الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معتقلي الحركة الشعبية ومعتقلي المؤتمر الوطني ( 4 – 5 )

كور متيوك انيار

2015 / 2 / 7
السياسة والعلاقات الدولية


معتقلي الحركة الشعبية ومعتقلي المؤتمر الوطني ( 4 – 5 )

كور متيوك
قوى المعارضة السياسية السودانية ، مازالت تتذكر ايام الحركة ، وكيف أنها قذفت بالحريات ، وحقوق التعبير الى اعلى القمم ، والكثيرين من المواطنين والنخب استغلوا تلك الحريات وليس هامشها ، لكنهم للاسف عادوا الى ما كانوا اليه منذ سيطرة الانقاذ على السلطة مع غسق الثمانينات من المئوية التاسعة عشر ، ومع شوقهم الجارف لما وفرته عهد الحركة لهم من حريات ، غير أن تلك الحريات لم يجود بها كرم الحركة على الشعب الذي اصبح لسوء طالعهم ، تحت رحمته بجناحيها الدالية والنونية ، لم تعد تلك القوانين التي سمتها الحركة بالمقيدة للحريات كذلك بل تم اعادة تسميتها لتصبح الضامنة للحريات والشعب مذهول من هول الصدمة ، فكيف تحول قوانين مقيدة للحريات الى ضامن لها ! .
و ياللمفارقة التاريخية ... ويا للمفارقة الايدلوجية التي حولت الترابي من متشدد ومفكر اسلامي ، الى ارين الحركة الشعبية ومدرسة السودان الجديد ، والذي يعود تاريخها منذ فجر النضال الافريقي من اجل الحريات بالمهجر ، وحركة عموم افريقيا في 1900م وفي مانشستر 1945م حيث برز كوامي نكروما ، وفي كل من امريكا واللاتينية ، مروراً بحركات التحرر الوطني في القارة الافريقية ، وعند تبوء نكروما الامانة العامة للحركة اخذت الحركة تاخذ منحى قاري بدلاً عن شكلها العالمي الذي كان يضم الافارقة في العالم اينما وجدوا لتنتهي عموم افريقيا في شكلها العالمي ، بقيام منظمة الوحدة الافريقية في 1962م .
لقد كان الحركة الشعبية والسودان الجديد بالنسبة لقرنق ، إمتداد تاريخي لعموم افريقيا ، وامتداداً ايدلوجياً لمدرسة دار السلام في تنزانيا ، وعندما تتدخل تنزانيا للتوسط بين فرقاء الحركة الشعبية فهي تفعل ذلك تقديراً وتخليداً لارث دكتور جون قرنق ودوره الرائد في الحراك الذي انتظم دار السلام وقتها ، والتي خرج من صلبها العديد من القادة وحركات التحرر في القارة الافريقية ، والحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان هي منتوج تلك الثورة الدارسلامية ، لذلك جنوب السودان استقرارها وتطورها تهم تنزانيا ، والسودان الجديد امتداد لثورة الشيخ ديوب الذي اخذ على عاتقه مهمة اعادة كتابة تاريخ افريقيا التي كتب باقلام استعمارية .
حاولوا محاربته والتقليل من منتوجه الفكري حول اصل الحضارة المصرية التي اعادها الى افريقيا والى اثيوبيا وحتى المصريين مازالوا يحاولون الهرب وانكار ارتباطهم التاريخي بالزنجية والافريقانية وهم يفضلون المتوسط ، ولقد حذر فرانز فانون من تداعياته على وحدة القارة الافريقية وتماسكها . وكتابة التاريخ الافريقي باقلام استعمارية هي نفس الاسباب الذي جعل قرنق يعيد قراءة التاريخ ، واعادة كتابته بعد أن اخذ النخب السودانية وعلى راسهم الترابي مهمة طمس ثقافات ومساهمات مجموعات سودانية في تكون الدولة السودانية ودورهم في الحضارة الافريقية ، مع ابراز المكون العروبي على حساب بقية المكونات .
ثورة قرنق نجحت في تعريف السودانيين بحقيقتهم التاريخية واكتشاف تلك التاريخ المقتطع والمنسي ، وهذا ما جعل من قرنق عدواً يستحق السحق والتدمير ، فلم يكن يرفع السلاح فحسب بل كان يحاربهم فكرياً وهذا اكثر ما ارعبهم ، وارعب الترابي . فالشيخ الترابي الذي كتب عنه شيفالغاس الكاتب بصحيفة لوموند الفرنسية والذي اصدر كتاب ( الاسلام ومستقبل العالم ) زاعماً إن الترابي لم يتحصل على الدكتوراة من فرنسا ، وبإن الناس لم يعجبهم إن لايسبق إسم الشيخ الظاهرة الترابي حرف الدال بمقامه الرفيع ، وكان ما ذهب اليه كاتب اللوموند مجرد التباس وليس اكثر .
الحركة الشعبية والسودان الجديد كانوا من اشد اعداء الترابي ومهددان رئيسيان لارثه ، وللدولة الذي اراد هندسته ، ليضع الوسط العربي الاسلامي في القمة ، حتى يتمكن من امتاع نظره من علوه الشاهق ، الى مجموعات هم في نظره اقل انسانية وحضارة ، وبقليل من الانتاج واعادة الانتاج يتم طمس الثقافات والعناصر غير الاسلامية ليكون المحصلة في خاتمتها إنسان سوداني عربي واسلامي جديد ، ومن سوء قدر الشيخ إنه إضطر ليقف في مكان واحد مع اموم الذي هو واحد من اهم وارثي السودان الجديد ؟ .
لم يكن الشيخ يقف في ارين السودان الجديد فقط ، بل كان يجب له إن يعلن للعامة دعمه الكامل له ، وهذا اعتراف والقبول بالهزيمة الايدلوجية واستسلام على مدرسة السودان الجديد بعد إن كان يجوب العواصم العربية والاسلامية من اجل حركة اعتقد إنها تحارب العروبة والاسلام لكن قرنق كان يرد له مستغرباً ومندهشاً كيف لي إن احارب العروبة والاسلام وهم يمثلون واحد من مكونات الدولة السودانية والافريقية ، وهذا ما تحدث عنه فرانز فانون في معذبو الارض حول تقسيم افريقيا مابين بيض وسود ، ومحاولة ترسيخ فكرة علو افريقيا شمال الصحراء عن جنوبه ، وقرب الشمال من حوض البحر الابيض المتوسط والحضارات الاغريقية واللاتينية ، وجمود الجنوب وبدائيته ووحشيته .
وهذا ما حاول الترابي الهروب منه ، وهو ما جعل وصال المهدي تطالب بتغيير اسم السودان التي وفقاً لها تنطوي على تحقير على الشعب العربي ، وهذا ما جعل دكتور كمال عبيد رغم أن السودان لا يعتبر دولة عربية ، وفي السعودية عندما اعلن اسم راعي الغنم الذي اثار ضجة السودانيين لامانته واصالة عروبته الى أن السعوديين عندما اعلنوا اسم راعي الغنم ، لم يقولوا راعي غنم عربي بل قالوا راعي غنم افريقي ، دكتور كمال عبيد بعد أن اعتقد أنهم قد اصبحوا عرباً خلصاً باستقلال جنوب السودان ذهب لتجريد كل من الصومال وجيبوتي وجزر القمر من العروبة وهم ينتمون الى جامعة الدول العربية ، بينما قام عبيد بتصنيف السودان باعتبارها دولة عربية كامل العروبة ، وهذا ما يجعل حسين خوجلي يقول العبيد ديل كملوا ذاتو بالاشارة الى شعب جنوب السودان . لكن حسين خوجلي نسى حديث السفير الايراني لكل من حسن مكي وابراهيم السنوسي عند زيارتهم قال لهم " احبكم ايها السودانيين كما احب الامام علي عبده الذي وقف يزود عنه حتى هلك " ولقد اغضب ذلك السنوسي بشدة اما حسن مكي والذي حذر من خطورة التغيير الديموغرافي للمجموعات الغير عربية ، فتعامل مع الموقف باريحية تامة وكما قال فهو متعود على مثل تلك الاساءت ويقصد انكار عروبتهم ووصفهم احياناً بالعبيد بينما هم يعتبرون انفسهم عرباً .
معتقلي المؤتمر الوطني القي القبض عليهم في البرلمان وطردوا منها ، اما معتقلي الحركة الشعبية فلقد اعتقلوا مرة عندما خرجوا في مظاهرات القوانين المقيدة للحريات والاستفتاء ، واثمرت تلك المظاهرات بالوصول الى وفاق بين الحزبين ، وشدد المؤتمر الوطني على ضرورة تعهد الحركة بعدم إخراج الجماهير مرة اخرى الى الشارع فهم يخافون الشعب ، يخافون ظل الشعب ، يخافون هتافات الشعب ، ودخل معتقلي الحركة الى المعتقلات الحقيقية بعد إن حاولوا اعادة الكرة مرة اخرى لكن اين هذه المرة ومع من ؟ إنها في معقل الحركة ومع الحركة ، حامي الحريات ، وحامي الشعب ، ومحررها ، نصير المهمشين ، وقاهر امبراطورية الديكتاتورية في السودان ، فهنا لاصوت يعلو فوق صوت الحزب ، لاصوت يسمع سوى صوت الحزب ، فما يراه الحزب مناسباً هي الصحيحة دون جدال ، دون نقاش ، لا صوت يعلو فوق صوت القبيلة والقبلية .
نواصل








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد زيارة بوتين للصين.. هل سيتحقق حلم عالم متعدد الأقطاب؟


.. كيربي: لن نؤيد عملية عسكرية إسرائيلية في رفح وما يحدث عمليات




.. طلاب جامعة كامبريدج يرفضون التحدث إلى وزيرة الداخلية البريطا


.. وزيرة بريطانية سابقة تحاول استفزاز الطلبة المتضامنين مع غزة




.. استمرار المظاهرات في جورجيا رفضا لقانون العملاء الأجانب