الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يا سياف ... !

علي عبد الرضا

2015 / 2 / 3
الادب والفن


الدكتور علي عبد الرضا طبله
استراحة مقاتل :
---------------------------------------------------------------------
في شارع أبو نؤاس، الذي لم ازره منذ 40 سنه، تصورت نفسي هناك ...
واقفا ممعننا بصري بجليس متكئ على الأريكة ... يقدح الكره من عينيه ... وشهوة القتل ...
وأمراءه صبية، بجسد جميل ممشوق معتدل القوام، ما زالت لم تغادر تماما كل أحلام طفولتها المدللة البريئة، وذاكرتها مخزنة بكل جميل الكلام والقصص، تبتغي من ذاكرتها ان تنقذ رقبتها من سيف جلاد المتكئ على الأريكة بكل كسل وتعال وهي تعرف ان السيف يسقط على رقبتها عند اول زله : ان تخفق في اشباع المتكئ بطريف الكلام ...
لقد سبقتها رقاب المئات والاف وعشرات الاف ومئات الاف والملايين وعدد ولا حرج
وقفت طويلا ....
وما زلت واقفا اتمعن ...
فخطرت في بالي فكره......... !!!
ماذا لو اننا جعلنا هذه الصبية تمثل كيانا سكانيا من اعراق مختلفة ولكنهم يلتقون على حب فلان ... ( !؟ )
وماذا اذا جعلنا المتمدد المتكئ الكسلان يمثل كيانا منسجما عرقيا في بلاد القصص والانس والجان، ويلتقون على حب فلان وفلان وفلان وفلانه وعلانه وبغضهم لواحد اشعل كل عصبيات الجاهلية في نفوسهم نتيجة لتقتيله افراد من قومهم كانوا كفار فشتموه 80 عام او 1000 شهر ...
وقتلوا أبنائه واحفاده واتى من بعدهم من صنفهم فامعنوا في القتال حتى لم يبقى لهذا الفلان الا حفيد واحد مختبئ من لمعان سيوفهم ... !
وهذا الكيان ومنذ أربعة عشر قرنا ماسك بالصولجان وما ينطيه لو جان ما جان ...
واذا بهذه الصبية - الكيان وهي تعرف مصير من سبقوها بالملايين ومئات الاف وعشرات الاف والالاف والمئات والعشرات وحتى الجنين في بطن امه لم ينج من قطع الرأس ...
هذا واقع حال ...
الصبية في طريقها الى المتكئ الكسلان بصحبة ابيها المفجوع بها اضمرت في نفسها امرا لا يخطر على بال كانت قد حضرت له مع رفيقاتها اخر ليالي الوداع ...
ودعها ابوها وقد خضبت الدموع لحيته التي طالها الشيب موقنا بهلاك ابنته بعد ساعة من الزمان ،،،
وقفت الصبية، استقام قوامها الجميل، اشرق وجهها الجميل، تراقصت أصابع كفيها وهي تهدي للمتكئ السلام ...
وبادرته بلا مقدمات ولا خوف او وجل رفعت قناع براءتها وخوفها واستكانتها ...
احم ... احم .... بصوت خافت حمحمت
اسمع انت يا هذا ... لنتكلم ... لقد سئمنا الذلة والمهانة وخدمة احذية السلطان، خذ رقبتي الان، ولكن قبل ان تفعل ذلك اسمع ما سأقوله لك، وخذ ما تريد، لان ما سأقوله لك سيقوله من بعدي ملايين ومئات الألوف وعشرات الألوف والاف ومئات وعشرات واخر صبيه في بلادنا الواسعة ...
اسمع : انا انسانه، او انسان، احب الجميع بلا تفرقة، لا في الدين، ولا في الأعراق، انا كريمة الاخلاق، حتى انهم يدعوني الست مكارم الاخلاق، ولا اختلف فيما تكوين جسمي كانسانه، او انسان، عن جسدك، وقواي العقليه لا تقل عنك، وقواي الجسديه اكثر منك، وحبى للحياة يفوق عليك ...
اسمع : كما في عقائدك يوجد شتى الاجناس، ففي عقائدي يوجد شتى الناس ...
اسمع : انا وابتي واجدادي واجداد اجدادي واقراني واهاليهم والجيران والاقارب والاخوان كلنا نسكن هذه الأرض من غابر الزمان ...
اسمع : هذه ارضنا
اسمع : انت دخيل على تربتنا اتيت من الشيشان او الغربان
اسمع : انت على ديني ونحن اسنا على دينك ...
اسمع : توحدنا بحب فلان لان رسولنا، قبل ان يكون رسولكم، أشار لفلاننا بانه وشيعته يوم القيامة في امان
اسمع : يجمعنا حب الخير وفعل الخير، وتأدبنا على أساس القرآن، واحكامه في مكارم الاخلاق، و وانتم يا ذا يجمعكم حب المال والشهوات والصولجان ...
اسمع : هذا خلاصة أي كلام وكلام سمعته او تحلم بسماعه من بعدي وانت تهوي ماجن الكلام، لقد سئمنا من تقتيلنا من ذبحنا من سجننا من تعذيبنا من التسلط علينا من اهانتنا واهدار كرامتنا وعزتنا وشموخنا وكبريائنا واقصائنا وتهميشنا واهمالنا وما اعطيتمونا من عمل الا ارذل الاعمال وجندتم الأطفال منا ضد اوليائهم ... فحصدنا منكم ومن امثالكم الموت الزؤام ...
اسمع الخاتمة : لن نمد رقابنا الى سيافكم منذ الان، ان اردتم العيش نعطيكم جزءا من تربتنا عيشوا كرام وتحلوا بمكارم الاخلاق، وهذا شرطنا الأساس ان نتعايش بسلام ونقتسم الارزاق لكل واحد منكم رغيف ولكل واحد منا رغيف ان قبلتم فلها والا.........
يا سياف اضرب ضربتك
فقد علمني وادبني ابي الشهيد على قولة :
هيهات منا الذلة !
لا خوف بعد اليوم فكيفما يعيش الانسان فانه الى ممات، اتى اليوم او بعد عقود من الزمان ...
...
انتبهت على نفسي ويدي تتحسس رقبتي والناس المحيطين يحدقون النظر الي بتعجب واستفهام ...
...
عندما غادرت الوطن لم يكن هذا النصب قد خرج من الخيال ...
ومنذ أربعين عاما تزورني كوابيس ملاحقة الاوغاد، اللئام العطشى للدماء والآثام، لي في شوارع بغداد الحبيبة ...
واني لأذكر، وكأنها البارحة، كيف التقي الرفاق واحدا تلو اخر، مبتدأ من الكاظمية سيرا على الاقدام وحتى الكرادة، وعودا من جديد من الكرادة الى الكاظمية مشيا مشيا مشيا غير مغير لسلسلة اللقاءات، في كل ساعة يلتحق بي رفيق وبعد ساعة يغادرني ليلتحق بي رفيق اخر، وانا اسجل بيقظة كل مجريات تلك الاحداث، محاضرا تلو محاضر في ذاكرتي بإتقان، اسلم واستلم وثائقا تلو وثائق وجريدة مكتوبة باليد سهرت الليل كله لاستنسخها الى مائة نسخة، واحتفظ بأخرها لأعيد استنساخها من جديد، ففي غد لدي لقاء وموعد مع حميد وفؤاد وعامل وثائر ورفيق وصديق ... وانا اجر جسدي المنهك بإصرار عجيب من موعد لموعد اخر جديد ... تحمل يا جسدي فغد غد مشرق وضاء جميل ...
يا سياف اضرب ضربتك ... لعنت !
هيهات منا ...
( وراسي يهوي الى الأرض تنطلق شفتاي باخر كلمة لي لرفاقي قبل الفراق ... )
... ه ... م ... الذلة !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنان إيطالي يقف دقيقة صمت خلال حفله دعما لفلسطين


.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز -ديدي- جسدياً على صدي




.. فيلم السرب للسقا يقترب من حصد 28 مليون جنيه بعد أسبوعين عرض


.. الفنانة مشيرة إسماعيل: شكرا للشركة المتحدة على الحفاوة بعادل




.. كل يوم - رمز للثقافة المصرية ومؤثر في كل بيت عربي.. خالد أبو