الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محمّد أبو خضير قبل الكساسبة إسرائيل أوّل الحارقين

محمد بهلول

2015 / 2 / 6
القضية الفلسطينية


محمّد أبو خضير قبل الكساسبة
إسرائيل أوّل الحارقين
محمّد بهلول

جريمة حرق الطيّار الأردني معاذ الكساسبة، جريمة مستنكرة إنسانيّاً، والتصويب عليها بهذا المعنى مطلوب من كلّ دولة وجهة وحتى افراد. الا ان الملفت للإنتباه، أن كلّ الإدانات والإستنكارات لهذه الجريمة البشعة، سرعان ما تخطّت الجانب الإنساني، لتدخل إطار التوظيف السياسي، بدليل أن معظم من أدان هذه الجريمة، لم تلفته، حتى لا نطالبه بما هو اكثر، جريمة أشدّ بشاعة وأكثر وحشيّة، وهي جريمة حرق الطفل محمّد ابو خضير قبل أشهر قليلة، الفارق ان الجريمة الجديدة صوّرت ووزّعت بكثافة على وسائط التواصل الإجتماعي، في حين أن الجريمة القديمة، تمّت تحت ظلام الليل، ولم يوزّع منها الا صورة الجثّة وعلى نطاق ضيّق. الطيّار الكساسبة، ضابط في سلاح الجوّ الأردني واعتقل في ميدان الحرب، في حين أن الطفل أبو خضير اختطف غيلة وحرق ونكّل بجثّته بدم بارد، ولم يستفزّ إلاّ القلائل، من أصحاب الضمير الحيّ والحقّ.
ان ردود الفعل الصاخبة على ادانة جريمة الكساسبة، والباهتة على جريمة الطفل أبو خضير تطرح تساؤلاً مشروعاً، حول الخلفيّة، الإستخدام والتوظيف، انها لعبة المعايير المزدوجة.
ما من شك، ان ازدواجيّة المعايير ليست صفة مكتسبة من الفطرة الإنسانيّة، بل هي نتاج النظام الرأسمالي الذي يقوم على المصلحة الإقتصادية وحريّة السّوق، التي تجعل اصطياد وتدليل الزّبون وسيلة لتحقيق الغاية الربحيّة، فتنتج ثقافة التبدّل والتلوّن والمعايير المزدوجة.
الآلاف قتلوا في العراق وسوريا وغزة، المئات حرقوا ورجموا في الرقّة، خمسة جنود لبنانيّون ذبحوا، محمّد أبو خضير حرق حيّاً، كل ذلك لم يحرّك ساكناً، خارج بيان إدانة خجول من هنا وهناك.
اليوم، في ظلّ الولادة القسريّة للتفاهمات والتسويات الدوليّة والإقليميّة، يتم تهيئة المسرح، الذي يتطلّب إدانة واسعة للتنظيمات الإسلاميّة المتطرّفة، يخرج من كان ملكاً قبل ايام لهذه القوى وراعياً لها، ليدينها ويعلن الحرب الشعواء عليها، وسنشهد في الأيام القليلة القادمة، السلطان التركي والأمير القطري،إضافة إلى سلسلة اصحاب العروش والممالك يدينوا ويرعدوا بأصوات جهوريّة لإعلان الحرب.
شهر العسل بين الدول والأنظمة ورعايتها لهذه القوى شارف على الإنتهاء. فصلاحية الإستخدام أثمرت إتفاقاً إيرانيّاً- أميركيّاً سيفتح الأفاق للتسويات القادمة على المستويات الإقليميّة والمحليّة، سنشهد قليلاً جعجعة المتضرّرين من إسرائيل إلى دول الخليج وتركيّا، لكنها لن تخرج عن إطار التهيئة لإعادة الإنتظام في دائرة شبكة المصالح الأميركيّة.
حوار على مستوى القمة مع طهران، حوار المعارضة والنظام السوري في موسكو، حوار المستقبل وحزب الله في عين التينة، كلها مشاهد مترابطة في مسرحية "الفيلم الأميركي"، علّنا نتعظ نحن الفلسطينيّون من غزة إلى عين الحلوة.
إسرائيل وحدها خارج إطار الإدانة والإستنكار العلنيين، مع أنها مدرسة ارهاب الدولة المنظم، وأول الحارقين.
استنكار حرق الكساسبة، حق وواجب على الجميع، لكن من لم يدن ويستنكر حرق الطفل محمّد ابو خضير، لا يحقّ له استنكار حرق الكساسبة- هذا بالمعنى الوجداني والانساني والعقائدي.
اما التوظيف والاستخدام والمعايير المزدوجة، فهي لغة العصر السائدة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ctمقتل فلسطينيين في قصف جوي إسرائيلي استهدف منزلا وسط رفح


.. المستشفى الميداني الإماراتي في رفح ينظم حملة جديدة للتبرع با




.. تصاعد وتيرة المواجهات بين إسرائيل وحزب الله وسلسلة غارات على


.. أكسيوس: الرئيس الأميركي يحمل -يحيى السنوار- مسؤولية فشل المف




.. الجزيرة ترصد وصول أول قافلة شاحنات إلى الرصيف البحري بشمال ق