الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المغرب وعقلية التخلف

خالد الصلعي

2015 / 2 / 2
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


المغرب وعقلية التخلف
*****************
أولا لابد من وضع قاعدة عامة يدركها القاصي والداني " الاصلاح في المغرب ممنوع " وبالتالي فان أي تغيير هو في حكم الوهم والكلام المعسول . هكذا نكون قد اختصرنا الطريق على أنفسنا في نقاشات عقيمة أقعدتنا زهاء عشرين سنة من الغوغائية والسياسوية البغيضة والنقاش العقيم . فالقائمون على أمر وشأن المغرب أشخاص احترفوا التضليل والكذب ، الى درجة نسخ كلامهم في كل خطاب أو مناسبة ، وتكرار ما سبق قوله والتعهد به . ولن تجد ترجمة ولو بسيطة لوعهودهم وتعهداتهم .
وللوقوف على مضمون المقدمة ، يكفي أن أشير الى قرار مجموعة من الأحزاب الحاكمة والمعارضة بين قوسين ، بعدم فرض شرط أو تقييد للمتقدمين للترشح للانتخابات القادمة . وتلك العتبة التعليمية التي تبناها الميثاق الجماعي الجديد . وهو شرط وتلك عتبة لا يمكن معهما الا أن يطأطئ المرء رأسه أرضا ويقول جهرا او سرا ، اذا لم تستحي ، فافعل ما شئت .
كيف يعقل في بلد يدعي مسؤولوه الديمقراطية أن يقدموا الى أهم تمظهرات الديمقراطية أشخاصا لا يعرفون التعبير عنها ، ولا تصريفها أو ترجمتها وتمثلها ؟ . بل ان الأمر أعقد من ذلك . فالأمي هو كائن فاقد للمعنى التنظيمي من وجهة قانونية ، وبالتالي فان أي قرار أو مشروع أو دورية او مشكلة أو مبادرة يستحيل أن يتعامل معها في مستواها التطبيقي أو النظري ، وهو ما يلزمه أن يوقع ويفرض عليه القبول بأي شيئ ، كذاك الرئيس الذي كان يرأس احدى الجماعات الترابية فصنع له مقربوه مقلبا ووضعوا له في سجل التوقيعات استقالته التي وقعها بافتخار وهو لا يدري أنه يوقع على موته الاجتماعي .
واذا كانت تلك الأحزاب قد اعتمدت فيما مضى على الأعيان من أصحاب الشكارة ، والكتل العددية للتابعين الخلص ، فان المغرب لن يدخل أي مجال تنافسي اذا تابع نفس المنهجية ، واعتمد على أشخاص أميين أو ذوي مستويات دنيا في التعليم ، كما حددها القانون المعمول به حاليا الذي سطرته وزارة الداخلية والذي يحصر مثلا شروط التقديم لرئاسة الجماعات المحلية في أولئك الحاصلين على ما يعادل الشهادة الابتدائية . ولنا أن نتصور اليوم في ظل نوعية التعليم المغربي ، رئيسا لجماعة ترابية بمستوى شهادة الابتدائي ، وجميع أعضاء جماعته من الأميين ، وهو سيناريو وارد في ظل قانون الجماعات الجديد ، وفي ظل معدل التعليم بالمغرب ومستواه . بل الأدهى من ذلك ان نرى أن أحد قادة الأحزاب يدعو الى اسناد رئاسة الجهة الى الأميين، وسنده الوحيد في ذلك كثرة الأميين بالمغرب ، والأمر يتعلق بالسيد رشيد الطالبي العلمي .
واذا ما عدنا الى تصريح من قبل مصادر من وزارة الداخلية الذي نقلته جريدة الأسبوع الصحفي بتاريخ 18 نوفمبر ، فاننا ندرك مدى تشديد الدولة على الابقاء على الأميين ومعدمي الكفاءة وهذا هو تصريح مطبخ وزارة الداخلية حسب تعبير الصحيفة " كيف لنا ونحن نجد صعوبة في عدة مناطق قروية ونائية حتى في ايجاد عضو منتخب واحد يتوفر على الشهادة الابتدائية ليصبح رئيسا للجماعة ، فبالأحرى شهادة الباكالوريا ، ليس للرئيس فقط بل حتى لأعضاء المكتب جميعهم . هذا ضرب من الخيال وصالح لبلد كالسويد ، أما نحن فنضطر لتسيير الجماعات في كثير من القرى البعيدة والجماعات النائية عبر الموظفين ، وخاصة الكتاب العامين للجماعات بسبب أمية الرؤساء الذين لايعرفون أبسط المساطر المطبقة في تسيير الجماعات " . انتهى الكلام المنسوب لمطبخ وزارة الداخلية . وهو كلام خطير يمكن أن يجر قائله الى مساءلات شاقة ، لأنه يضرب تصريحات الملك ورئاسة الحكومة ، والحكومة نفسها بتعميم التعليم وارتفاع نسبة المتعلمين ونسبة محو الأمية .
نحن اذا أمام منظومة من الاستحمار والتضبيع ، كل منتسبي الدولة يقرونها ويشجعون عليها . وفي هذا الخضم لا يمكن لأي بلد هذه هي عقلية ونظرة مسؤوليه الى واقع المغرب وطريقة تدبيره أن يتقدم ، بل انها خطوات واضحة نحو الوراء .
أضف الى ذلك الملايير الضخمة التي يمكن توظيفها في امتصاص بطالة متضخمة تنهش عمر شباب المغرب ، وهي أموال اذا تم قياسها باستثمار عقلاني تتضاعف ، وبالتالي فان حجم ضياعها يتضاعف ايضا . فلو تم استثمارها في مشاريع مربحة كتوظيف أصحاب الشواهد العليا ، فان عملية الانتاج ستتطور أكثر من عدة أوجه .
ان حجم الأموال المهدورة عبثا في المغرب حجم هائل ، وهو وان كان يمثل جانبا مهما من سياسة الريع التي يستفيد منها المتحكمون في رقاب المغاربة وفي خيراته ، فانه يعتبر جناية يعاقب عليها القانون . ولكن شيئا من هذا لايحدث . ويبقى مثال الوزير المقال أوزين اكبر شاهد . كما تبقى فضيحة 9 تسعة آلاف شبح بولاية الدارلبيضاء الكبرى التي تستنزف أكثر من اربعين مليارا شاهدا آخر . ودعك عن المشاريع الوهمية ، وسرقات أراضي الدولة والجماعات . واحتكار الملك للمؤسسات الحساسة وتعيينه لأقاربه فيها ولخدام العرش ، وهذا ما يجعل الآخرين في جانب المغضوب عليهم ، رغما عنهم مما يدفعهم الى التملق والتزلف والاسترزاق ، ويحشر الآخرين في معارضة عفوية غير مبنية على أسس علمية وواقعية وسياسية .
فالقصر مع تجربة محمد السادس احتكر المجال السياسي برمته ، ولم يترك هامشا للمناورة أو ابداع أشكال سياسية قادرة على رفد الفعل والممارسة السياية بالمغرب . كما شاءت ربما الصدف مع سلفه الحسن الثاني الذي وجد امامه رجال سياسة أقوياء واذكياء ، الى درجة جعلت المغرب مدرسة سياسية يحجها الكثير من العرب لقراءة استثنائيتها وتجربتها المتميزة قبل مجيئ محمد السادس .
ان بنية التخلف في المغرب أصبحت مستحكمة الى درجة الابتذال وغياب النقد البناء ، والابداع الخلاق ، والاضافة المثمرة . وتلك العينات التي سيقت في هذا المقال تعتبر عينات اعتباطية وعشوائية ، في غياب دراسة علمية توثق لبنية التخلف بالمغرب عامة . ولعلي اجترح في هذا المقال رؤية جديدة لدراسات دقيقة تقف على ظاهرة التخلف كبنية تتبناها الدولة المغربية ويتكفل برعايتها النظام المغربي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أول مناظرة في فرنسا بين الكتل الانتخابية الرئيسية في خضم حمل


.. وساطة إماراتية تنجح بتبادل 180 أسيرا بين موسكو وكييف




.. استطلاع: ارتفاع نسبة تأييد بايدن إلى 37% | #أميركا_اليوم


.. ترامب يطرح خطة سلام لأوكرانيا في حال فوزه بالانتخابات | #أمي




.. -أنت ترتكب إبادة-.. داعمون لغزة يطوقون مقر إقامة وزير الدفاع