الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محاور قزم وشاعر كبير

أديب حسن محمد

2005 / 9 / 13
الادب والفن


على هامش حوار التلفزيون السوري مع محمود درويش
محاور قزم وشاعر كبير

لم أستفق من هول الصدمة التي أصابتني وأنا أتابع حواراً مع الشاعر الكبير محمود درويش على شاشة القناة الفضائية في التلفزيون السوري،ومبعث تلك الصدمة الكبيرة هو ذلك السيل من الأسئلة الساذجة التي طرحها المذيع الذي يبدو أن علاقته بتجربة الشاعر لا تزيد عن علاقة كاتب هذه السطور باللغة الصينية..!!
يقدم المذيع العبقري الشاعر محمود درويش بسطرين :
"في دمشق لا أعرف كيف أبدأ وكيف أنهي"هكذا بدأ الشاعر العربي محمود درويش أمسيته الأخيرة في مكتبة الأسد إن كان هذه هي حال محمود درويش فما حالي أنا أمام محمود درويش..!!
هنا يقدم لنا المذيع معلومتين قيمتين:
أولاهما :أن محمود درويش شاعر عربي وليس تركياً أو موزمبيقياً..!!
وثانيهما:أنه قد أحييى أمسية في مكتبة الأسد.
ثم مباشرة يدق المذيع أول مسمار في نعش اللقاء،فيرتدي المريولة البيضاء،ويضع السماعة حول رقبته الغليظة،ويبهت الشاعر بسؤاله الأول:
ـ كيف الصحة؟؟؟
فيبتلع الشاعر الكبير غصته،ويرد على السؤال الساذج باقتضاب لا يخلو من امتعاض..((الحمد لله))
فيسلخه المذيع بسؤال متفرع أكثر سذاجة: (يعني بأي معنى الحمد لله؟؟)
ويبدأ الفحص السريري للشاعر فيسأله عن أمراضه العضوية،وينسى أن يسأله عن فصيلة الدم وهل يتحسس من نوع معين من الأدوية؟؟وهل أجرى عمليات جراحية؟؟
وينتقل وبدون رحمة إلى أسئلة تجارية فاتكة:
كم نسخة طبعت من كتابك؟؟
كم هو واردك المادي من طبع الكتاب؟؟
وينسى بالطبع أن يطلب من الشاعر كشف حساب بالدولار عن أرباحه التي جناها من هذه المهنة الرابحة!!
وبدون رأفة يكمل المذيع دق المسامير في نعش اللقاء فيسأل الشاعر..عن مدى التصاقه بالقضية الفلسطينية؟؟؟
وينسى المذيع بالطبع أن يحدد ماهية الالتصاق بهذه القضية :هل هو التصاق سيليكوني أم بالصمغ العربي؟؟
فجأة يشرد بي خيالي قليلاً بعيداً عن الحوار فأتخيل المذيع الجهبذ وهو يسأل المفكر الكبير صادق جلال العظم عن الأبراج الصينية؟؟أو عن علاقة سيخ الشاورما ببوز الجدي؟؟
وأتخيّل العلامات الهيروغليفية التي ستظهر على وجه المفكر الكبير..
يتكرر نفس الأمر تقريباً في الحوار مع محمود درويش الذي يعتبر علامة فارقة ليس في الشعر العربي فحسب بل في الشعر العالمي كذلك،وبدلاً من أن يرتجف المذيع في حضرة الشاعر الكبير،يبادره بسؤال عن سبب قلقه من كاميرا التلفزيون ورهبته وخوفه عند صعود المنبر؟؟
فأي منبر هذا لا يرتجف أمام محمود درويش؟؟
وأي عبيط يتخيل شاعراً عرك الشعر نصف قرن يرتجف أما خشب ميت؟؟
ثم تصل الأسئلة(الذكية)إلى قمة عمقها عندما يسأل الشاعر عن المقارنة بين جماهيريته وجماهيرية نانسي عجرم؟؟
الأمر الذي يخرج الشاعر الكبير عن هدوئه ورزانته،فيطالب المذيع صراحة أن يكف عن جره إلى ساحة ليست ساحته؟؟
ولايخجل المذيع أيضاً عندما يقول أنه استقى معلوماته عن محمود درويش من البحث في شبكة الانترنت؟؟
فهل ضاق التلفزيون السوري بمذيعين قرأوا تجربة محمود درويش أو مذيعين شعراء لهم ناقة في الحوار من أمثال خالد أبو خالد،وسامر رضوان،وتوفيق أحمد، ،ونهلة السوسو وكمال جمال بك وغيرهم..؟؟وهي أسماء مختبرة من قبل إدارة التلفزيون،ولها باعها في الوسط الأدبي،فلماذا يجلب مذيع كهذا يجلط الشاعر،والمشاهدين،فيلعنون الساعة التي فتحوا فيها التلفزيون على أهمية الشاعر الكبير محمود درويش،وهل ضاقت الأرض بما رحبت حتى يحاوره مذيع الله وحده (وطبعاً من اختاره) يعرف كيف أصبح مذيعاً متفرداً يصول بصوته المتعتع في جنبات البرامج الثقافية المسكينة...
ولا عزاء للشعراء والمشاهدين...!!

ـــــــــــــــــــــــــــــــ
أديب حسن محمد










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??


.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??




.. فيلم -لا غزة تعيش بالأمل- رشيد مشهراوي مع منى الشاذلي


.. لحظة إغماء بنت ونيس فى عزاء والدتها.. الفنانة ريم أحمد تسقط




.. بالدموع .. بنت ونيس الفنانة ريم أحمد تستقبل عزاء والدتها وأش