الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل يمكن تكرار نموذج هزيمة الدولة الاسلامية في كوباني في مكان آخر

عبدالله جاسم ريكاني

2015 / 2 / 3
مواضيع وابحاث سياسية



التحرير الكامل لمدينة كوباني الصامدة من براثن الدولة الاسلامية، ان هو إلا برهان ساطع على اصرار و صلابة المقاومة الكوردية على الارض من جانب و عرض رائع للكفاءة المدهشة للقوة الجوية الامريكية عندما تصمم و تلتزم هي الاخرى بالمهمة المنوطة بها على اكمل وجه.
و مع هذا، فانه من الضروري ايضاً تحديد و توصيف البعض من ردود الافعال المغالي فيها لاعلان داعش الانسحاب من كوباني او اعلان هزيمتها من المدينة الصامدة. ان خلاص كوباني لا يشكل بأي حال من الاحوال هزيمة عامة لقوات داعش، و لا تعني بداية النهاية لهذه المنظمة و دويلتها. كما ان طرد ارهابي داعش لا تنهي مهمة الكورد في تنظيف المناطق و القرى المحيطة بكوباني. و لكن و من جانب اخر فان الهزيمة الداعشية تشكل واحدة من سلسلة الهزائم و الانكسارات التي عانت منها داعش في الفترة الاخيرة سواءً على يد الميليشيات الشيعية، قوات الحكومة العراقية او قوات البيشمركة الكوردية التي باتت تقترب من الموصل شيئاً فشيئاً. و لكن و مع هذا، لا يزال قلب الدولة الاسلامية في مدينة الرقة السورية و الجزء الاكبر من الاراضي العراقية التي استولت عليها داعش في حزيران الماضي واقعة في ايدي داعش.
بخصوص كوباني بالذات، فانها كانت قريبة من السقوط في بداية شهر اكتوبرمن العام الماضي و كان محاربو وحدات حماية الشعب الكوردية فيها قد هيئوا انفسهم للجولة الاخيرة من الحرب ضد داعش. و كان المدنيون قد غادروها مسبقاً و كذلك كل الصحفيين بعد ان كانت الخطة الداعشية تستهدف محاصرة المدينة من الشمال و عندها سيجبر الكورد على القتال حتى الموت من شارع الى شارع و من بيت الى بيت حتى الموت و النهاية المحتومة. ان السبب الرئيسي الذي منع حدوث هذه الكارثة، يعود في المقام الاول الى بدء الضربات الجوية الامريكية على مجموعات الدواعش التي كانت قد بدأت تحيط بالمدينة. لقد كانت هذه الضربات الجوية واحدة من اكبر اوجه التدخل العسكري الجوي ضد المنظمة الارهابية لحد الآن.
الجنرال جون آلن، منسق العمليات العسكرية و الحملة ضد داعش، كان في البداية حذراً من هدف الضربات الجوية واصفاً إياها بالجهود الانسانية الهادفة الى اعطاء المدافعين عن كوباني المزيد من الوقت لاعادة تنظيم انفسهم على الارض. و لكن و بعد مرور عدة اسابيع، تبين ان القرار الاستراتيجي الهادف الى منع كوباني من السقوط قد اُتخذ، و بات جلياً، ان الهدف هو سحق محاربي داعش بين مطرقة القوات الجوية الامريكية و سندان المقاومة البطولية للكورد، و بذلك فقد تم خلق نموذج و رمز للمقاومة ضد داعش و هي المدينة الباسلة كوباني. ان تعزيز و تقوية المدافعين المستبسلين من محاربي قوات حماية الشعب الكوردية المسلحين بأسلحة خفيفة و المدعومة ببعض الاسلحة الثقيلة المصاحبة لقوات البيشمركة التي دخلت الى كوباني من جنوب كوردستان في اواخر اكتوبر من العام الماضي، قد لعبت دوراً مهماً في ترسيخ المقاومة على الارض.. و كنتيجة لثبات الكورد على الارض، تمكنت القوات الامريكية من قطف و قنص و اصطياد العدد الاكبر من ارهابيي داعش حيث كانت التكتيكات الداعشية تستخدم اسلوب هجمات الموجات البشرية المتتالية و التي كان بامكان القوات الامريكية ملاحظتها و استهدافها من الجو مباشرة دون ان تستطيع قوات داعش الرد عليها.
كما ان الدبابات الداعشية كانت هي الاخرى مكشوفة و يمكن استهدافها من الجو دون ان تستطيع الرد او المواجهة، و لهذا فقد تكبدت داعش خسائر فادحة في محاولاتها المتكررة للسيطرة على كوباني.
و مع كل هذا، فان الانتصار لا يزال جزئياً وليس جازماً لان منطقة كوباني الكاملة لا تقتصر على مدينة كوباني فقط بل تمتد الى تل ابيض في الشرق و جرابلس في الغرب اضافة الى العشرات من الكيلومترات في جنوبها باتجاه الفرات. و هذا هو الجيب الذي حاولت داعش تدميره في خريف العام الماضي لانه هذا الجيب يمتد كنتوء الى شمال سوريا و يمنع داعش من التحرك و الانتقال بحرية من شرق سوريا الى غربها. اي انها تقع عقبة في وجه طموحات داعش المستقبلية للتوسع غرباً في حلب و ادلب و لهذا كان عليها ان تدمر كوباني.
الان، استطاع الكورد و حلفاؤهم من الحفاظ على مدينتهم كوباني المحاذية للحدود التركية و اصبحت هذه المنطقة رمزاً للمقاومة و أهدر الدواعش فيها اكثر من الف من خيرة محاربيهم و لكن المهمة الاكبر و الاصعب الآن هي في استعادة 300 قرية و الاراضي الاخرى التي كانت جزءاً من مقاطعة او جيب كوباني.
بخصوص الدروس التي يمكن اسنخلاصها من نصر كوباني: فانه من الخطأ الاعتقاد او الاستنتاج بأن ما حصل في كوباني بخصوص اقتصار الدعم العسكري للقوات الارضية على توجيه الضربات الجوية فقط دون التدخل الغربي البري، قد ينجح او يمكن استنساخه في اماكن اخرى مثل ما نجح في كوباني. ان هذا سيكون استنتاجاً متهوراً و طائشاً لأن الانتصار البري كان بسبب الطبيعة الخاصة و الفذة لمحاربي قوات حماية الشعب و البيشمركة الكوردية التي قلما يوجد مثيل آخر لها في المنطقة حالياً.
في سوريا كما في العراق، تمكن الكورد من تطوير منظمات و حركات سياسية و عسكرية موالية للغرب، ملتزمة و منضبطة نحو هدفها و رسالتها و في الوقت نفسه كفوءة و فعالة. و بالمقابل مثلاً، نرى قوات المعارضة السورية و القوات و المليشيات الشيعية العراقية تفتقر الى الصفات الثلاث التي ذكرناها آنفاً في الكورد. و حتى لو كانوا ملتزمين و فعالين مثل جبهة النصرة مثلاً، فإنهم معادون للغرب. او اذا كانوا موالين للغرب على الاقل اسمياً كما هي الحالة عند القوات الحكومية العراقية او جبهة الثوار السوريين، فأنهم في الوقت نفسه فاسدين و غير كفوئين. اسباب هذه الحالة كثيرة و متعددة و قابلة للنقاش و لكنها حقيقة ملحوظة و مجربة.
و هذه يعني انه في الوقت الذي يجب فيه على الغرب ان يضاعف من دعمه للقوات الكوردية المقاومة للاسلامويين و العلمانية و الموثوق بها و التي تسيطر حالياً على حزام طويل من الاراضي تمتد من الحدود العراقية الايرانية و الى العمق السوري، لكنه و في الوقت نفسه يجب على صانعي القرار في الغرب ان يكونوا حذرين كل الحذر من تطبيق الاستنتاجات العامة المستخلصة من انتصارات كوباني على اية قوات اخرى في المنطقة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -أمام إسرائيل خياران.. إما رفح أو الرياض- | #مراسلو_سكاي


.. استمرار الاعتصامات في جامعات أميركية.. وبايدن ينتقد الاحتجاج




.. الغارديان: داعمو إسرائيل في الغرب من ساسة وصحفيين يسهمون بنش


.. البحرين تؤكد تصنيف -سرايا الأشتر- كيانا إرهابيا




.. 6 شهداء بينهم أطفال بغارة إسرائيلية على حي الزهور شمال مدينة