الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خالد الكيلاني يكتب : المجمع العلمي ... الجريمة والعقاب

خالد الكيلاني

2015 / 2 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


في ظهر أحد الأيام من شهر ديسمبر عام 2011 كنت في زيارة للصديق العزيز د. شاكر عبد الحميد في وزارة الثقافة ... كان الدكتور شاكر قد تم تعيينه وزيراً للثقافة في حكومة الدكتور الجنزوري التي تشكلت في نوفمبر عام 2011 ، وكنت قد اتصلت به تليفونياً فور حلفه لليمين أمام المشير طنطاوي فقال لي : مينفعش التليفون عاوز أشوفك ، قلت له حاضر يا دكتور.
انتظرت لعدة أسابيع حتى ينتهي أصحاب الحاجات وموظفي الوزارة وشلل الانتهازيين والمتسلقين والمنتفعين من المباركة للوزير وهاتفته بعدها فقال لي منتظرك غداً السبت في الواحدة ظهراً.
قبل الموعد بدقائق كنت في مكتب الوزير بشارع شجرة الدر بالزمالك ، وجلسنا نتحدث في أشياء شتى منها ما ينوي الوزير عمله في الوزارة ومنها أخبارنا الشخصية حيث كنا لم نلتق منذ مدة طويلة حيث باعدت بيننا الأيام وسافر هو إلى البحرين في أقصى المشرق العربي بينما سافرت أنا إلى المغرب في أقصى الغرب من العالم العربي ... ولكن مواجع الوطن – التي كانت كثيرة في تلك الفترة – حيث كانت جماعة الإخوان ومعها مجموعات من النشطاء المتمولين والمأجورين يعيثون في الأرض فساداً في ظل حكم المجلس العسكري بقيادة المشير طنطاوى الذى بدى وقتها ضعيفاً ومتردداً كانت هي محور حديثنا.
كان الدكتور شاكر قد نبه على سكرتارية مكتبه بعدم تحويل أية تليفونات إليه ، وبعد حوالي نصف ساعة وبينما كنا نرتشف القهوة الثانية رن الهاتف المحمول الخاص بالوزير وقام من الصالون – حيث كنا نجلس – إلى مكتبه للرد على التليفون ... وفجأة لاحظت من بعيد وجهه يشحب فجأة ويكاد يسقط من طوله ، أنهى الدكتور شاكر المكالمة وقطع المسافة من مكتبه حتى الصالون الصغير الذي نجلس فيه في الطرف الأخر والتي لا تتجاوز ثمانية أمتار في فترة كأنها دهر وأنا أنظر إليه في ذهول ... ماذا حدث يا دكتور ؟
قال وهو يكاد يبكي : لقد احترق المجمع العلمي.
قلت : من الذي أحرقه يا دكتور ... قال : حتى الآن لا نعرف ولكن مظاهرة كانت تحيط بمجلسي الشعب والشورى وفجأة اندلعت النيران في المجمع . مرت لحظات صمت طويلة قطعتها بعض المكالمات التى لم تتعد ثواني قليلة على هاتف الوزير كان يتساءل فيها عن حجم الحريق وفي أي الأماكن حدث ويسأل عن سلامة مخطوطات بعينها بينما يبحث أحد العاملين بكتبه عن القنوات التي تنقل من موقع الأحداث مباشرة ، ثم عدنا لنناقش كل الاحتمالات لفترة ليست قصيرة ونشاهد صور الحريق على شاشة التليفزيون الموجودة بمكتب الوزير. كان الوزير قد استدعى سائقه للذهاب لموقع الحادث رغم رفض ضابطي الأمن المكلفين بحراسته لأن المتظاهرين ما زالوا يحيطون بالمبنى وقد يتعرض لأذى منهم ، إلا أنه أصر على الذهاب .
وعندما وقفت كي أودعه والدموع تكاد تترقرق في عينيه حزناً على هذه الكنوز النفيسة التي احترقت في لحظة غباء ثوري – لم تكن خيوط المؤامرة قد وضحت بعد – استقبل الوزير مكالمة على هاتفه من الدكتور كمال الجنزوري يطلب منه الذهاب للتليفزيون لإلقاء بيان عاجل بشأن حريق المجمع ويلحق به بعدها في مكتبه بمجلس الوزراء.
واليوم صدر حكم القضاء على المجرمين الذين أحرقوا المجمع العلمي هذا الكنز النادر بعد أن أدلوا باعترافات تفصيلية ليست في النيابة أو المحكمة فقط ... لكن كبيرهم المدعو أحمد دومة كان يتبجح بالمفاخرة بذلك على الهواء في قنوات تليفزيونية مختلفة معتبراً أن إلقاء " المولوتوف " والحرق والتخريب عمل ثوري لأنه من وجهة نظره " مفيش حاجة اسمها ثورة سلمية " .
واليوم يهنأ أولئك الشهداء الأبرار الذين سقطوا برصاصات غادرة أصابتهم في ظهورهم على بعد سنتيمترات قليلة في ذلك اليوم المشئوم ... فلتهنأ روح الشيخ عماد عفت وروح الشهيد علاء عبد الهادي وأرواح مئات الشهداء من جنودنا الغلابة الذين سقطوا برصاصات الغدر والخسة والخيانة ... رصاصات دفعت ثمنها دولارات التمويل الأجنبي وريالات الخيانة ... ولكن ها هو حكم المحكمة يطفئ نيران أهلهم ومحبيهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فولفو تطلق سيارتها الكهربائية اي اكس 30 الجديدة | عالم السرع


.. مصر ..خشية من عملية في رفح وتوسط من أجل هدنة محتملة • فرانس




.. مظاهرات أمام مقر وزارة الدفاع الإسرائيلية تطالب الحكومة بإتم


.. رصيف بحري لإيصال المساعدات لسكان قطاع غزة | #غرفة_الأخبار




.. استشهاد عائلة كاملة في قصف إسرائيلي استهدف منزلا في الحي الس