الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النصر الكوردي في كوباني، هزيمة لداعش وحدها أم لِأحلام السلطان ايضاً؟

عبدالله جاسم ريكاني

2015 / 2 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


النصر الكوردي في كوباني، هزيمة لداعش وحدها أم لِأحلام السلطان ايضاً؟
عبدالله جاسم ريكاني

كوباني حرة و التالي هو اوجلان، كان هذا هو الشعار الذي رفعه الالاف من الكورد المحتفلين بتحرير كوباني في ارجاء كوردستان الاربعة بعد مضي 133 يوماً من الحرب الدموية و التي استطاع فيها المقاتلون الكورد المدعومين بقوات البيشمركة من جنوب كوردستان، من احراز نصر عسكري و معنوي عظيم طالما انتظرته الاجيال الكوردية التي تحارب الاعداء منذ قرون في سبيل نيل حريتها و استقلالها. معظم المراقبين يؤكدون ان الفائزين الحقيقين في هذه المعركة هم مقاتلي قوات حماية الشعب و قوات البيشمركة الكورديتين و الخاسرين الحقييقين فيها ليست داعش لوحدها و انما السياسة التركية ايضاً.
حزب العمال الكوردستاني و توابعه من وحدات حماية الشعب في روژآڤ-;-ا وبموآزرة قوات بيشمركة كوردستان ، و بعد انتصاره الساحق على الارهابيين في كوباني، أيقظ المشاعر القومية لدى العديدين من كورد شرق كوردستان في ايران ايضاً و حفَزتهم للالتحاق بهم.
على المدى القصير، فان هذا الدعم من شرق كوردستان، يخدم مصلحة ايران في اضعاف داعش و تركيا في الوقت نفسه و كذلك في تصدير مشكلة ايران مع كوردها الى خارج حدودها سموءاً في تركيا او سوريا. و بذلك و من خلال شبكات تنظيماته الموزعة بين اوروبا و اميركا الشمالية و الشرق الاوسط، فان حزب العمال الكوردستاني قد اصبح و بلا منازع، الحزب الكوردي الاكثر نفوذاً و قوةً في الوقت الحاضر.
لقد استطاع هذا الحزب بسط نفوذه خارج ساحات المعارك الى الاوساط الدبلوماسية ايضاً. و للمرة الاولى، بدأت اميركا بالتنسيق و التعاون معه و بشكل علني على الرغم من انه لا يزال على قائمة وزارة الخارجية الامريكية للاحزاب و الحركات الارهابية. كما ان الضربات الجوية الامريكية المستمرة على داعش في كوباني و محيطها، قلبت مسار المعركة لصالح الكورد بشكل قاطع، كما صرحت بذلك السيدة اسيا عبدالله الرئيس المشارك لحزب الاتحاد الديموقراطيPYD الموالي لحزب العمال الكوردستاني.
و لقد جاءت اللحظة الحاسمة في تغيير مسار العلاقات بين حزب العمال و امريكا، عندما اسقطت طائرات الحمل الامريكية، مساعداتها العسكرية و الاسلحة على القوات الكوردية المحاصرة في التاسع عشر من اكتوبر من العام الماضي عندما اوشكت كوباني على السقوط، الأمر الذي جعلت تركيا، عضو الناتو و الحليف الاول لامريكا في المنطقة و التي تحارب حزب العمال منذ عام 1984 تصاب بالصدمة و زادت من الشكوك حول نوايا امريكا في المنطقة.
و على الرغم من ان الانتصار النهائي على داعش لا يزال بعيد المنال، فان الانتصار الكوردي في كوباني قد جرَد داعش من احد اكبر اهدافه الاستراتيجية في المنطقة كما صرحت بذلك القيادة المركزية لقوات التحالف الدولية.
الرئيس اردوغان لم يتأخر كثيراً في الرد على تغيير مسار الاحداث هذا، حيث صرح للصحفيين في السادس و العشرين من شهر كانون الثاني، بأنه طلب من الرئيس اوباما بعدم التدخل في المعركة لصالح الكورد، و لكن الرئيس اباما لم يعطي أذاناَ صاغية لاردوغان و استمر في دعم القوات الكوردية.
و لقد جوبه الاستياء التركي من التصرف الامريكي بإستياء مماثل لامريكا من عدم وضع قاعدة انجرليك التركية في خدمة طائرات حلف الناتو و عدم دخولها في الحرب ضد داعش بشكل جدي و علني، حتى ان اصواتاًً كثيرة ارتفعت في واشنطن تطالب امريكا بإنشاء قاعدة عسكرية لها في جنوب كوردستان كبديل عن قاعدة انجرليك التركية.
كما ان الرفض التركي لدخول المقاتلين الكورد الى كوباني للدفاع عنها، كانت القشة الاخيرة التي قصمت ظهر البعير التركي، و عندها تدخلت امريكا ثانيةً واجبرت انقرة على فتح حدودوها و السماح لقوات بيشمركة جنوب كوردستان للعبور و الانضمام الى قوات حماية الشعب للدفاع عن كوباني و منعها من السقوط.
لقد قالها اردوغان صراحةُ في السادس و العشرين من كانون الثاني، بانه يعارض قيام تجربة و نموذج كوردي في سوريا مماثل لتجربة دولة الامر الواقع الكوردية في جنوب كوردستان. حيث قال (ما هذا، شمال العراق سابقاً و الآن شمال سوريا على وشك الولادة ايضاً؟)، انه يستحيل علينا ان نقبل هذه الامر، هذه الكيانات ستسبب لنا مشاكل جمة في المستقبل. هذه التصريخات تذكرنا بالتصريحات المماثلة التي كان الساسة الترك يطلقونها ضد حكومة اقليم جنوب كوردستان بعد تأسيسها في بداية التسعينات حينما رفضوا و بشكل قاطع اقامة اي نوع من الحكم الذاتي للكورد حتى في جنوب افريقيا!!
اما اليوم، فإن الكورد في جنوب كوردستان يشكلون الحليف و الشريك التجاري الاقرب الى تركيا في المنطقة على الرغم من ان هذه الصداقة تعرضت لهزة عنيفة عندما تلكأت تركيا في مساعدة اصدقائها الكورد في حربهم ضد داعش. و لكن لم تستطع تركيا منع الكورد في العراق من اقامة كيانهم الخاص بهم. فهل سيتكرر نفس السيناريو في غرب كوردستان ايضاً؟. انه من غير المحتمل ان تقبل تركيا بتكرار نفس السيناريو كما صرح بذلك احد الدبلوماسيين الغربيين.
السياسة التركية قد وحدت الكورد كشعب ان لم يكن كقادة، و لكن ستستمر تركيا في خلق الصعوبات للكورد في المرحلة المقبلة و خاصة ان الكورد في غرب كوردستان لا يزالون معتمدين بشكل متزايد على تركيا في العديد من جزانب حياتهم، كما و انه على العكس من الحدود الجبلية المنيعة لتركيا مع جنوب كوردستان حيث تقع فيها القواعد العسكرية لقوات حزب العمال، فان حدودها مع غرب كوردستان هي سهلية و منبسطة، الامر الذي يجعل منهم هدفاً سهلاً للتدخلات العسكرية التركية.
و مع هذا و على الرغم من كل ضيق الصدر و الانزعاج الذي يبديه اردوغان فان اي تدخل عسكري تركي يبدو خياراً غير وارد، لانه حتى و لو وضعنا الاحتجاج الدولي الكبير الذي سينجم عن اي تدخل عسكري تركي في غرب كوردستان، فإن تداعيات هذه التدخل العسكري على الداخل التركي ستكون هائلة ايضاً.
بعد دخول حزب العدالة و التنمية الاردوغاني في عملية سلام مع حزب العمال خلال العامين الماضيين وتم وقف اطلاق النار بين الطرفين في اذار 2013 ، يبدو ان كلا الطرفين غير مستعدين للدخول في حرب ثانيةً، حيث ان حزب العمال قد تم تحجيمه بسبب حربه الحالية مع داعش، كما ان اردوغان ايضاُ قد تم تحجيمه بالانتخابات المقبلة في السابع من حزيران والتي يتوق فيها الى احراز فوز ساحق تمكنه من اكمال استراتجيته في اقامة نظام رئاسي و بالتالي السيطرة على تركيا بشكل شبه مطلق.
و مع هذا، فان تصريحات اردوغان ترجح استمرار الضغط التركي السياسي و الاقتصادي على الكورد في سوريا و التضييق عليهم للانضمام الى المعارضة السورية الاسطنبولية ضد النظام السوري. و هذه يضعف الاستمرار في عملية السلام بين الترك و الكورد و احتمال اشعال موجة جديدة من العنف و الاقتتال بين الطرفين.
ان الجولة الاخيرة من الاقتتال بين الموالين لحزب العمال الكوردستاني و الموالين لحزب الهدى بار في منطقة الجزيرة على الحدود العرقية، تشكل بصورة واضحة، امتداداً للحرب في كوباني. و هذه المشاعر الكوردية الفياضة و العارمة، تخلق معضلة للسيد اوجلان الذي يصر على ان الكورد في تركيا لا يريدون دولة منفصلة عن تركيا، كما ان زعماء الكورد في سوريا، يؤكدون باستمرار، انهم لا ينوون الانفصال عن سوريا ايضاً و انما يحاربون من اجل احقاق الديموقراطية للشعب السوري بأكمله و اقامة علاقات جيدة مع الجارة تركيا ، و لكن الجماهير الكوردية و بعكس زعمائهم التقليديين، قد تغير رأيها حيال هذا الموضوع اذا ما إستمر التماطل التركي في حل قضيتهم و الوقوف حجر عثرة ضد الحقوق الكوردية في اجزاء كوردستان الاخرى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صورة مفجعة لفلسطينية في غزة تفوز بجائزة -أفضل صورة صحافية عا


.. وسط تفاؤل مصري.. هل تبصر هدنة غزة النور؟




.. خطوط رفح -الحمراء- تضع بايدن والديمقراطيين على صفيح ساخن


.. تفاؤل في إسرائيل بـ-محادثات الفرصة الأخيرة- للوصول إلى هدنة




.. أكاديمي يمني يتحدث عن وجود السوريين في أوروبا.. إليك ما قاله