الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عقوبة واشنطن !!

عادل مرزوق الجمري

2005 / 9 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


للسياسة منطقها الخاص، والساسة يهتمون بالنتائج أكثر من إهتمامهم بالأسباب وطرق الوصول لهذه النتائج، السياسة بطبعها ذرائعية نفعية، وبهذه الذرائعية تختلف عن الثقافة والفكر، فالمثقفون يهتمون بالحقيقة، أما الساسة، فهم أولئك الذين تجاوزو مرحلة البحث، ووصلوا للحقيقة، وهم بالتالي يسعون إلى نشرها.
ريتشارد نيكسون عندما أصدر كتابه وفيه صور المركزية الأمريكية أوضح تصوير كتب لنا "إن الولايات المتحدة هي التي سوف تتحمل المسؤولية في تحديد أي المواريث سيحظى بفرصة البقاء، وذلك لأنها أقوى دولة في العالم الحر، والسلام والحرية لا يمكن ان يستمرّا في العالم إذا لم تقم الولايات المتحدة بالقيادة الدولية الأولى، وسواء أحببنا أم كرهنا فإن مهمة القيادة تقع على عاتق الولايات المتحدة. إن القوة هي التي تدفع العالم صوب الخير أو الشر، وعلينا أن نكف عن الإحساس بالذنب بسبب أننا الأقوى".
وكذا فعل بيل كلينتون عندما تبنى مفهوم الزعامة الكونية، وهي التي أنطقته بالقول: "إنني أريد أن تبقى الولايات المتحدة المكانَ الآمن وأن تظل القوةَ الأولى في العالم". وهكذا تنبثق البراغماتية بتأصيل مسبق لمهندس السياسة الخارجية الأمريكية "هنري كيسنجر" في منتجه الفريد "الدبلوماسية".
صحيح أن دخول الولايات المتحدة الامركية الى الدبلوماسية العالمية، كان عبر نسف قدسيّة العلاقة بين نُبل الاكتشاف العلمي ووضاعة القتل الجماعي، إذ كان التدخل الأمريكي في الحرب العالمية الثانية، بداية التغول الإمبراطوري، وأولى إستعراضات الإمبراطورية شراسة وتهور، إلا أن هذه الحادثة "المتهورة"، تبعتها دبلوماسية أقل كارثية، صيرتنا هذه الدبلوماسية غير مقتنعين تماما بأن نصف مجمل السلوك الأمريكي هو سلوك إمبراطوري، ولو في أنها دبلوماسية تغتال البشر بالموت البطيء على مراحل لا نحس بها إلا نادراً.
عقاب الإمبراطورية..
التاريخ كفيل بعقاب الولايات المتحدة على خياراتها السياسية، لا يمكن لنا أن نتنبأ بالتاريخ وردود فعله، لذا لا يمكن لنا أن نتخيل أن الولايات المتحدة في منطقة آمنة على الدوام، ثمة أخطار يحملها التاريخ لها دون أن تنتبه لها، كانت أحداث فيتنام هي أولى عقوبات التاريخ ومن ثم أحداث سبتمبر والبقية تأتي، ليس مهماً أن نتعرف على تلك الشخصية التي ستعرقل أرجل الأمركييين لكننا واثقون من أن ثمة في التاريخ أشياء لا نتوقعها، وأشياء أخرى نتوقعها لكنها في حقيقتها مجرد "خيال"!!.
الولايات المتحدة حضور سياسي تاريخي، وهو بالفعل أكثر قوة وهيمنة مما تتخيل بعض الأقلام الخرفة، لا يمكن أن يكون المشهد السياسي حين يدار ضد الولايات المتحدة مشهداً "غبياً" كأن تستطيع أيُ من القوى السياسية "الصغيرة" على القيام بهذا الدور، لا يمكن أن تحصر بعض الأقلام سيناريو الصراع التاريخي في دولة جديدة تقوم بالقضاء على الولايات المتحدة الأمريكية، ولا أدري لماذا تصر تلك الروئ السياسية على تعميق هذا السيناريو وترسيخه، فعلياً لم تكن الولايات المتحدة منتصرة على الإتحاد السوفيتي عبر معركة عسكرية، لذا ليس من الضروري أن نحيل المشهد إلى معركة عسكرية دامية، فالسياسة تمتلك من أدوات الحسم والقطع والإنهاء ما هو أكثر من قوة من أداة الصراع العسكري المباشر.
السياسة الخارجية الأمريكية سياسة معقدة، سياسة ديناميكية بالدرجة الأولى، السياسة الأمريكية تصنع ما تريد أن تصنع، وهي ذاتها من يتولى عملية الهدم متى ما أرادت ذلك. عمليات الصنع او الهدم لا تخضع لسياسات طويلة الأمد، لا توجد شراكات دائمة أو عداوات متصلة. تجتمع الكثير من النظم المكونة للنظام السياسي الأمريكي لتبلور منطقة واسعة من الخيارات السياسية التي لا تحتمل البقاء أو المراهنة على خارطة سياسية دون الأخرى، مما يتيح للأمريكيين القدرة على تعديل المواقف بوجود خاصيتين هامتين، الأولى ان هذا التغيير في المواقف لا يستهلك زخماً إعلامياً مضاداً، والثانية أنها في الكثير من خياراتها أو تقلباتها السياسية لا تحتاج إلى الكثير من الوقت لكسب مجمل الرأي العام الأمريكي، الظاهر لي أن المجتمع الأمريكي يثق بحكومته كثيراً، مما يتيح لها سهولة التحرك وتعديل الخيارات دون عناء، فلو كانت الخيارات السياسية تتجه نحو الأطر الدبلوماسية أو الحرب فالأمر سيان.
خجل السؤال
السؤال الذي نخجل منه في الغالب؟، يكون بطبيعة الحال متعلقاً بردة الفعل الإستراتيجية التي أسعى أن أسس لها عبر هذا السرد التحليلي للسلوك السياسي الأمريكي، وأعتقد أن السلوك السياسي المتزن يفرض علينا في منطقة الشرق الأوسط أن نلعب في مجريات اللانظام العالمي الجديد بذات الأدوات التي يلعب بها، بمعنى أن الخيار اليوم ليس خيار مواجهة أو خيار حوار حضارات "خائب"، الإتجاه السياسي يذهب اليوم بالعالم في ظل قيادة الولايات المتحدة إلى نموذج سياسي دولي أوحد، هذا ما يفرض علينا أن نساهم في صياغة هذه اللقطة التاريخية للأنسانية لا أن نحاول فرض "تاريخنا وثقافتنا ومصالحنا"، علينا أن نمارس مفهوم "الكبسلة" وهو سلوك الكائنات الأولية حين لا تستطيع التفاعل أو التعايش مع محيطها الخارجي، بمعنى أن خيارنا السياسي لابد أن يكون مشاركاً في صناعة القرار ولو كان هذا الخيار يحتمل خسارة بعض الأوراق التي تعودنا على الإستمراض السياسي في صالحها.
خيار اليوم لابد أن يكون التجاوز والقطع والبتر لكافة متعلقات الثأر في الشخصية العربية، نحو تأسيس مرحلة تاريخية جديدة مفصلية وقطعية مع خيارات شيوخ السياسة والصحافة والتحليل السياسي المريض بالقومية والعروبة والإقليمية والمصير المشترك لكافة شعوب المنطقة. لابد لنا أن نؤسس خطاباً سياسياً متجاوزاً للرعيل السابق من الكتاب والساسة والصحفيين "منتهي الصلاحية" نحو أفق جديد يتلاءم مع ما يعيشه المجتمع من حداثة إجتماعية بارزة وواضحة للعيان. علينا أن نحاول ضبط الإيقاع السياسي في أنماط سياسية جديدة قادرة على إدارة إرث المرحلة السياسي بعلمية وعقلانية.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحدي الشجاعة داخل نفق مظلم.. مغامرة مثيرة مع خليفة المزروعي


.. الحوثي ينتقد تباطؤ مسار السلام.. والمجلس الرئاسي اليمني يتهم




.. مستوطنون إسرائيليون هاجموا قافلتي مساعدات أردنية في الطريق


.. خفايا الموقف الفرنسي من حرب غزة.. عضو مجلس الشيوخ الفرنسي تو




.. شبكات | ما تفاصيل طعن سائح تركي لشرطي إسرائيلي في القدس؟