الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من دولة سايكس- بيكو الى دولة الكانتون والقاعدة

عادل سمارة

2002 / 12 / 24
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


رام الله – فلسطين المحتلة

لم يعد الانتقال من مرحلة سايكس- بيكو الى مستوى جديد شيئا من الترف الفكري او حديث مثقفين او تسابق على براءة اختراع التسميات والمصطلحات. فبقدر خضوع القيادات التقليدية الاقطاعية، ان جاز التعبير، والراسمالية التجارية العربية في اوائل القرن العشرين لبريطانيا، تخضع انظمة الكمبرادور العربية اليوم للولايات المتحدة، وتسلم لها جسد هذا الوطن على طريقة المثل العشائري القديم : "نحن اللحم وأنتم السكِّين".

وفي حقبة كهذه تنقسم الامة العربية عمليا الى قسمين شعبي ورسمي. انه انقسام يحول دون وجود مشروع مشترك بينهما. لا مشروع مشترك بين الطبقتين سواء كان مشروعا قوميا سياسيا او تنمويا. بل وصل الامر كما يبدو الى عدم وجود مصلحة مشتركة بينهما لأن الرسمي قابل للتكيف على يد الاجنبي كما يراد له، انه لدائن طيعة لأعداء الأمة.

كما لم يعد الحديث عن تقسيم كل قطر عربي على حدة الى كانتونات، لم يعد شيئا جديداً ولا مجرد سيناريو يتم تقييمه في الذهن بقدر ما هو مشروع يجري تنفيذه على الارض. فاتفاق "ماشاكوس" في السودان نموذج واضح في هذا المستوى مهما حاولت الحكومة السودانية تمويه الامر حفظاً لماء الوجه. فقبول السلطة هناك بهذا الاتفاق يعني ان السلطة اشترت بقائها في سدة الحكم وباعت تاريخ ومستقبل السودان.

اما اعتراض بعض الانظمة العربية على ذلك الاتفاق، فهو اعتراض لا يُعول عليه، لأن اعتراض هذه الانظمة محفوز بالخوف على نفسها وليس خوفا على مصلحة الامة، ولا هو اعتراض يحمل في طياته استعداداً لدعم السودان. فالانظمة المعترضة هي في الحقيقة حليفة للامبراطورية الاميركية راعية او فارضة هذا الاتفاق.

ولكن، كيف تقبل الانظمة العربية بتمزيق وحدة القطر الواحد، دولة هذا النظام او ذاك، على مرأى ومسمع منه.؟.

من الواضح ان الامور اختلفت عن حقبة الامبريالية عندما كانت ترتحل الطبقة الحاكمة تقريبا بكاملها من البلاد التي تنتصر فيها الثروة، ترتحل الى احضان السيد الامبريالي الذي طالما رغب في ذلك ليثبت وفائه لعملائه ولأن هؤلاء عندما يرحلون ينهبون البلد اساساً، هذا ناهيك عن ان الولايات المتحدة نفسها دولة تبحث دوماً عن مهاجرين جدد باجور رخيصة.

هذا كان حال الانظمة الحاكمة التي هربت بعد انتصار الثورات من كوبا والصين وفيتنام وكوريا. وهي التي شكلت جاليات كبيرة في الولايات المتحدة.

اما في حالة الوطن العربي، فلم يعد التهديد في العقود الثلاثة الاخيرة من جانب الثورة المحلية. ولو كان الامر هكذا، لكن سهلاً على كثير من الاقطار العربية ان ترحل الاسرة الحاكمة (وليس الطبقة الحاكمة) في بضع طائرات الى لندن. ما يحصل في الوطن العربي هو قيام المركز الراسمالي نفسه بتفتيت سلطة الطبقة او الاسرة الحاكمة الى عدة دول/كانتونات بما تقتضيه مصالحه الاقتصادية واستراتيجية حماية هذه المصالح. ولأن هذه الدول مدينة للمركز بوجودها واستمرارها، يبدو انها اعجز من ان تعترض على ما يخطط.

لذلك، قد يحصل في الوطن العربي ما حصل في روسيا، بدرجة او اخرى. فقد انتهت طبقة النومنكلاتورا في الاتحاد السوفييتي السابق الى طبقة راسمالية بدل "قشرتها" الاشتراكية، واكتفت بروسيا تاركة للاجزاء الاخرى من الاتحاد السوفييتي كي تفلت من مدارها لتلتحق بمدارات اخرى عديدة.

من جهة اخرى ومن قبيل المفارقة والطرافة والماساة، ان لا يكون الامر غريبا او شاذا الى هذا الحد في الوطن العربي. فالدولة الكانتون موجودة في الوطن العربي منذ عدة عقود. وقد اكتشفت الامبريالية وحكومات هذه الكانتونات انها يمكن ان تعمل وتبقى. اليس ما يقارب نصف الاقطار العربية اليوم هي كانتونات، والكثير ممن تحولت الى اقطار، بحكم تكاثر السكان فقط، كانت قبيل عدة عقود كانتونات لا اكثر!.

وإذا كان فصل جنوب السودان هو نموذج تجاوز سايكس- بيكو على مستوى القطر الواحد بخلق كانتونات/دول في كل قطر عربي وقطر، فإن ما يتم في كردستان العراق هو خلق دولة "كانتون القاعدة" اي قاعدة للمركز الاميركي في العراق. قاعدة شبيهة باسرائيل من حيث الدور ووجوب البقاء تابعة للمركز الراسمالي. ومن يدري اين يمكن ان تنجح الولايات المتحدة في خلق دولة/قاعدة من هذا الطراز.

سيكون هناك ، اذا ما تحق للولايات المتحدة دولة قاعدة من الطراز التركي. دولة تكون فيها السلطة السياسية جزء من المشروع العدواني ضد الوطن العربي، في حين ان شعبها غير متساوق مع العدوان. فلا شك ان الشعب الكردي سوف يكتشف المأساة التي يدفعه اليها جلال الطالباني وأمثاله بمعنى انه بدل حقه في تقرير المصير يجري تحويله الى شعب عميل للمركز الامبريالي.

لعل من سمات النموذج الذي يدعو له الطالباني سمات تتقاطع مع النموذج الصهيوني (الدولة/القاعدة) التي تقدم خدمات او تقوم بمقاولات عدوانية لصالح المركز الراسمالي، مقابل ان يحميها هذا المركز. لذا، يقول جلال طالباني:
 
" ان لدينا مئة الف مسلح وعشرات الآلاف في سوريا ونحن نؤيد الهجوم الاميركي ضد العراق اذا امنت لنا اميركا حماية من بغداد".

ان الحديث وفي هذه الفترة المبكرة عن اكثر من مئة الف جندي، يشير الى تشابه مع الدور التركين اي بلورة مؤسسة عسكرية كبيرة يكون دورها إخضاع الشعب وخدمة الاجنبي. وعليه، لن يكون دور السلطة في كردستان (الدولة/القاعدة) هو دور قومسيونجي في خدمة المالك الحقيقي للنفط هناك، اي الولايات المتحدة.

http://www.kanaanonline.org/arabic/index.php








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ليس الحرب الحالية.. ما الخطر الذي يهدد وجود دولة إسرائيل؟ |


.. مجلس النواب العراقي يعقد جلسة برلمانية لاختيار رئيس للمجلس ب




.. هيئة البث الإسرائيلية: توقف مفاوضات صفقة التبادل مع حماس | #


.. الخارجية الروسية تحذر الغرب من -اللعب بالنار- بتزويد كييف بأ




.. هجوم بـ-جسم مجهول-.. سفينة تتعرض -لأضرار طفيفة- في البحر الأ