العريس خاصة و اهل القرية عامة . الاعراف و العادات تقنن العلاقات بين القبائل . و احترام هذه الاعراف و العادات عربون مدى تحضر القبيلة و رقي اهلها . كما ان شرف القبيلة و احترامها يكمن في اكرام ضيوفها .
اهازيج اهل العروس اختلطت باهازيج اهل العريس و رسمت لوحة التوافق و المحبة المتبادلة بين القبيلتين . و قيلت كلمات الشعر التي تشير الى الترحاب من اهل العريس و النبل و التقدير من اهل العروس .
بباب القرية وضعت العروس على ظهر مرافقتها " مي رقية " حتى لا تطا رجلها ارضا الا ببيت زوجها ، و يكون المؤمنون على العروس قد ادوا امانتهم و حملوها من بيت ابيها الى بيت زوجها . هذه هي العادة و هذا هو العرف .
بمدخل بيت العريس يوسف كانت امه في الاستقبال . قدمت لعروسها الثمر و الحليب و طبقا من الورد و الريحان و وضعت امامها ثوبا ابيض كالثلج لتطا عليه عربونا على الترحاب و صفاء القلب . بصوت عال و تحت الزغاريد و صيحات الكلام الشعري الشجي من افواه النساء رحبت الام بعروسها و دعت لها و لنفسها باروع الاماني . شدت على يدها اليمنى ، و في موكب نسائي تعلوه مصابيح الغاز و زغاريد الشابات و موسيقى الدفوف ، الى غرفة مزينة بالجير الابيض .
وحدهما اثنتان من مرافقات العروس دخلتا معها للغرفة . هما وحدهما الموثوقتان للاهتمام بالعروس .
عائشة الطفلة البسيطة تشعر باهتمام وافر بها دون ان تعي مدلوله . تشعر بفرح و خوف . تتلذذ بتموقعها كمركز لكل الانظار و تخاف من مستقبل قد لا يوفر لها ما تريده . تتساءل في دواخلها عن اي تصرف و عن اي كلام و عن ما حولها و عن الاشخاص الذين تسمع اوامرهم لبعضهم و ما اغراضهم .
لا تعرف من هو زوجها اللهم ما سمعت عنه من اقاربه من قريتها . امه لم تراها الا عندما قدمت لها الحليب و الثمر . اللثام الابيض الذي يستر زينتها جعلها لم تدقق النظر في حماتها . تتساءل ان كانت لزوجها اخوات و هل سيلعبن معها ام هن تجاوزن سن اللعب و اللهو . ابوه ، الن يكون كثير الزفرات كما هو ابوها . اسئلة و اخرى و لا شيء يتم التركيز عليه. لان الاحداث كثيرة و تتوالى بلا رقيب .
الكل غادر الغرفة و بقيت هي لوحدها بين اشياء كلها جديدة عليها . وحده المصباح الغازي ينير المكان . حركات و حديث للنساء و زغرودات تسمع خلف الباب .و من بعيد تسمع اصوات شجية لرجال تنفثها حناجرهم .اغاني تطرب الاذن و تثير العطف و الحنان . اغاني تتكلم عن الحب و الجفاء ، عن الام و الاب و الحبيبة ...
اصوات الرجال كلما اقتربت اصبحت اكثر وضوحا الى ان بلغت باب الغرفة . تتوقف صيحاتهم و تتحول الى كلام يخفت ثم يغيب و لا تسمع الا وطاءاتهم بعيدا عن الغرفة . انسل العريس يوسف من الجمع و دخل الغرفة و فض عزلة عائشة .
قال السلام عليكم ، نزع برنوسه الاسود و وضع سيفه بزاوية على يمين الغرفة و اقام الصلاة . لباسه ملائكي ، كله ابيض ، العمامة و القميص و الحذاء كذلك .الكحل واضح على العينين . وجهه الطفولي بازغ بياضه . شاب في السابعة عشر من عمره . قامته متوسطة و وجهه خال من الشعر .
انهى يوسف طقوسه و اتجه نحو عروسه . من يدها نزع مراة و دون ان ينظر فيها ضرب بها على الحائط لينكسر جزء منها . لم تفاجا عائشة بتصرف يوسف و لم يزعجها . اخبرت بهذه العادة منذ ان اوصتها مي رقية بحمل المراة . نزع الثوب الابيض الشفاف الذي يحجب راسها و وجهها . تفاجا بجمالها الساطع . شعر و كانه خرج من نفق طويل مظلم الى فضاء واسع ومضيء .
عائشة جميلة و الام فاطمة المشاطة تفننت في صنع المفاجاة . بوسائل التجميل التقليدية ( العكر الفاسي ، الحركوس و الزعفران ) جعلت من وجهها لوحة مبهرة . اما تصفيف الشعر الرطب الحريري و تسريحته بالورد و الريحان و الزعفران جعل الحلي ضاعف من ملائكية عائشة .
تنفس يوسف الصعداء ، ربح رهانا و وضع حملا ثقيلا بعد ان ايقن ان عروسه جميلة . ثقل يحمله كل الرجال في صمت وضعه يوسف و ارتاح .
كانت عائشة تحاول ان تبتسم في وجه يوسف لكنه يتحاشى النظر اليها عينا في عين . قد يكون شعورا بالحشمة لانه لم يختل بامراة قبل اليوم .
اقترب من عائشة و حالة الارتباك بادية على حركاته و تنفسه . يحاول التجاوز ... كانت عائشة تستجيب رغم الخوف الذي تشعر به . لانها تهيات و استعدت بفضل امها الزاهية التي تستحضر وصاياها و المرافقتين مي رقية و خناتة بنت الصالح اللواتي يقصرن في تسليحها بما يجب عليها فعله .
حاول يوسف و حاول لمرات ...(...)
فجاة ساله احدهم قرب الباب عن حاله . اقترب يوسف من مخاطبه و ما بقي بينهما الا الباب الخشبي . تبادلا حديثا لم تسمعه عائشة او لم تفهم بعضا من كلماته .
عاد يوسف لمكانه و هو يشعر بالخوف و عدم الرضى على نفسه . اطفا المصباح الغازي و عاد يتلمس جسد عائشة . ربما يكتشف تضاريسه الانثوية التي لم يسبق ان اكتشف حقيقتها . او يبحث عن نقطة ما قد تنبه احاسيسه الذكورية او تعيد له شهامته .
بعد مدة دق الرجل على الباب . فتح يوسف و تسلم منه اناء به مشروب و تميمة . قال الرجل : " قال لك الفقيه اشرب من هذا و انتظر قليلا و سياتيك الفرج " . شرب يوسف من المحلول و رش الباقي بمدخل الغرفة . اخذ التميمة و وضعها على صدره .
تمدد يوسف بمحاداة العروس ، و سرعان ما عاد و حاول . ساعدته عائشة رفقا منها عليه ، و تخفيفا من الضغط الذي يشعران به معا من خارج الغرفة .
باسفل الغرفة يسمع صوت شباب يصيحون " كن راجل يا يوسف و اسرع ) ( يوسف ننتظر زغرودات على الدم ) . اما بالسطح المقابل للغرفة فالنسوة بخبث يرسلن اشارات اختلفت في شكلها و اتفقت في مضمونها . الكل ينتظر ما يسمونه السروال ...
شعر يوسف انه قادر على مواجهة عروسه و على الدخول بها . كما احست هي ان زوجها سيكون قواما ... .
عاد المتكلم خلف الباب مرة اخرى يسال يوسف عن الحال . اجابه انه جيد . ساله : " و هل هناك دم ؟" اجابه بالنفي . طلب منه اعادة الكرة و التاكد تحت الضوء . بعد برهة اخبره يوسف ان لا جديد و لا امل في ذلك .
بدات مواجهات كلامية عنيفة و بصوت مرتفع خارج الغرفة بين الرجل من جهة و مرافقتي العروس المعروفة " مي رقية " و خناتة من جهة اخرى .
مي رقية تؤكد عذرية العروس و الاخر يقول ان الدم هو العربون . اجابت المرافقة " ما ذنب الضحية ان كانت سكين الجزار غير حادة " .
قال الاخر "و ما عسى الجزار ان يفعل ان كانت الضحية جيفة " .
قالت المرافقة" من حبله قصير مات عطشا" .
قال الرجل "و ان كانت البئر جففها مارة سابقون" .
رفعت المرافقة ايقاع المواجهة و قالت ان عروسها" بنت العز و الاصل و لا يصح ان يقال العيب فيها و في اهلها" . و رد الاخر ان "العز و الاصل هو الشرف الذي اكتشفناه اليوم" .
تدخلت نساء اخريات البعض منهن يطفئ الغضب و اخريات يولولن على ما حصل . هكذا توقفت المرافعات بين من يمثل العريس و من يمثل العروس .
يوسف يرتعد و يبكي في صمت بزاوية الغرفة متكئا على سيفه . و عائشة تسمع المواجهة الحامية خارج الغرفة دون ان تعرف ما ذنبها و لا دواعيها و لا مسؤوليتها فيها . تشعر بالضعف و الوهن امام الذي يحدث . تشعر و كانها رضيع في غابة الوحوش ، لا يعرف المفترس فيها من الاليف . سجينة بهذه الغرفة كسبايا الحروب .
اشرقت الشمس على القرية و اشعتها سوداء على اسرة عائشة . عم الحزن و غطى على كل الفرح الذي ساد القريتين في الايام السابقة .
عائشة بقيت معتقلة في غرفتها و مرافقتها مي رقية ترابط بالباب تحرك مروحة لابعاد الذباب . يوسف يخرج و اذا عاد فلا يكلم عروسته و لا ينظر حتى اتجاهها تجاهها و يشعرها بغضب لا حدود له . الحزن باد على وجهه و الحقد و الاحساس بالظلم يرسم على جبينه .
اطفال صغار يطلن من الباب و يهربون . الطعام يقدم لعائشة من تحت الباب و كانها حيوان مفترس . لم تزرها و لو واحدة من شابات القرية و لا اخوات العريس . غصة الالم و الوجع تقطع اوتارها .
بعد المغرب شدت مي رقية يد عائشة و تسللتا من الباب الخلفي للقرية خلسة لتجدا خال عائشة في انتظارهما . عبروا مسارا تحاشوا فيه مواجهة المارة في الطريق . دخلوا بيت والدي عائشة في جنح الظلام . الحزن و الصمت يعم المكان .
يتبع - جزء ثاني -








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - قصة رائعه
قاسم السيد ( 2015 / 1 / 31 - 05:28 )
قصتك اكثر من رائعة ... ذكرتني بقصص يوسف ادريس ... كأنك احد شخوصها وليس كاتب احداثها .. اسلوبك نكهته خاصة ومتميزة .. عجبي من انك لم تنشرها على محور الادب والفن رغم انها تتناول قضية في غاية الحساسية لدى الشرقيين الا وهو الشرف الجنسي ومسؤولية المرأة لوحدها على حمل لواء هذا الشرف ... تحياتي

اخر الافلام

.. هل روجت منظمة العفو الدولية لارتداء الفتيات الصغيرات للحجاب؟


.. برنامج اليوم | حقوق المرأة المطلقة عربيا




.. مصر | معاناة مستمرة للمرأة المعيلة بعد الطلاق


.. إحدى الحاضرات منى الحركة




.. مسرحية حياة تروي قصص لبنانيات من مدينة بعلبك