الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المدلول الايحائي السيمائي في قصيدة: مد وجزر، وقصيدة: بحور شوق، وقصيدة: غيمة عطر

الغزّالي الجبوري

2015 / 2 / 6
الادب والفن


من خلال قراءتنا للمدلول الإيحائي السيمائي الشعري للشاعرة العراقية المبدعة (عليا محمد علي) علينا أن لا ننظر بأستغراب لقصائدها( مد وجز، بحور الشوق، قصيدة غيمة عطر) بل أن ننظر لها نظرة فلسفية من خلال المنظور الشعري وسوف نتناول كل قصيدة منها بحلقة دراسية، مع الأخذ بنظر الأعتبار فواصل الخصوصية لكل قصيدة بقراءة متفحصة بكينونة كل منها، والتي ستكون في ثلاث حلقات متتالية، والتي سيتم نشرها على موقع الحوار المتمدن، ونقوم فيها بتحليل القصائد ونقدها من خلال صور يتم فيها دراسة القصائد مروراً الى أخر قصائدها عن طريق شق مسار معين أنتهجناه منذ وقوع أيدينا على قصائدها، وكان ان تدارسنا فلسفة كتابة الشاعرة لجملها الشعرية من خلال جمعها بين القوة والليونة في مفرداتها والتي جعلت قصائدها محافظة على الخصوصية الشعرية من خلال كتابتها المُبدعة للمدلول الأيحائي. وقد ظهر هذا التشخيص في دراسة كل من أ. د. ابوذر وأ.د شعوب والمنشورتان على الموقع نفسه المشار اليه اعلاه، وقد أضاف ذلك التشخيص دافعاً أبيستمولوجياً للأمساك بدفّة الدراسة المسماة والموسومة بـ ( المدلول الايحائي السيمائي في قصيدة: مد وجزر، وقصيدة: بحور شوق، وقصيدة: غيمة عطر)، وقد تشاركنا الدراسة مع د. أشبيليا متفاعلين مع جهدها النقدي ومستعينين بالآفاق النقدية الواسعة للدراسات النقدية العائدة لـ أ.د. ابو ذر وأ.د. شعوب الجبوري كمصادر مساعدة تعيننا لفتح قنوات السجال النقدي أن صح التعبير، و التي يراد منا تقديمها للقاري الكريم، لغرض التمعن في أبداع الكتابة الشعرية للمدلول الايحائي السيمائي الذي تفردت به شاعرتنا العراقية المبدعة (عليا محمد علي) محاولين الشعور بنكهة هذا العبق المنثور في ثنايا هذه الحافظة المعرفية مع استنشاق التجارب الفلسفية المبدعة عند تناول الكتابة الشعرية الأبداعية. ولرب سائل يسأل عن هذاالمطلب الغريب للدراسات التي تلقفناها عن قصائد الشاعرة في هذا المجال. فيكون الرد ببساطة لقد حفظت الكتابة الابداعية مونولوجاً في ركام تجارب لها أطرها ورؤيتها وأدواتها في التداول التقليدي للتأثير المستنسخ لتجارب مُلفتة قديماً في تصحيح التقليد البصري المتداول. وفجأة، وبكل تمكن واعتداد، شرعت الشاعرة في تلاوة نموذج متفرد للكتابة بمدلولها الايحائي السيميائي في بنية قصائدها، والتي سنتحدث عنها بتركيبة مبسطة، وبساطتها تعني سلاستها، من دون الغوص في جزئيات التفاصيل المعقدة والشائكة في الأغراق التقليدي، لقد حفظت أبداعياً وعن ظهر قلب ومن خلال كتاباتها المنشورة تجربة عراقية جديدة في كتابة النص الشعري لقصيدة النثر مع تطعيمه بالقافية.

وبقدر ما يدعو هذا الموقف إلى التمعن في تجربتها، وما أضافته من تنوع ابداعي رصين وقفزها عن المستوى التقليدي للكتابه النثرية للقصيدة، فأنها صاحبة تجربة في تطويع الأرادة الأبداعية وأنبات أمكانية متميزة في التناول، والتي شقّت طريقها بمشقة المبدعين القلائل المحافظين على صيرورة الأبداع. لكن، وبالمثل، لا يوجد مقارنة مع أولئك الذين حفظوا تواريخ ومطبوعات التشدق بالمدلول الايحائي السيمائي الفلسفي، أي أسماء المؤلفات لسنوات مما تنشره الصحافة المقروءة الورقية والالكترونية، بل ارفدت ميلادا كريما في الابداع ، بعد وفاة النص الابداعي في التداول "الاّ مارحم ربي" كما اعتادت عليه وسائل النشر من روتين لفظي يشحذ الهمم للنهوض من التكاسل الثقافي والتقليد الابكم والاعمى الخالي من أي عمق معرفي يذكر على الصعيد الابداعي المتميز، صحيح أن الوقائع التاريخية يجب معرفتها من خلال الأبداع الفلسفي للمدلول الايحائي السيمائي للكتابة الشعرية وهي تدخل ضمن ما يثير الحماس والانفعال الفلسفي السيمائي؛ لكن الإشكال المطروح هنا لا يتعلق بمعرفة ما يمكن أن يخلق "حمى قصيدة سيمائية فلسفية عاجزة"، بمثل ما تعبر عنه الشاعرة (عليا محمد علي) من تميز لصورها النثرية، ولكن بمعرفة ما إذا كانت الشاعرة تتبنى الفلسفة في السيميائيات لتصلح موضوعا للتعلم. أي ما إذ كان يوجد في السيمياء من نبض للفلسفة في التماثل لشيء ينشأ عن امتلاكه نوع من المتعة عندما يرتاح المفكر فيه لأجله، وبالتالي هنا تكمن النظرة البعدية للعمق الفلسفي للشاعرة في الاستنتاج لبيان صياغة كلمتها الأخيرة لتكون هي مبحث ورؤيا تُبحث عنها دائما في اللفظ الصوري للادراك في تناول لغة الابداع الشعري ذات المدلول الايحائي السيميائي، لكن نحن لا نتعثر بل نكتشف اشياء من شيء! ومن المؤكد أن الشاعرة تعلمنا بما تريد قوله، في رسمها للاشياء ومدلولاتها، و بإن العلاقات ورموز أيحاءاتها هي التي تجعل سيولة الظواهر معقولة في الاستدراك الوظيفي للابداع، وهذه الوقفة لا تقل بدورها واقعية عن تلك الظواهر ذاتها في المكان والزمان النسبيان، كما أن تلك العلاقات للرموز تمنح نوعا من اشارات الثقة و الراحة الفكرية بخصوص رصانة الكتابة الأبداعية كتماسك قائم، والتي تضفيها على تصورنا للعالم الأبداعي والمحاك جوهرياً في التفكير الابداعي لابتكار المفردة وما لها من دلالات. كما توقفنا الشاعرة في قصيدتها التي سنتناولها والموسومة بـ(مد وجزر) أن تطابق الفكرة التي لدينا مع البريق الصادر عن نجمة بعيدة أو مع المناهج التي ينفذها الإنسان لمدلولاته الأيحائية، لا ينبغي أن تُفهم كفعل يطغي فيه احدهم على الأخر، وإنما كانسجام أو توافق، وهي بذلك تتفحص ما لدينا من خزين في كيفية الدخول بعلاقة توافق هارموني مع أفكار أخرى، وحقب وحقول سيميائة مستنبطة من فهم فاعلية اشارات أخرى. وكما نلاحظ في مطلع القصيدة:
(يدندن داخلي وترٌ
من الأحساس والشعر ِ
وتسبح فيه أشواقي
ويلعب عنده طُهري
وأنسى كل أزمنتي
وأنثر فوقها سرّي
وغصن الشعر عريانٌ
فألبس فوقه قهري
مروج غابَ أخضرُها...)
حين ابتدأ مطلع القصيدة بـ (يدندن داخلي وترٌ...) قد لا يستطيع أحد أن يتخيل كيف يعبر هذا الليل بحديقة ازهار وفي داخله وترٌ يدندن !! ولا أحد يفكر بأن الحنين من الممكن ان يدندن بدون أسماء !!هناك عزف بتنغيم يستقبل أنين مكتوم في قلب متورم حنيناً، شاهراً ظمأ دواخل يعصف بها وهج الشمس، ويخُيّل لنا أن تلك الدواخل ما هي الا الساحل الذي ينزّ منه ملح البحر وينزفه بهدوء، وهناك ترددات لوتر غامض في عزف ثنائي على لحن لحظات طاعنة في التوجّع ( من الأحساس والشعر)، وهناك أحساس بالتحديق بأمعان في تأويل الغياب وكأنه شيئ مجرّد كَمَا التُّرَاب فِي الأَحْلاَمِ في(تسبح فيه أشواقي)، و تتنفس في انزواء العمق وهو يبتَلع اتسَاع المَسافَة التي سَكَنَتها، بباحة بيت منعزل على أرصفة العتمة التي أستبدّ بها العبث، باحة بيت تتثائب في انتظاره غيمة كي تُمطره في(ويلعبُ عنده طهري) وهنا الايحاء بصورة تقول لِنُشْهِر رِدَاء الثرْثَرَة، ونرسم هذاالطهر كبركة ببيت غير مسكون يفتقد مشاكسة سكانه ! وهنا مخاطبة للمقابل بفقدان مؤقت للذاكرة نتج عن نظرة غرّة وأعتراف خفيّ بقلّة التجربة والتي تساقطت كالشهب في شهقة بوح (وأنسى كل أزمنتي) وَتشخص وتخاطب الاخر بنَسْتَدِّر مِن خَرَابِ الذَّاكِرَة، والنجوم الصغيرة، قَالَت اعترافها الأُولَى في نظرة عديمة التجربة، تتساقط في شَهْقَةُ (وأنسى كل أزمنتي...) كأُنْثَى فِي رداء كلمات خريفية في (وأنثر فوقها سرّي...) وهنا "انثر فوقها" بمعنى الدلالة لشاهقات ماتحملة ثمار الأشجار على التراب في رَقْصَةَ الرِّيح و"سري" بمثابة ما فِي جَسَدِ الذاكرة مما "تسبح فيه اشواقي" في جسد كلمات الخَرِيف، وبين النوافذ ", ويلعب عنده طهري" وَهي تحْمِلُ بَيْنَ "دواخلي"و" يلعب عنده طهري" تحمل يَديها الباهتة لـ (وأنسى كل أزمنتي" الأسماء لِتخَبِّئ نُجُوم السَّمَاء دورة الرمز الزمنية، وتأتي الصورة مكتظة ما بين ليل الذاكرة، وصوت من يدندن لتسأل قَمَر وجدها عَنْ وجهته، بباحة بيتها الداخلي من أحساس ومشاعر تسبح منعزلة. وَ (غصن الشعر عريان..) صورة للأَنَا التي تحْمِلُ بَيْنَ يَدَيها أقوال فات أوانها، و حملت أوزارها، وأتمت عمقها بدهشة غير هْشَة تَشُقُّ جَسَدها كصَبِيَّة كما في (فألبس فوقه قهري..) معلنةً عن غربتها بغرفتها-الجسد، والتي غاب عنها الصبح حتى الغروب بـ(مروج غابَ أخضرها) و لمْ يَكْتَفِي بِالغِيَّاب، بل هنا تقرأ " الشهادة لما دندنه الوتر" لِتسْأَل الأُفُق إِذَن"نسخ التواريخ لداخلها"، الألق الشعري يتفتح بقول لاحق باشارة سَفك دم بتمهل ليَنْتَهِي الحُبُّ كَمَا يَبْتَدِئ دَائِمًا بلغة الحيرة المنثورة على كل سفح وعلى كل جناح طائر، بدون مبالاة لخجل الجلنار وانتظاره اليائس، ودون اهتمام للمروج سواء كانت خضراء ام لم تكن، يكفيها ما ترشح عن قرع طبول الألم بمكامن حياتها (وغصن الشعر عريانٌ) هنا أَيْقَنَت به أَخِيرًا من خلال تكرار الحمل الثقيل (فوقها) بِتَقَصُّفِ أَوْرَاقِهَا بسحابة (سري، قهري) مرجة مفروشة، على عتبة خوف، كما في:
وباتّ الزهر كالصخرِ
وقلبي باتَ مُنشغلاً
ويجوز القول هنا أن كلمة (باتّ) أتت بصيغة (قُلتُ) وهذا تشبيه بليغ بأن الزهر الرقيق بفعل الغياب باتّ صلباً كالصخر وهنا فعل زمن يكتوي بظلال ألم شفيف في مكان ما. مع أحساس أموميّ الطابع يتجانس مع حالة قلق ظاهر في (وقلبي باتّ منشغلاً) وكأنه يقتفي أثار خطيئة والمكان يحتضن هنا أسقاط في اليد في (وحارَّ الناسُ في أمري) بنسيان منعوت بخيانة لذاك التنغيم/التذكّر، أخذاً حالة السريان في أعماق كل شىء مع أيحاء بأجابات لأسئلة تتناوب طعن الذاكرة وهي هل ولدت قبل الخريف أم بعده ! أم أن المروج ملوثة بسبب أكفهرار الشجر حين أصبح عارياً. المجاز هنا الشعور بذنب قائم بالفطرة لا يكسره الشوق بـ (فوقه) كجوع الأفواه المعبأة بالشتاء، القلب هنا "...بات منشغلا" وكانه يطرق بتردداته نعش الزهر ويريق سقف بيت الحلم ويجعله (كالصخر) حين يأفل الحلم , ويقرأ عزيمته ورُقيته على الأزهار وعلى روح الشاعرة في أنتظار عودة يوم (طهري) الذي سجنته الأقدار وهنا تحاول منح المغفرة لنفسها بعد أكتشافها للتوّ وجع الامومة المدمّي في داخلها مع أوجاع أخرى تحيل الزهر الى صخر كمقبرة أو حالة من العدم في محاولة لتكميم الواقع المستند على الوهم، وحارَّ الناسُ في أمري.

لقاءنا مع الحلقة 2

نيويورك - 4.01.2015








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الشاعرة عليا، سأظل امشي وأتأمل واصور القصيدة تحية
الغزّالي الجبوري ( 2015 / 2 / 9 - 13:44 )
يفتح النقد غرف الحنجرة و يلج الصوت بوجل خائف، في أنحاءِ قصيدتك، بعض المساءات ناحلة وذابلة، وهلة النقد تتمدد في -المدّ والجزر-، و أخرى تتعلّق بمشجب -بحر الشوق- كسنبلة تسيل من بين لفافة أصابعك... تحترق، و السنونو يقتحم حاجبين البحر مرتين، يحمل قصيدتك لزجا كعسل التين، وحين يرى سماء تنبت في النجوم، تداهم الليل بحروف غامضة. واذ نبتا موجعا ينبثق بقصيدة حب من السماء، يحذر قبلة ذابلة، حين يخنقه الساحل الرملي في كراسة الاطفال ، الزوار يأتون دائما اما بقبلة او قنبلة...وها انا ذا أتبسم بحملي السلاح، حين أمضي أعالج جرحي في احدى ردهاتك في -غيمة عطر-، حتى اشفى، لأظل طليقا بفجاجي، لأمضي ارمي سعادتي بالقول: شكرا لك سيدتي، وادام الشعر في عمرك... وليهلكني الزلزال في قصائدك -الاناناس- من جديد

اخر الافلام

.. حول العالم | لوحات فنية رسمتها جبال الأرز في فيتنام


.. سكرين شوت | صناعة الموسيقى لا تتطلب آلات فقط بل أيضاً إحساس.




.. أول ظهور لفنان العرب محمد عبده بعد إعلان إصابته بالسرطان


.. «جمع ماشية ورحيم ومرادف البؤس».. أسئلة أثارت جدلًا في امتحان




.. تششيع جنازة والدة الفنان كريم عبد العزيز