الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الديمقراطية عندما تكون نسبية .

لينا سعيد موللا

2015 / 2 / 2
مواضيع وابحاث سياسية





مقال عمره ثلاثة سنين ونصف وما جاء فيه يبقى دقيقاً، أتمنى قراءته كاملاً.

الديمقراطية نعمة للشعوب التي تطبقها وتعيش مناخها، وسم زعاف لتلك التي تحرمها من دبق الفساد ...

-1-
أذاعت البي بي سي إعلان بعض الدول الأوروبية عن أن حجم أموال مصر المهربة إلى الخارج، بلغت اكثر من 134 مليار دولار، تراكمت علي مدى 30 عاما .

ويتابع ذات المصدر أن الأصول المصرية قد هُربت إلى الرياض والدوحة ودبي ولندن ومدريد وبنما وسويسرا.
سويسرا التي تجاوبت وطلب مصر فجمدت الأصول بعد تنحي حسني مبارك بنصف ساعة، أما بريطانيا ذات الأطماع التاريخية وهي الدولة الأقل شفافية، فقد انتظرت مدة 37 يومًا حتى تقوم بتجميد أموال مبارك، حيث تعتبر فوائد هذه الفترة مكسباً لا يقاوم من دولة اتسعت أطماعها لتبلغ جميع أصقاع المعمورة .

والكارثة ليست فقط في ضخامة هذا الرقم وما يمثله بالمقارنة مع الدخل القومي المصري، ولا حتى في تهريبها إلى خارج مصر باعتبارها رؤوس أموال قذرة تخشى من المساءلة عن مشروعية المصدر، بل لانعدام أي مسؤولية سياسية لاسترجاعها، ودائماً وفق الخبر الذي أوردته البي بي سي التي يعرف عنها الرصانة في نقل الخبر .

إذ الأحرى بمصر وحكومتها الوليدة التي تتسول التبرعات من الدول المانحة، أن تقوم وعن طريق خبرائها القانويين والماليين، بمطاردة هذه الثروات الوطنية، التي هربت من سوقها الداخلية والناتجة عن أنشطة واستثمارات غير مشروعة، والتي تعود لكبار رجال الدولة وشركائهم .

لكن الحاصل والثابت أن ثروات كبيرة من هذا النوع تستطيع شراء أغلب الضمائر، حتى تتحول مع الزمن إلى سراب وأرقام غير أكيدة . فلا المخولون الحكوميون بمتابعتها واسترجاعها،قادرين على مقاومة براطيلها التي تدخل أرصدتهم الخارجية، فتحولهم خلال ومضة عين من موظفين برواتب محدود إلى أغنياء فاحشي الثراء، والانسان ضعيف ..

ولا الدول التي استقرت فيها رؤوس الأموال المهربة، قادرة على التضحية بعائديتها الاقتصادية، بعد أن تحولت الأموال الوافدة إلى أسهم وعقارات وشركات منتجة تدخل في عملية الإنتاج ودفع الدورة الاقتصادية.
ففي دولة كبريطانيا تتقن فنون المراوغة *4، نسمع من مسؤوليها كلاماً طيباً عن حرصها على أرواح المدنيين، في حين تقوم وعلى أرض الواقع لوضع مختلف أنواع العراقيل التي تحول دون عودة الأموال المسروقة إلى اصحابها الحقيقيين، طمعاً ببقاء تلك الأموال على أرضها وضمن ماكينتها الاقتصادية . وبالتالي إطالة أمد النزاع حتى يضيع اي أثر قانوني بوجود هذه الأموال لديها .
فالدول كما الأشخاص تماماً تتقن فنون اللصوصية والقرصنة، وهي قادرة على التوارى من المسؤولية، بحماية قوانينها الوطنية التي تحصنها وترفع عنها المساءلة القانونية تجاه المجتمع الدولي، أما وعلى صعيد الاعلام فهي تبدي إرادة مخلصة في التعاون لايجاد هذه الأموال ومن ثم تجميدها . وهو الأمر الذي لن ولم يحصل أبداً .


2 –

اما عن الأموال السورية الموجودة في الخارج فيقدرها خبراء في مؤسسة الاستثمار العربية بمبلغ يصل إلى 140 مليار دولار، أما مؤسسة الشفافية العالمية وهيئة النقد الأوروبية فقد قدرت الأموال السورية في المصارف خارج سورية بحدود 100 مليار دولار، وذلك نظراً لوجود كتلة كبيرة غير مصرح بها ومن الصعب تقديرها. *1

لكن ثروة آل الأسد وهي ثروة مستقلة لا تدخل في تركيب الأرقام السابقة، فتقدر بـ 122 مليار دولار، تراكمت وتجمعت خلال فترة امتدت بين عامي 1970 تاريخ استلام الأسد للسلطة وحتى عام 2011 تاريخ نشوب الثورة السورية* 2.

لكننا لا نستطيع الجزم أن هذه الأموال موجودة بمجملها في الخارج، إذ بعد تدمير برجي التجارة العالمية في نيويورك، بدأت أموال كبار الفاسدين في سوريا ومن بينهم آل الأسد بالعودة إلى الداخل السوري وشراء العقارات باعتبارها الأكثر ضماناً وإمكانية في إعادة تسييلها من جديد، كما تدفقت بعض هذه الأموال المودعة في الخارج لتقوم باستثمارات ضمن العالم العربي الأكثر أمانا وتحصيناً في مواجهة العقوبات كما أسلفنا كالسعودية والامارات . *3

لكن تدفقات الثروات المنهوبة من الخارج إلى الداخل و بحجم أكبر، جاءت إثر العقوبات التي طالت النظام السوري على موقفه من احتلال العراق واتهام الأميركيين للنظام بأنه يشجع ويأوي الانتحاريين ويؤمن لهم العبور للعراق لتنفيذ عملياتهم .
هذه التدفقات وصلت لحدها الأقصى إثر اغتيال المرحوم رفيق الحريري رئيس الوزراء اللبناني الأسبق، وما رافقه من إجراءات عقابية ضد شخصيات سورية نافذة وفاسدة، الأمر الذي حث آل الأسد ومخلوف وشاليش و و، إلى إعادة جزء من ثرواتهم إلى سوريا بعد أن كانوا قد خلقوا بنية قانونية تسمح بإنشاء المصارف الخاصة و بعض الشركات المساهمة وشركات التأمين والوكالات الكبيرة للبضائع الأجنبية، فكانوا أكبر المساهمين، بأسمائهم أحياناً أو بأسماء صورية تعتبرواجهة لاستثمارات ضخمة كالشركات القابضة، أو بشراكات كبيرة مع شركات خليجية عملاقة، وهكذا فإن جزءاً من هذه الأموال دخلت ارض الوطن، وبات آل الأسد ومخلوف تدريجياً يملكون ما يقارب نصف الثروة العقارية في سوريا، وأغلب الوكالات الأجنبية والحصة الأكبر من المصارف الخاصة بما فيها المصارف الاسلامية، وباختصار هيمنوا على مختلف مناحي الحياة الاقتصادية واحتكروها لأنفسهم بطريقة جشعة لا تعرف الرحمة .

لذلك فإننا نفهم أن عرض تنحي الأسد في بداية الثورة، كان يعني خسارته الكاملة لكل هذه الثروة لا بل خطر مسائلته عن طريقة جمعها بالاضافة لآلاف الجرائم الأخرى، وهذا أمر غير وارد بالمطلق بالنسبة إليهم، لا بل يعتبر خيانة عظمى في ذهنية آل الأسد ومخلوف اللذين ما زالوا يظنون أنهم من أكبر أثرياء العالم وأن المال هو سلطتهم الحقيقية والقادر على صنع انتصاراتهم الواهمة ، وكذلك التملص من أي عقوبات دولية عن طريق شراء الضمائر بحفنة من المال.
مال لم يعرفوا قيمته، تراكم في خزائنهم ليصنع أرقاماً فلكية، دون تعب .. دون عرق وبطرق استغلالية غير مشروعة .

ومع ذلك .. لم يضعوا جميع غلالهم الغير مشروعة في سلة واحدة، إذ قاموا باستثمارات كبيرة في دبي وأوروبا، وروسيا و .. عن طريق شراء معارض وفنادق وعقارات ومقاسم وأسهم .

أما عن الكتلة النقدية التي بحوزتهم فهي وفق راي المتتبعين والصحفيين الماليين المختصين، تتجاوز الـ 50 مليار دولار موجودة في مصارف موزعة حول العالم، ويقال أن أغلبها عبارة عن أرصدة في بنوك موجودة بجزر الكاريبي . حيث يستفيدون من سهولة إجراءات الإيداع والتحويل، بنوك تغض النظر عن مصادر تلك الأموال ومشروعيتها .

ولأن النظام في سوريا عامة وآل الأسد خاصة يعملون بريعية اقتصادية شبيهة بتلك الموجودة لدى المافيات الروسية والصينية والكولومبية، فإن لهم عمليات اقتصادية مشتركة في تلك الدول، فنجد أن لحسون مفتي الجمهورية ثروة كبيرة في روسيا أسوة بآل الأسد باعتباره شريكهم، حيث تترابط وتتشابك المصالح المافيوية مع السياسة الخارجية للدولة، وهو ما يفسر سر الارتباط الوثيق بين المسؤولين الروس وبشار الأسد ونظامه .

الهوامش

*1 - عبرت الصحف والاوساط الاقتصادية السورية عن دهشتها ان تشمل الاستثمارات السورية في السعودية المرتبة الأولى عربيا والخامسة عالميا بعد أميركا وبريطانيا وفرنسا واليابان والتي تصل الى 468 مليون دولار أي بنسبة 2‚2% من اجمالي الاستثمارات العالمية في السعودية .
*2 - حلت سوريا في المرتبة 129 عالميا ، في التصنيف الذي أصدرته منظمة الشفافية العالمية مؤخرا حول ” تصورات الفساد ” في العالم والذي أجري لعام 2011، في حين كانت بالمرتبة 69 في عام 2003، والمرتبة 97 في العام 2006 ، ثم انهارت إلى المرتبة 142 في العام التالية 2007 وهو رقم يندى له الجبين ويعكس مقدار الفساد المستشري فيها، والذي أدى إلى تفجر الثورة فيها .
*3 - الاماراتية لم توقف رحلاتها إلى دمشق ومنها حتى أيام قلائل حينما تعرض مطار دمشق الدولي للقصف من قبل الثوار وبات غير آمن .
*4 - قدمت بريطانيا مليون دولار أو ربما جنيه إسترليني للائتلاف السوري، والسؤال ما الذي تشكله هذه الهبة من مجمل المبالغ العائدة لآل الأسد، أو من طالتهم العقوبات الأوروبية، والتي تم تجميدهم في بريطانيا ؟

قادمون
لينا موللا
صوت من أصوات الثورة السورية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحوثيون يعلنون بدء تنفيذ -المرحلة الرابعة- من التصعيد ضد إس


.. ”قاتل من أجل الكرامة“.. مسيرة في المغرب تصر على وقف حرب الا




.. مظاهرة في جامعة السوربون بباريس تندد بالحرب على غزة وتتهم ال


.. الشرطة الأمريكية تعتقل عددا من المشاركين في الاعتصام الطلابي




.. بعد تدميره.. قوات الاحتلال تمشط محيط المنزل المحاصر في بلدة