الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


داعش

لينا سعيد موللا

2015 / 2 / 4
مواضيع وابحاث سياسية



يبدو أننا أصدقائي، مدعوون لأن نعيش فصلاً غريباً من فصول التاريخ المنسي، فصل تتسابق فيه عناصر غريبة على سلوك أكثر الطرق وحشية تجاهنا نحن الدمى، نحن الضحايا في مسرح عرائس يقبع في الصحراء تتحرك شخوصه بواسطة الريموت كونترول، بواسطة أجهزة تخفي محركي الدمى، محركون يحبون العمل في الظل و يكرهون الأضواء.

في هذا المسرح تلجأ عصابة ذات تركيبة دولية مخابراتية، إلى ارتكاب جرائم قتل مروعة، عصابة من المجهولين المقنعين، يتم تصويرهم تصويراً هوليودياً فنياً، بأجسادهم الطويلة وهاماتهم الجامدة، ملثمي الوجوه، يذكروننا عن غير قصد بشخوص ألعاب الفيديو، يقفون مقابل الطيار الأردني رتلاً واحداً، وكأنهم رتل من عصابة علي بابا، والطيار الأردني يظهر مكدماً يتأمل السماء والجماد في نظرات توبة مفتعلة، والمعلق يعلن علينا بأنه قد قضى حرقاً !!

من المؤكد أن الغرض من هذه الهمجية في القتل هو الترويع وإرهاب الرأي العام، بزراعة هؤلاء الأشباح في مخيلاتنا لتصيبها بالمرض والخوف، ليلاحقنا هذا الكابوس في كل مكان.
جميع الجرائم التي ارتكبوها، كانت بتوقيع من مجهولي الهوية، لم يلتقهم أحد، كما أن أحداً لم يدخل معسكراتهم للتجسس عليهم، ليخبرنا هل هؤلاء كائنات بشرية تأكل وتشرب مثلنا، كائنات لديها هموم وآمال تحب وتكره وتعشق وتموت ... وكل هذا متاح، هي قضية تحتاج للوقوف عندها، فلنصدق أن كل الأنظمة المخابراتية لقوات التحالف لا تعلم بهويات هؤلاء، لنقتنع أنها تكتفي بالتحذير من زحفهم من كل أصقاع الدنيا، ومن أنهم يزدادون عدداً، يصورون بأنهم جاؤوا من جرم آخر وغرضهم القضاء على الحضارة، وكأننا نشاهد فيلم يتحدث عن وحوش مؤدلجين للقتال وسفك الدماء بحجة أنهم لا يقبلون المخالفة، حريصون لأن يظهروا كقتلة لم تعرف البشرية لهم مثيلاً، يعمدون إلى التعويض عن قلة عددهم، بالوحشية .. الفن في الوحشية.

ألا تلاحظون أصدقائي أننا أمام فيلم هوليودي ساذج !!!
أين هي فرق الكوماندوس التي تحدد مكان الطيار لتقوم بإنقاذه، تنقذ أي رهينة يهدد بإعدامها، أين هي أجهزة التعقب المزروعة في ثياب الطيار لتحديد مكانه، أين هي طائرات الأواكس والأقمار الصناعية القادرة على متابعة قافلة من النمل وهي تدخل أحد أوكارها، هل تحول الحلفاء إلى متخلفين تكنولوجياً ؟؟ عاجزون عن الحرب إلا بواسطة القصف عبر الطائرات، لسيارات وعربات مبعثرة، أين هي قوافل تعزيزات مركبات داعش الطويلة والتي ترسل كل يوم للقتال في مدينة أو مباغتة لواء أو قطعة عسكرية؟
لماذا لا يتم اصطيادها والخلاص منها، خاصة أنها تتحرك في بيئة مكشوفة تندر فيها الغيوم؟

كل ما يتم الإفصاح عنه أنهم أعداء قادمين من أماكن مجهولة يفاجؤون الآمنين في كل مكان، بزرعون القنابل و يداهمون ويقتلون، يظهرون في مقاطع تلفزيونية ملثمون كالأشباح ومن ثم يختفون لتتم تصفيتهم وتقديمهم كجثث، وتحاك حولهم الأساطير .
لم يظهر من دولتهم داعية يفسر للناس لماذا يقومون بالقتل، ما هو غرضهم، كل ما يشاع تكهنات من أنهم ينفذون صحيح الدين وأنهم يريدون إقامة الخلافة، لكن ما هي رسالة هذه الدولة هل هي القتل فقط، أين هو العدل أين هو الاحسان، اين هي الرحمة، على ماذا يعتمدون للتسويق لدولتهم، على إهدار دم الأبرياء ؟

ما يقلق حقيقة أن داعش بدأت كمجموعة مخابراتية، دربت كجهاديين في معسكرات النظام السوري لتنفيذ الاغتيالات، ومن عناصر في الجيش العراقي وجدوا أنفسهم مطاردين محاربون في لقمة رزقهم.
النظام السوري الذي نقل هؤلاء من معسكراتهم في البقاع اللبناني إلى سجن صيدنايا وبعض الأفرع الأمنية (( نذكر كيف قام هؤلاء بالتمرد في سجن صيدنايا واستمر تمردهم شهوراً طويلة، وكيف افلتوا مع بداية الثورة السورية وتم تمويلهم وكيف بايعوا القاعدة ومن ثم انقسموا بين النصرة وداعش، أي في التبعية لأمير )).
نذكر كيف هرب الجنود العراقيون من سجن أبو غريب العراقي هروباً جماعياً مسرحياً وقطعوا مئات الكيلومترات بكل دم بارد، ليتم تجميعهم وليشكلوا نواة تنظيم داعش، هذه الداعش اليوم تطورت بقفزات بهلوانية متتالية، لتتمكن من احتلال نصف سوريا وثلث العراق وليزيلوا الحدود الفاصلة بين البلدين، لكن مع بقائهم أشباحاً، ومع ذلك فإن جماهيريتهم تتسع !!، ففي كل يوم نسمع مبايعة لهم من قبل مجموعة أخرى من القتلة المتطرفين.

ما يجري اليوم إشاعته في وسائل الاعلام، أن الحرب على داعش ستستغرق عشرات السنين، ليس لأن الانتصار عليها سيستغرق كل هذا الوقت، بل لأنهم يعتمدون على أيديولوجيا إسلامية يدعونها، حيث يتم إشغال المسلمين بالتنصل عن ممارسات هؤلاء، ويجري عن قصد زج الاسلام كدين وعقيدة عمرها 1400 سنة من الممارسة والعبادة في قفص الاتهام.
إنها حرب يراد لها أن تطول .

لقد خرج أحد المصلين المعممين على منبر مسجد في الموصل ليخطب بنا خطبة عصماء معلناً ولادة دولة الخلافة، لتهلل لهذا النبأ جميع وسائل الإعلام العالمية ويتم استنفار الرأي العام العالمي، لقد بات هناك خليفة جديد للمسلمين، خليفة لم يظهر بعد ذلك، فهو يكره الأضواء، يكره الكاميرات، بعكس بن لادن الذي كان يعشق تحريك سبابته أمام الكاميرا مهدداً، لكن الخليفة الجديد يعوض عن ذلك باقتنائه ساعة رولكس فهو يقدر قيمة الوقت خاصة عندما تشير إليه ساعات فاخرة.

نعم إن الزمن يتطور !!!

قادمون

لينا موللا
صوت من أصوات الثورة السورية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الإمارات وروسيا.. تجارة في غفلة من الغرب؟ | المسائية


.. جندي إسرائيلي سابق: نتعمد قتل الأطفال وجيشنا يستهتر بحياة ال




.. قراءة عسكرية.. كتائب القسام توثق إطلاق صواريخ من جنوب لبنان


.. عضو الكونغرس الأمريكي جمال باومان يدين اعتداءات الشرطة على ا




.. أزمة دبلوماسية متصاعدة بين برلين وموسكو بسبب مجموعة هاكرز رو