الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثورة السوريّة المُختطَفة ما بين إعلام النّظام ومعارضيه!

عروة الأحمد

2015 / 2 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


-المواطنُ السوريّ بين إعلام الأسد، والثَّورة:
لم يحافظ نظام الأسد في سوريا على نسبةِ مؤيّديه بسببِ جدارةِ إعلامهِ الرسميّ في التعاطي مع الحدث، وإنما لفشلِ إعلامِ الثَّورة في تقديم البديل المقنع للمواطن السوري بلغةٍ مهنيَّة موضوعيَّة تعرّفه بالمنتج الجديد والبديل: الثورة ومشروع التتغير، وقد عمل النظام على زيادة نسبة مؤيديه التي رأى معظمها أنه خيارٌ أفضل من المجهول "الثورة"، تلك التي تمّ تشويهها ميدانياً وإعلامياً من قبل النظام من جهة، ومن قبل من يدّعي مناصرتها من جهةٍ أخرى (لا ننسى أن قنواتٍ كوصال –مثلاً- كانت منبراً قيادياً للثورة طيلة شهورٍ من بدايتها لعدم توافر إعلامٍ مهنيّ موجّهٍ للرأي العامّ، وحامٍ لأهداف الثورة).
لأجل ما سبق لا أعزو تأييدَ المواطن السوري لنظام الأسد لقناعته المطلقة بما يبثه إعلامه الرسميّ، وإنما لأسبابٍ عديدة بدءاً بالخوف من التغيير والسَّير نحو المجهول، ومروراً بانكفاءِ البعض على مرجعيّاتهم الطائفية وسط تجييشٍ ممنهجٍ من قبل النظام من جهة والمنابر الإعلامية لمن عاداه من جهة أخرى، وصولاً لتهديد مصالح المستفيدين من النظام، وانتهاءً بفشل إعلام الثورة في تسويق منتجه، وتحوّلِ الحقّ المعلوم "الثورة" إلى مشروع ضبابيّ شيطانيّ اللغة.

-فشلُ المشروع الإعلاميّ للثورة، كيف ولماذا؟
إنَّ فشلَ المشروعِ الإعلاميّ للثورة نابعٌ من فشل المشروع السياسي لها، وعدم وجود رؤيا واضحة للمعارضة السياسية التي تصدَّرتِ مشهدها، وانقسام تلك المعارضة ما بين أجنداتٍ دولية متنوّعة ومتضاربة الأهداف، بالتالي لم ينجح إعلامُ الثورة في استقطاب الشريحة الصامتة (الشريحة الأكبر في سوريا)، وعليه أجزم بأن أغلب الشعب السوري اليوم يتابعُ أخبارَ كلا المنظومتين باشمئزازٍ وسخط محاولاً بناءَ وجهة نظره الخاصّة لأن أياً منها لا يمثّله.
ولا يخفى على السوريين جميعاً أنَّ العقلية الأمنية هي التي تدير جميع مفاصِل الدولة السوريَّة بدءاً من الإعلام وانتهاءً بأدقّ تفاصيل الحياة اليومية، أما الإعلام "الراكب على الثورة" فإنه مرهون بأجنداتِ مموليه، والتي غابت عنها مصلحة الشعب السوري، وثورة الانسان في آذار 2011.
(لا أستطيع أن أسميه إعلاماً ثورياً لأنه لا ينتمي إلى فكر الثورة التي خرجنا لأجلها، وأراه راكباً على الثورة كونه لم يتعدَّ أداةَ تصفية حساباتٍ إمَّا شخصيَّة أو بالوكالة مع النظام الحاكم في سوريا(.

إنَّ تغييبَ صوتِ العقل في الإعلام المتحدّث باسم الثورة طيلةَ ما يقارب أربعة أعوامٍ مضت لم يكن اعتباطياً، وهذا ما استنتجه من تجربتي الشخصية في العمل في إحدى المحطات التلفزيونية المحسوبة على الثورة.
لقد تعمّدَ أغلبهم التستُّرَ على انتشارِ التطرّف، حتى أنَّ البعضّ حاولَ تجميله حتى تغيَّر لون الثورة من الأخضر إلى الأسود، ليظهر لنا بعدها التحالف الدوليّ بزيّ المخلّص من الإرهاب، ولذلكَ بتُّ واثقاً أن كل ما تقومُ به أغلبُ وسائل الإعلامُ النَّاطقة باسم الثورة لا يتجاوز دور الممهّد للقرارات الدولية .

نعم، لقد فشلتْ أغلبُ المؤسسات الإعلاميَّة التي نشأت خلال الثورة بالتعبير عن تطلعات الشَّعب السوريّ لأنها لا تمتلكُ صلاحيَّة صناعةِ رأيٍ ثوريّ سياديّ سوريّ، كما أنها ليست مؤهلةً مهنياً لقيادة الرأي العام نحو دولةٍ مدنيّة تؤمن بالمواطنة كأعلى مرجعيّة لها، وكما نعلمُ جميعاً هي مرهونةٌ للأجنداتِ التي تموّلها وتحافظ على استمرارها، وهذا طبيعيّ ومُتعارف عليه في سوق الإعلام، ولكني لم أتوقّع أن تصل التنازلاتُ لديهم للتنازلِ عن الثورةِ بأكملها واستبدالها بمشاريع تلك الأجندات!
إنَّ تلكَ المؤسسات كانت بمثابةِ دكاكينَ إعلامية بأسماءَ وباعة سوريين، ولها دورٌ موكلٌ لها ستؤديه، ومن ثمّ سيتمّ إغلاقها، أو ستعودُ إلى ما كانت عليه في السابق.
ثمَّ إنَّ الحاملَ الرئيسيّ الذي نستطيعُ من خلالهِ تقييمَ أهدافِ أيّ مؤسسةٍ تتحدث باسم الثورة هو مصدر تمويلها، وحين معرفة ذلك المصدر سنكتشفُ تلقائياً سبب تشويه صورة الثورة.

- المشاريعُ الإعلاميَّة لشبابِ الثورة:
أمَّا المشاريعُ الإعلامية الشبابيّة في الثورة فتُقسم إلى قسمين:
أولها: المشاريع التي تبنَّتها المنظمات الدولية وفرضت عليها أجنداتها فتطبّعت بصبغةٍ لا شأن لها بالثورة التي قامت، وثانيها: مشاريعُ تملك دعماً بسيطاً تحاولُ جاهدةً أن تشق طريقها وسط هذه الحرب الدائرة.

- الصحفيُّ المواطن في الثورة السورية:
كان دورهُ مفيداً في شهور الثورة الأولى قبل أن يتم تجنيده لصالحِ الأجندات التي تقدم له الدَّعم (انقطع هذا الدعم في أوائل 2014 بعد شيطنة الثورة)، وهنا لا أضعُ أي لومٍ عليه لأن همه كانَ إيصال الصورة الحقيقية لما يحدث في سوريا.

- الثورةُ حقٌّ مشروعٌ إنسانيّ، وليست موقفاً سياسياً:
إنَّ الحقيقةَ التي فشلَ الإعلامُ الثوريّ في زرعها لدى أغلبِ السوريين على مختلفِ مواقفهم من الثّورة هي:
أن تكون حيادياً يعني أن تكون مع الثورة ضدَّ هذا النّظام لأنها حقٌّ مشروعٌ (بغضّ النظر عن آلية تطبيقها).
وإن لم تمثّلك هذه الثورة بشكلها الحاليّ، فهذا لا يعني أبداً أن هذا النظام الفاسد صالحٌ لحكم سوريا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر: ورقة السداسية العربية تتضمن خريطة طريق لإقامة الدولة 


.. -الصدع- داخل حلف الناتو.. أي هزات ارتدادية على الحرب الأوكرا




.. لأول مرة منذ اندلاع الحرب.. الاحتلال الإسرائيلي يفتح معبر إي


.. قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم مناطق عدة في الضفة الغربية




.. مراسل الجزيرة: صدور أموار بفض مخيم الاعتصام في حرم جامعة كال