الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقاومة أم مقاولة؟

مزارة رشيد

2015 / 2 / 4
الارهاب, الحرب والسلام


لا أفهم من أين يأتي بعض الكتاب والمحللين بالشجاعة للحديث باسم دول وشعوب كاملة فيؤكدون صدور بيانات مساندة من الجزائر والمغرب و تونس ومصر واليمن وغيرها لرد حزب الله على غارة القنيطرة التي أودت بخيرة كوادر الحزب وضباطا رفيعي المستوى من الحرس الثوري الإيراني ، هل يعتقد هؤلاء بأن مصر الشعبية التي تشيع قتلاها كل يوم يعنيها انجازات حزب الله في هذا الظرف الحسّاس الذي تمر فيه ! هل يعنيها بيانات المساندة التي يدبّجها صبح مساء بعض المتنطّعين باسم المقاومة هنا وهناك من الذين يدينون مجازر العدو الصهيوني ولا يطرف لهم جفن لمجازر يشيب لها الولدان ارتكبها ولا يزال يرتكبها سفاحون ولغوا في دماء شعوبها، بل ويعتبرونها - المجازر- من صميم المقاومة ؟ ! هل تعتقدون - وانتم الذين تبلّدت فيكم الأحاسيس حتى استمرأتم الانتصارات الوهمية على مواقع التواصل الاجتماعي وتوهمتم أل"like" طلقة رصاصة وال "share" قذيفة آربي جي – بأن الشعوب التي لم يحركها ارتقاء مئات الشهداء من أبناء غزة الصيف الماضي يمكن أن تطرب لنفوق جندي أو اثنين من جنود الاحتلال ؟ لقد ملـت الشعوب فعلا من رطانتكم وتستعجل حربا حقيقية .

لا يمكن للمقاومة عبر وسائل الإعلام أن تكتسي أهمية واقعية إلا إذا كان المنجز العسكري على الأرض فعلا ممنهجا ذا مصداقية ضمن توجه عام مخطط له سلفا ويهدف إلى تحقيق غايات تخدم الإستراتيجية العسكرية على المديين المتوسط والبعيد، وليس مجرد رد فعل تكتيكي كما اعترف "سماحة السيّد" بمناسبة خطابه الأخير الذي كان شعوبيا على غير العادة، من المهم خلق شعور عربي عام بالتفوّق والقوة ولكن كان يجب الحرص على ألا يكون هذا الشعور شعورا خادعا مدسوسا علينا إعلاميا، لا أحد يمكنه إخبارنا بعدد قتلى العدو إلا العدو نفسه وحتى افتراض كذبه لا يعني صدق الطرف الذي يفترض أنه يمثلنا في هذا الصراع على اختلافنا معه حد الدموية عندما يتعلق الأمر بشؤوننا الداخلية كعرب (المسألة السورية) .

لقد كان الخطاب شعوبيا ولا يبعث على التفاؤل والثقة، أعتقد بأن حديثا عن التفكير في بنك أهداف موسع وتفعيل وحدة العمليات الخارجية (الوحدة 910) بدل تلقف واجترار تحليلات المحللين من الأصدقاء والأعداء وبدل التأكيد في كل مرة على أن المقاومة لا تريد الحرب كان أجدى، أقله من الناحية الدعائية .

ورغم أننا لسنا بوارد التقليل من أهمية الرد العسكري للحزب إلا أننا نعتقد أنه من الواجب التعاطي معه في حدوده التكتيكية وملاحظة أنه لم يكن متكافئا حتى لا نقول متفقا عليه - وهذا حدث كثيرا في الحروب عبر التاريخ بالمناسبة - ولمن يقول بأن العدو الصهيوني لا يسمح بقتل جنوده ومواطنيه ضمن ظروف معينة وبأن حياتهم تعادل ألوف العرب نحيله على عملية منتجع "بورغوس" البلغاري والتي أودت بحياة خمسة إسرائيليين سنة 2012 والتي سمح بها العدو حفاظا على عميله الثمين في صفوف حزب الله رئيس وحدة العمليات الخارجية .

لقد طبّق الحزب في هذه المرة "قواعد الاشتباك" بحرفية عالية ومن المؤكد بأن افتراض أن العدو الصهيوني أغار إغارة روتينية على جبهة خاملة اعتاد على انتهاكها منذ أربع سنوات بعدما رصد تحركات تشبه أن تكون روتينية هي الأخرى في ظل ظروف الحرب التي تعيشها سورية، وبأن الصيد كان للصدفة المحضة أغلى من أن يحتمل العدو سداد ثمنه فسمح برد متوازن غير موجع حفظا لماء وجه الحزب، افتراض لا يكاد يستقر في ذهن المحلل ومع ذلك فشبهة التواطؤ الإسرائيلي في تسهيل رد الحزب لا تبدو مستبعدة بالنظر لطبيعة الرد من الجانب الإسرائيلي الذي قرر "استيعاب الضربة" وعدم التصعيد، -لا أدري هل هناك من المتابعين من يذكر آخر مرة قرر فيها العدو "استيعاب الضربة !"- والسماح لمستوطني المناطق الحدودية في الشمال بالعودة إلى مساكنهم، مع قصف عناوين لا يتوقع منها الرد كالجولان المحتل وقوات اليونيفل للضرورة الإعلامية.
شخصيا لا أعرف لم قصفت إسرائيل القوة الأممية وأردت جنديا اسبانيا رغم أنها تمتلك إحداثيات مواقع تلكم القوات ولكني أعرف بأن مجلس الأمن الذي أدان جميع الأطراف بما فيهم إسرائيل لم ينعقد بمناسبة غارة القنيطرة وإنما بمناسبة "الرد اللبناني" فهل أدان مجلس الأمن إسرائيل لأنها قتلت الجندي الأممي أم أن إسرائيل قتلت الجندي ليدينها مجلس الأمن لاحقا ؟

كان لافتا الاستماتة الإعلامية من الطرفين للتأكيد على أن الأمر كان يتعلق بفعل ورد فعل وبأن لا طرف معني بالتصعيد لكن ما كان لافتا أكثر هو تغطية الإمبراطورية الإعلامية الداعمة للثورة السورية والتي اتسمت بالاعتدال والتوازن في بعضها و الإشادة برد الحزب في البعض الآخر، فهل هو الاستثمار في أسهم المقاومة عندما يتعلق الأمر بالصراع مع الكيان الصهيوني أم هو التماهي مع التوجه الإسرائيلي الذي يرغب في رؤية "الحزب" يغرق أكثر في المستنقع السوري بعدما حصل على جواب لسؤال طرحه في القنيطرة، هل ما زال "سماحة السيد" قادرا على الرد بعد أربع سنوات من الحرب في سورية ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رفح: هل تنجح مفاوضات الهدنة تحت القصف؟ • فرانس 24 / FRANCE 2


.. مراسل شبكتنا يفصّل ما نعرفه للآن عن موافقة حماس على اقتراح م




.. واشنطن تدرس رد حماس.. وتؤكد أن وقف إطلاق النار يمكن تحقيقه


.. كيربي: واشنطن لا تدعم أي عملية عسكرية في رفح|#عاجل




.. دون تدخل بشري.. الذكاء الاصطناعي يقود بنجاح مقاتلة F-16 | #م