الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


8 شباط العراق ... ذاكرة سوداء

اسماعيل جاسم

2015 / 2 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


8 شباط العراق ... ذاكرة سوداء
حينما كنتُ صبيا في الصف الرابع الابتدائي كان شقيقي الذي يكبرني بأعوام قلائل كان احد اعضاء الحزب الشيوعي العراقي آنذاك ومن الناشطين ومن الذين اشتركوا في التظاهرات ايام العهد الملكي كما كان يحكي لي فيما بعد وبعد قراءتي لكتاباته ومذكراته ، ولكن ما رأيته في صبيحة 8 شباط الاسود 1963 لا تنسيني اعوامه ولا يمكن مغادرة ذاكرتي لهذا التأريخ ، ففي ليلة 8 شباط ( 14 رمضان ) شعرت أن هناك حركة غير طبيعية من قبل شقيقي في هذه الليلة الليلاء كان الجو ممطرا والارض طينية بحكم موقع بيتنا في صرائف السدة الشرقية فاذا بأحد رفاق الحزب دخل الى بيتنا من بابه الرئيسي المصنوع من بليت برميل نفط كبير فحينما يدخله انسان ما تسمع صريره الملفت للانتباه استيقظت على صوته فوجدت شخصا منزويا بأحد اركان صريفتنا متأبطا خنجر ، الرفيق ذو شوارب كبيرة سوداء لن اتحدث اليه وعندما انفلق فجر 8شباط هرب مسرعا الى جهة مجهولة ، من المعلوم سكان الصرائف جميعهم من عشائر ذات علاقات متينة والواحد منا يعرف الآخر، في تلك الليلة ذهب اخي لمواجهة البعثيين الانقلابيين بمسدس قديم وهم يملكون اسلحة البور سعيد وعند صباح الانقلاب قال لنا ان احد رفاقه قُتلَ ونقلوه الى بيته الواقع في منطقة " الميزرة " المجزرة قاموا بتسليمه الى عائلته وبعدها ذهبتُ معه ومع جمع غفير من الجماهير المدافعة عن الجمهورية ولكن بدون اي سلاح سوى الغضب العارم كان الجيش بدباباته يقف على مقربة منا فأحد المحتشدين معنا جاءته اطلاقة فأردته قتيلا وفيما بعد تفرقنا لأننا لا نستطيع مقاومة دبابات واسلحة ونحن بصدور عارية . ففي نهار الانقلاب ذهب اخي الى مبنى الاذاعة والتلفزيون وبعدها رجع يحمل الالم والحسرة لما حدث ولما حدث من قبل عصابة البعث برفعهم صور الزعيم عبد الكريم على الدبابات فأوهموا المدافعين وعندما اقتربوا اليهم فإذا بهم يرشقوهم بالرصاص فسقط من سقط وتفرق من تفرق وفعلا وقع ما كان نتوقعه ، بدأت حملات المداهمات والاعتقالات والاعدامات ، في اليوم الثاني توجه الحرس القومي الى مداهمة بيتنا من قبل اشخاص نعرفهم ومن بينهم كان ابن خالتنا ، كان في البيت كيس من العتاد الفاسد بيدي القيته في بئر عميق في وسط باحة الدار ولم يعثروا الا على مسدس واحد كان ملقى في البيت وكان لأحد الرفاق فلما سألوا اخي عنه قال لهم هذا لي وعلى اساسه اقتادوه الى التوقيف وحكم لمدة عام بسبب هذا المسدس . لكنه في الحقيقة كان من الناشطين قبل وبعد سقوط الزعيم واعدامه ولا ننسى قيادة الحزب الشيوعي الذين كانوا في طليعة من اعدم وكان الحزب الشيوعي العراقي آنذاك الخاسر الكبير لمركزه ولرفاقه فزجوا في السجون ، هناك برز المجرم صدام حسين وعسكر الانقلاب الاسود وفرضوا الاحكام العرفية ، فقد أوغل البعثيون بالجريمة وذهبوا بعيدا في طمس معالم الثورة الخالدة 14 تموز 1958 . الانقلاب كان بمساندة ودعم القوميين العرب في مصر . اليوم تمتد جذور الاجرام البعثي بعد انهيار نظامهم من قبل القوات الامريكية عام 2003 ومجيء قوى مختلفة اتفقت في لندن وصلاح الدين وتم تشكيل حكومة عراقية بقيادة جي كارنر وبعد ذلك اعقبه الحاكم المدني " بول بريمر " من هنا بدأ الصراع واشتد اواره وتعددت الاحزاب وبرزت فصائل مسلحة انظم اليها كبار الضباط البعثيون الذين فقدوا الامتيازات والانواط والنياشين والوجاهة والمناصب العالية واصبح حزب البعث محظورا ، فأنخرط البعثيون ليضيفوا الى جرائمهم التي ارتكبوها في عام 1963 وفي 1968 على مدى اربعين عاما من الاضطهاد والوحشية فخرجت القاعدة والفصائل المسلحة والنقشبندية واخيرا " دواعش العراق " فكان البعثيون من ابرز قادتها فكان ابو بكر البغدادي احد الضباط الكبار واسمه الحقيقي " ابراهيم البدري " ابو مسلم التركماني " فاضل الحيالي ضابط سابق وهو من تلعفر ، ابو مهند السويداوي " عدنان لطيف السويداوي وهو ضابط سابق أي ان اغلب تنظيم داعش هم من ضباط الجيش السابق ، فعندما فقدوا كما اسلفت مناصبهم وامتيازاتهم انظموا تحت هذا التنظيم الارهابي وهذا يؤكد على ايمانهم بثقافة العنف والدماء والذبح وكلنا شاهد مشاهد قطع الرؤوس وعمليات التعذيب الذي كان يشرف عليها على حسن المجيد " علي كيمياوي " فهم ليسوا قادة بلاد وانما كانوا قادة موت واجرام ، فلو نقرأ ما قام به البعثيون بعد سقوط حزبهم على ايدي القوات الامريكية لوجدنا أن أغلب التنظيمات المسلحة والفصائل المقاومة هم من البعثيين فهم عبارة عن مجاميع تولت العمل الارهابي سواء البعثيون في سوريا والاردن وباقي الدول العربية وغيرها وهم من منتسبي الاجهزة القمعية في النظام ، فقد انظم البعثيون واغلبهم من الضباط والأجهزة الامنية مثل الجيش الاسلامي وجيش محمد وكتائب الفاروق وسرايا حطين وفرسان صدام ، بعض المجاميع تعمل بأمرة عزت الدوري كرمز لها . لم ينقطع عملهم بل مازالوا متواصلين في مواجهة الحكومة المركزية وحكومة الاقليم بدليل انظمامهم الى الدولة الاسلامية في العراق والشام " داعش " بقيادة المجرم ابو بكر البغدادي .فهذا الحزب هو امتداد لـ 8 شباط وحنقه لثورة تموز الخالدة ولقادتها وللحزب الشيوعي العراقي ولكل ماهو مدني وبعد مجيئه للسلطة ثانية عام 1968 في 17 -30 تموز واعدامه لمجموعة من التجار شنقا حتى الموت وفي ذات العام اقتحامه العسكري لأضراب عمال الزيوت النباتية في 5/ 11/ 1968بأستخدام الدبابات بأمرة صلاح عمر العلي وبعدها توالت تصفياته لقيادات حزبية من حزب البعث وغيرها من الاعمال الاجرامية . ففي عام 1980 اعلان الحرب على ايران التي دامت ثمانية اعوام واضرامه الكيمياوي على الشعب الكردي في حلبجة وقتله لسبعة الاف انسان بريء ثم دخوله للكويت عام 1990 وفي عام 1991 الانتفاضة الشعبانية ومقابرها الجماعية . هذا هو بعث العراق وفاشيته ودكتاتوريته التي عانى العراقيون اشد قساوة الظلم والاضطهاد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هجوم خاركيف.. الجيش الروسي يسيطر على 6 بلدات ويأسر 34 عسكريا


.. حضور للعلم الفلسطيني والكوفية في حفل تخرج جامعة أمريكية




.. مراسل الجزيرة يرصد آثار الغارات الإسرائيلية على مناطق وسط قط


.. كتائب القسام تقصف قوات إسرائيلية بقذائف الهاون بمعارك حي الز




.. انفجار ودمار في منطقة الزيتون بمدينة غزة عقب استهداف مبان سك