الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كرة الثلج الارهابية

خالد قنوت

2015 / 2 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


مهنة الطيار الحربي في كل جيوش العالم لها صفات مشتركة منذ ادخال سلاح الطيران في المعارك العسكرية. التحليق في سماء المعارك و خلف خطوط العدو و الاشتباك مع الطيران المعادي دفاعاً أو هجوماً. الطيار الحربي يعرف أن يمتهن الانتحار عندما يقصف مناطق العدو و عندما يتعرض للاصابة يعرف أن نسبة نجاته تكون معدومة بدءاً من القفز بالكرسي ثم فتح المظلة و تفادي النيران الأرضية و الهبوط حيث لا يكون محترف هبوط مظلي ثم عملية التواري و الاختباء عن قوات العدو البرية للحيلولة دون القبض عليه في ارض معادية و اخفاء مظلته و محاولته الاتصال بقيادته لمحاولة العثور عليه و تنفيذ مهمة كوماندوس لاستعادته و هي نسبة قد تكون 5% إذا حدثت و لكن عند القبض عليه من قبل قوات العدو أو حتى المدنيين فهناك احتمال قتله المباشر كبير من المدنيين المتضرر إنتقاماً للضحاياهم حيث هو المسبب لسقوطهم أو أحد زملائه فسرعان ما يستسلم الطيار الأسير في محاولة منه للسلامة و الخضوع لعمليات تبادل بين الاسرى. هنا أذكر وقوع طيار اسرائيلي في حرب 1973 و كيف خلصته القوات الامنية من بين أيدي المدنيين الذين كادوا أن يسحلوه بعد أن اوسعوه ضرباً و بصاقاً, كذلك أذكر منظر الطيار الامريكي المقتول في الصومال.
لا أعرف المهمة التي خرج بها الطيار الاردني الراحل معاذ الكسساسبة؟ و ما هي معلوماته و خبراته القتالية فوق ارض العدو و هل كان مطمئناً لسلاحه و لمهمته و لنسبة الخطأ و الخطر التي يقوم بها فوق قوات لا تعترف بأي معاهدات دولية خلال الحروب و لا عن تعاليم الاسلام الحنيف في معاملة الاسرى؟؟ و هل في عقيدته القتالية لا يوجد احتمال السقوط في أيدي عدو بربري دموي؟
القتل كان أكثر الاحتمالات المتوقعة للطيار الاردني رغم احتمال متواضع لمبادلته بعناصر قاعدية في سجون الاردن و لكن الداعشية آثرت أن تحقق الاحتمال الأول و لكن بأبشع اشكاله و كأنه حرق لمارق في العصور الوسطى و بطريقة فانتازيا بربرية اقرب لأفلام هوليوود. داعش تمارس ما تؤمن به (ارهبوا عدو الله و عدوكم) و الكل هنا أعداء الله, من وجهة نظرهم, لذلك السوري و العربي و الاجنبي الذي لا يؤمن بعقيدتهم و بخليفتهم هو كافر لهم حق ارهابه و ارهاب من يقف معه, قطع ايدي, قطع رؤوس, نحر, صلب, رجم, رمي من أعلى الأبنية, القتل و التشويه تحت التعذيب, إلقاء جثث في هوات ساحقة و عميقة...
لكن مهلاً, أليست كل هذه الممارسات تقوم بها قوات عسكرية ضد المدنيين و عسكريين اوقات الحروب؟ ألم تمارس القوات الفرنسية نفس الممارسات في سورية و الجزائر و حتى في مالي قبل وقت قصير؟ ألم تمارسها القوات الامريكية في فيتنام و العراق؟ ألم تمارسها قوات اسرائيلية في سورية و مصر و لبنان و فلسطين و آخرها بغزة؟ ألم تمارس القوات الروسية ابشع منها في الشيشان؟ ألم تمارسها قوات الجيش الجزائري ضد أعدائها؟ ألا تمارسها القوات المصرية اليوم في سيناء؟ و نحن السوريين ألا نشاهدها كل يوم على ايدي نظام الأسد منذ الثمانينيات في حماة و تدمر و جسر الشغور و حلب و في لبنان إبان التدخل الأسدي و عاى امتداد التراب السوري منذ اربعة سنوات على قيام الثورة؟؟؟
هذه هي الحروب, قذارة و قتل و انعدام للاخلاق و للانسانية و حيث المدنيين هم أكبر الخاسرين و أكثر الضحايا.
تذكرني كلمة حرب ببدايات الثورة عندما كان يصر موظفو الخارجية الكندية على تسمية ما يحدث في سورية على أنه حرب أهلية, و لم يكن هناك سلاح بعد و كانت الثورة مظاهرات سلمية مقابل قوات عسكرية و امنية و شبيحة لا حدود لعنفهم و همجيتهم. سألتهم عن تعريف للحرب الأهلية بنظرهم فلم يعطوني جواباً. حاولت جاهداً مع السوريين الكنديين أن نشرح لهم و نفهمهم أنها ثورة من أجل الحرية و الديمقراطية و ليست حرباً و لكن عبثاً.
ككل الدول التي تسير بمعية الراعي الامريكي كان من مصلحة الجميع أن تتحول الثورة السورية إلى حرب حيث تتلاشى قدرة السوريين على التأثير و تتعاظم قدرات الدول العظمى و الاقليمية على التدخل و التأثير و الاستفادة القصوى سياسياً و اقتصادياً و تسويقاً لاسلحتها و صناعاتها الحربية.
لقد قاوم السوريين كل المحاولات لتحويل ثورتهم لحرب و مازالوا و لكن ضخ الاسلاميين المتطرفين من سجون الأسد و المالكي و معتقلات العم سام كوحوش ضارية جائعة محتجزة في اقفاصها و إطلاقهم ضمن فوضى عارمة لا يحتاج لكثر عناء لاستنتاج هذا الكم من نشوء و تغول التنظيمات الدموية و هذا العنف و هذا الاجرام يقابله عنف و اجرام و طائفية من قبل نظام الأزمة و الخيانة الاسدي, مما اصاب الثورة بالشلل و التقهقر, و لو لحين.
الطيار الاردني معاذ الكسساسبة كان يعرف أن نصيبه من القتل كبير عندما اختار مهنة الطيران الحربي كأي طيار في العالم و اكتسب الشهادة بعيون أهله و بلده و بعيوننا كسوريين نقف مع ثورتنا و مع قيمها و مبادئها ضد الاستبداد الأسدي و ضد الاستبداد الديني و الطائفي من داعش أو من حليفاتها و لو سقط النظام الأسدي قبل هذه الحادثة لكان معظم الطيارين السوريين الشرفاء (غير القتلة), منشقين و غير منشقين, في حرب ضروس مع كل التنظيمات المتطرفة القاعدية و غير القاعدية التي تريد أن تفرض اجنداتها على رقاب السوريين بالقوة و بالتكفير و تحرف ثورتهم من أجل الحرية و الكرامة إلى دولة خلافة أو دولة استبدادية دينية لا نصيب لها بالحياة على أرض سورية.
لكل من يريد الخلاص و يريد السلام لمنطقتنا من أشقاء و أصدقاء, لا يمكن أن تنتهي كرة الثلج الارهابية التي ستدمر المنطقة بالكامل دون وضع إسقاط رأس الارهاب الأسدي على طاولة البحث و على أجندات سياسات الدول و بشرط اساسي هو التحالف مع القوى الوطنية السورية و أهمها القوى الثورية التي تؤمن بحرية و سيادة سورية و مستقبلها كدولة ديمقراطية مدنية حديثة, و إلا فإن حروق الثلج أكثر إلاماً من حروق النار.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الإسرائيلي يحاول تحقيق استراتيجية -النصر الشامل- ضد حم


.. شكري حذر خلال اتصال مع نظيره الأميركي من -مخاطر جسيمة- لهجوم




.. بلينكن: واشنطن تعارض معركة كبرى في رفح | #رادار


.. الجيش الإسرائيلي: طائرتان مسيّرتان أطلِقتا من لبنان تسقطان ف




.. حرب غزة.. مصدر فلسطيني مسؤول: السلطة الفلسطينية لن تدير معبر