الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النص الغنائي بين التماهي مع الذكرى ومحاولات انعاشه , نصوص الشاعرة بتول داغر أنموذجاً

احسان العسكري

2015 / 2 / 2
الادب والفن


الن
لا يخفى عن المراقب لحال الفن العراقي هذه الايام ما وصل اليه اوما آلت اليه احواله وخاصةً الاغنية العراقية فهي في موضع لا تحسد عليه فبين الجهل المطبق بقواعد واصول الموسيقى وبين ضعف وضياع النص الجميل واللحن الجميل اصبحت الاغنية العراقية مدعاة للسخرية وداعية علنية للابتذال والخلل يعود حسب وجهة نظري الشخصية لأسباب عدة اولها وأهمها *الجمهور *ثم الشاعر *ثم المغني وهذه العوامل تتناسب طردياً في رسم الخارطة الحالية للأغنية العراقية فلو كان جمهور المتلقين يتمتع بشيء من الوعي وجمالية الروح لما سمح للشاعر الطارئ ان يكتب نصاً يحوي بين كلماته كل ما تعنيه مفردة (سخافة) من معان ولما وجد المغني الهابط ما يغنيه لهذا الجمهور ,الا ان استطعام واستساغة المتلقي لكل هذه الترهات . . ان من العجائب ان يكون الجمهور العراقي نفسه من استساغ (حاسبينك) و(البنفسج) و(گصة المودة) و(ويا نجمة) وغيرها من روائع الاعمال الغنائية ان يورث لأجياله المعاصرة ذائقة تتقبل (يمه گرصتني عگربة) و (بسبس ميو) ..! اغنية بسبس ميو غريبة غرابة خاصة منفردة لاتشابهها من حيث المضمون الا ترنيمة احد المؤدين الشباب (طرط طّيره طرط طيره) عجيب وغريب ما وصل اليه حال الاغنية العراقية,
والأغرب من الغرابة هي فشل المحاولات التي قام بها بعض الشعراء امثال الشاب حامد الغرباوي وشاعرتنا موضوع البحث , لكن نجاحهم كان بحاجة لخلق جيل او استيراده من كوكب آخر

" اخاف اتنفسك وتروح
اخاف الجرح يصفى جروح
اخاف تغيب عن عيني
يليل مجافي سنيني
بس وياك خليني
بس انت الملكت الروح"

*قد تبدو هذه الكلمات للقاري كلمات بسيطة سيما وان الشاعرة هنا استخدمت بحر الهزج باسلوب السهل الممتنع الا انها رسمت هنا لوحة جميلة من لوحات الحيرة كيف تخشى ان تتنفسه ؟ اهو خارج روحها مثلاً ؟ لمَ كل هذا الخوف من الاقتراب من المصير ؟ أم ان الشاعرة ربما ارادت ان تقول لا أمن ولا أمان في عصرنا المكتظ بالمثاليات الزائفة ؟ حسب تقديري هي لا تعشق الا خيالاً رسمته تخشى التقرب منه فتخسره او تخسره فتخسر حلمها حتى انها فضلت الاختناق الازلي على تنفس الحلم الذي ربما سيهدده الزفير الانطباعي الاجباري او ان الامر كله محض غربة في روحها وأرادت ان تطبق نظرية (لا تعشق الغرباء ) على قلبها المثقل بنبضات خالية من اوكسجين الحياة ؟ ربما لانها تخشى ان يغادر هذا الحلم الجميل جفنيها فهي عاشقة بلا سهاد وتائهة داخل نفسها سيما وأن هذا الحلم اصبح هوسها ومنهى رغبة روحها الشاعرة .
هنا في (مقاصير) كهذه يمكن ان تتوج الاغنية ذات اللحن المتزن بتاج الرقي الانساني وهي تذكرنا بأغنية ياس خضر ذات اللحن العميق ابداعا الخفيف البسيط ظاهراً (وأحب الورد جوري عبنّه بلون خدك) بتلك الابيات غير المتشابهه من الدارمي العراقي الجنوبي الاصيل , وهنا تكمن روعة اختيار هذه الشاعرة لألفاظها فهي تغازل عصر السرعة بطريقة الاصالة وأسلوب الشاعر المدني فهي بنت بغداد واحد احيائها الراقية ذات الطابع المختلف عن نوعا ما عن باقي احياء العراق الشعبية (ان جاز لنا القول)

"روحي مسكينة بغيابك گلي بعدك وين اروح
تسأل اعليك واگلها راح .. وتصيح الجروح
يوم والثاني يعدن
وانت وينك
يا نبع غافي على
جفون المحنه
ويا حنينك
وآنه والروح العفتها بلهفة المشتاگ
نصرخ مشتهينك
تسأل اعليك واكلها راح وتصيح الجروح
روحي مسكينة بغيابك كلي بعدك وين اروح "
*مسكينة تلك الارواح التي تتعلق بأمل آفل فهي الاقرب لنجوى الحزن والأصدق حين تنطق بها خلجاتها المثقلة بالحلم السرمدي فهكذا احلام لا طاقة لها على تحمل صيحات الجراح العميقة وكم من هائم بحلمٍ اثقل كاهله فصار كمن يسير في الازقة محدثا نفسه عن حادثة وقعت معه وأثرت به وكأنه يسائل السراب عن مكان تواجده انه الافتقاد المضني لكينونة الحنين . كيف استطاعت هذه الشاعرة ان تخط لنبضها دائرة من الخيال الجميل تغازله بهذه الطريقة العميقة الاحساس القوية الادراك ؟ " يا نبع غافي على جفون المحنه .. ويا حنينك " تسامق في النصر يوصل القارئ لفضاءات خصبة من الحنين والهيام والتشفي بأيام التعري من العشق ويالها من لهفة وحده الذائب شوقاً يعرفها هذه الشاعرة اوجدت حبيباً تشتهيه من لاشيء وهذا سر تألقها لأنها مدركة تماماً ان هذا الحلم سيزول يوماً بعد ان يداهمه ذلك المعشوق الحامل لحقيبة الحقائق معه ستستقبله بصعوبة مفرطة وهي تنعى حلمها الآزف بمقدمه ولكَ ان تتصور عزيزي القارئ ما تشعر به هذه الشاعرة وهي تعيش في زحمة هذا الصراع الذي اوجده في النهاية مجرد حلمٍ صنعته لنفسها ربما لتحصينها من الوقوع في حقيقة لا تحمدُ عاقبتها
بتول داغر *شاعرة من طراز خاص وهي مجتهدة فليس في بيئتها ما يسهّل لها التساوق مع الابداع ولا عملها في الصحافة يمنحها الفرصة الكافية لان توجد لنفسها مجالاً خصباً حتى بقرب صديق شاعر . وهي لاشك متألمة من واقع الاغنية الحالي وإلا لما تجشمت عناء السفر نحو قمة التألق دون ان تشعر اصلاً








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة والدة الفنان كريم عبد العزيز وتشييع الجنازة الخميس


.. مغني الراب الأمريكي ماكليمور يساند غزة بأغنية -قاعة هند-




.. مونيا بن فغول: لماذا تراجعت الممثلة الجزائرية عن دفاعها عن ت


.. عاجل.. وفاة والدة الفنان كريم عبد العزيز وتشييع الجنازة غداً




.. سكرين شوت | إنتاج العربية| الذكاء الاصطناعي يهدد التراث المو