الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خربشة عند الفجر...قصة قصيرة

جمال حكمت عبيد

2015 / 2 / 4
الادب والفن


في مقابلة تلفزيونية مع المهندسة المعمارية العراقية العالمية" زها حديد "سألها مقدم البرنامج عن مدى اعجابها بالمعماريين العراقيين والعرب قالت :هؤلاء الناس لديهم مشكلة انهم يُعمِرون بيوت الطين ويجمِلونَها... وأعمالهم خلتْ من التصاميم الحديثة بأجسامها الهندسية المختلفة..
طاشت في رأسي خربشة عند بزوغ الفجر ورحت افكر بما نكتبه... هل هو قديم أم صار من القِدم ؟؟...ورغبت ان استحدث صورة في كتاباتي وادخل فيها مجسمات هندسية ...عسى ان تكونَ حديثةٌ ..فجمعت افكاري وحملتها مع نفسي ومددت جسدي وجعلته مستقيما، وعملت به جدارا حجبت به كل دكاكين احزاني وآلامي .. ثم عملت منه منحنياً طوَقتُ به راسي ولملمتُ بقايا أشلائي، وخصوصاً قلبي اللعين الذي طالما خذلني بحب الحبيب وحب الناس والوطن... حتى صار جسمي دائرة ً. وتدحرجت به كالكرة! وصرت اتدحرجَ واتدحرج اتدحرج واتدحرج و جنحت عند نقطةٍ... فتحت عيني عندها كانت خشبة مسرح... جلس الناس فيه ينظرون الى الكرة وكأنها بلورة سحرية ، يرقبون بلهفة العرض الذي سيعرض. انطفأت الأنوار وساد الصمت... واخذت الوان الطيف تخرج كالضباب الكثيف من الكرة البلورية "الاحمر –والبرتقالي والاخضر والازرق والنيلي والبنفسجي)... انتظرَ الجمهور ترقباً لمفاجئة قد تحدث ولكنهم ملّوا من هذا العرض ومن رؤية الضباب فلا يوجد غيره ...
احتجَ الجمهور من هذا العرض ولم يفهموا شيئاً.. واخذت اصوات الاحتجاج تعلو في جميع اركان المسرح ..صوتي يناديهم: الهدوء رجاءً، الزموا الصمت، والبسوا النظارات التي حملناها اياكم. ان الفلم مجسم ثلاثي الأبعاد3D...
ران الصمت قليلاً ولبسوا نظاراتهم... ثوانٍ مضت وبدأ الأنين وكلمات التعاطف صارت تخرج منهم... انهم يشاهدون ما تبقى من اشلائي قصة حياة انسان من بني جلدتهم اصابته معاناة بشرية حقيقية تحمل ثالوث الألم والموت والهرب. وكان بعض من المتفرجين من يشتم حبيبتي التي هجرتني وذهبت حيث المال.. وآخرون دعتهم صوري يجفلون من شدة القصف الناري الذي تعرضت له، وكأن القذائف تسقط جنبهم قريبة منهم: تكاد ان تنفجر بينهم. وتراهم يصرخون، ومن لا يحتمل الموقف يخلع نظارته، ثم يعودوا يروا حطام الوطن والإنسان مجسماً ذاك الحطام بان في أشلائي ... وفي الحقيقة كنت ارقب الجمهور من بين ثقوب البلورة أفتش عن حبيبتي التي هجرتني علّها تكون معهم جالسة لترى صدق مشاعري. .. لقد كانت احزان وطن احزاني وآلامي يرونها عن قرب مجسمة لم يحتملوها. وصار الدمع ينهمل من عيونهم المخبأة خلف النظارة السوداء ..وقبل نهاية الفلم صاح أحدَهم محتجاً:
ما هذه المأساة التي وضعتنا فيها إلا يوجد هناك نسمات فرح وأمل...
قاطعته بصوت مجسم دوى في المسرح أسكته واصغى الحضور له :
- لا تتعجل... في الجزء الثاني وضعت آمالي وطموحاتي وطموحات وطني في مجسم رباعي الأبعاد4D وأنا متأكد انكم سوف ترونه اوضح من هذا ...ولقد وضعت به وبأشكال هندسية مختلفة كل آمالي وآمال وطني.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل