الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اللاجديد في الانتخابات المصرية

البشير رويني

2005 / 9 / 13
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


لا يبدو غريبا أبدا أن يفوز مبارك للمرة الخامسة او السادسة او الالف في الانتخابات المصرية الاخيرة بل الغريب أن لا يفوز، لأن مبارك مثال الحاكم العربي الذي تذوب خريطة البلاد وشعب البلاد والبلاد،أرض الكنانة الحبيبة، كلها تحت وطأة قدميه.
مبا رك أثبت مع حنكة تجربته الرئاسية أنه من النوع الذي تجري الانهار من تحته بأمره، ومن النوع الذي كان يمتلئ ثقة وغرورا وهو يردد :" ياقوم ان لي ملك مصر وهذه الانهار تجري من تحتي".
لستُ هنا أول من لم يتفاجأ، بل كل من عرف الساحة المصرية والعربية، يعرف ما معنى الانتخابات على الطريقة المصرية والعربية ككل، ويفهم ما تعني انتخابات يكون فيها مبارك الخصم والحكم . وملخص الطريقة لمن لا يعرفها هو أننا نضع الرئيس مكانه في الحكم وندور كالفراش حوله في رقصة الزار ثم نجري الانتخابات لالصاقه في الكرسي وللكذب على انفسنا بمسميات الد يمقراطية، ثم في مرحلة ثالثة نلتفت الى الشعب لنقنعه ببياض صورة الزعيم ونصاعة روحه ورقة قلبه ودماثة اخلاقه.
وفي جميع المراحل نتبجح بفظاعة بقيم الديمقراطية وأساليب التسيير الحضارية التي بلغناها ولم يصلها حتى الاوربيون الذين اخترعوا مفهوم الديمقراطية وجربوه وأثبت الى حد كتابة هذه الاسطر نجاعته.
وأنا هنا متعجب كيف لرئيس مصر الدائم الخالد الذي هو ليس بحاجة الى انتخابات او ديمقراطيةان يقنع نفسه انه الرئيس المحبوب المرغوب المطلوب ، وهو يعرف كما تصرخ الارقام في وجهه ان اكثر من 70%من الـ32مليون ناخب مصري لم يصوتوا اصلا واقتنعوا بالمقاطعة، لأن المقاطعة افضل منه، وانه بعد "نفخ الارقام" كالمعتاد فاز بشئ يشبه 80% والذي معناه انه حسب التقديرات الرسمية (لا الفعلية لاننا نحن العرب لدينا دائما نوعان من التقديرات!) يكون قد فاز بثلثي الاصوات الـمــنتخبة والتي هي لا تتعدى ثلث الشعب المصري!
هذا اذا صدقت الارقام! واحتمال صدقها كما خبرتنا التجارب معدوم هنا.
أشعربمرارة وانا أتحدث هكذا وبهذه البشاعة عن مصر العظيمة التي قتلت فيها مواهب الشعب المصري وصار –يا خجلي يبصبص لقاتليه ! - فيما نحن العرب كلنا لا زلنا ننتظر مصر ونطمع في دورها الرائد.
أنا أتعجب ايضا كيف اقتنع انه بالفعل فاز وهو يعرف ماجرى في الانتخابات التي اشرف عليها وجرت في عهدته الرئاسية التي لم تنقض بعد!!.
مصر التي ابتلعت فرعونها ذات مرة كيف ترضخ لهذا؟
وأنا متعجب كيف يفتح شباكه، ان فتحه، ليرى المسيرات الرافضة المحتجة التي تصرخ باعلى صوتها لا للتزوير : كفاية ..كفاية، ثم يقنع نفسه ان الشعب المصري المقهور يحبه و يموت فيه ويصوت عليه دليل المحبة والاخلاص، وان من قاموا بهاته المسيرات هم شرذمة قليلة من الهمل الرعاع..ولو صوتو بالفعل له لصاروا ابناء مصر الاوفياء، ولكنهم، ما داموا ضده، قلة لا ضمير لهم، وغدا من الممكن ان يتهموا بالخيانة والجريمة العظمى.
تقول التقارير وما هو منشور على الجرائد والانترنت –ولست هنا متـنبئا ولا متحاملا- انه قبل ايام قليلة قام نظامه بالزج في السجون بابرز الوجوه من المعارضة الاسلامية حتى يمكن تمرير مشروعه الانتخابي التزويري(!!).لان المعارضة في العالم العربي وليست في مصر فقط تكون على اشدها ومن غير ملاينة ولا مهادنة اذا جاءت من جهة الاسلاميين.
ولذلك لا تتحرج الانظمة الشمولية الديكتاتوية عندنا باتهام هؤلاء بالعمالة والارهاب والاسراع بالقائهم في السجون في انتظار اختلاق الادلة الكافية على تورطهم.
أنا لست هنا للدفاع عن هؤلاء الاسلاميين لأنهم في مناخ ديمقراطي فعلي تناقـَـش مشاريعهم على قدم المساواة مع مشاريع الاحزاب الاخرى ، لكن الاسلاميين انفسهم عادة ما يخيفون الانظمة لما لهم من رصيد شعبي وراءهم، فالشعوب العربية مؤمنة بفطرتها وبساطتها، تحب دينها وتتعلق بمن يكلمها صدقا به.
وكما ان للمشائخ والعلماء مكانة خاصة عند الناس، فان القادة الاسلاميين عادة مايتم الحاقهم بمصاف العلماء والدعاة مما يستدعي احترامهم وتوقيرهم والانتخاب لهم ان دخلوا انتخابات لما يثبتونه واقعا لا كلاما من حسن السيرة وطيبة السلوك.
لكن الفضيع في الانتخابات المصرية ان كل العالم يصرخ منددا بالتزوير فيماالنظام ماض في تمرير مرشحه وتبييض صورته وترسيخ الديكتاتورية الراسخة لسنوات اخرى من عمر الشعب المصري الطيب.
إن مثل مبارك لا يمكن ان يسمح له بالمشاركة في انتخابات رئاسيةتعددية وهو الذي لم يعرف في حياته التعددية، فهو لا يستطيع ان يقتنع انه منهزم، ولا حتى بالمرتبة الثانية في الترتيب، ولا يمكن حتى ان يكون راعيا على انتخابات رئاسية في بلد يتوق للحرية ويحلم بالتعددية.
ولإظهار الصورة بالمقلوب، اتذكر هنا مثال الرئيس الفرنسي شيراك الذي لم يأت للاليزيه بالتزوير،هذا الرئيس كافح وناضل واستعمل كل نفوذه السياسي لكي تتحول العهدة الرئاسية –في عهد حكمه- من سباعية الى خماسية(تصور !)، أي ان الرئيس الذي يحكم بحسب القانون مدة سبع سنوات سيحكم حسب شيراك لخمس فقط، وبعدها يجب تنظيم انتخابات للنظر في مستقبل الشعب والبلاد، أي ان عهدة سبع طويلة جدا ويجب ان تصير خمسا فقط ! تصور!.
أي حاكم عربي يملك الشجاعة ليدخل في دستور بلاده مثل تلك المادة، ويكافح جهده لحمايتها والدفاع عنها؟ صراحة لا ارى في الامثلة التي امامي واحدا من هؤلاء الزعماء العرب قادرا على مثل هذه المبادرة، لأننا لا نعرف احد ا منهم وصل مكانه عبر الصندوق النزيه للانتخابات.
هكذا هم، وهكذا نحن.
شتان بين رئيس يحبه شعبه ويتعلق به يسعى دائما لتحقيق المزيد من الديمقراطية، وبين حاكم بشع، يحكم بعقلية شيخ القبيلة في الالفية الثالثة..يا خجلي !
شتان بين دولة تؤسس الديمقراطية بتأسيس وخلق مؤسساتها الدستورية والقانونية التي ترعاهاوتحفظها، وأخرى تفهم الديمقراطية كما فهمها رئيسهاوتراها رجالا لا مؤسسات.
لكن الابشع في مصر ان تأتي تلك الابواق لتصف الانتخابات بالديمقراطية والتعددية، وبانها ناجحة، وهي بذلك تضحك على ذقون المصريين وعلى ذقوننا نحن.
لقد نجحت أول انتخابات تعد د ية في مصر، قالها احدهم وهو يحرك ذيله فرحا، فيما كانت المظاهرات تعج في الشوارع منددة بالتزوير، والسجون تنوء بساكنيها، والفقريدق بطون المصريين،والبطالة تسكن حياتهم.
لماذا نجحت هذه الانتخابات ؟ لسبب بسيط حسبه : لانها كانت تحت القيادة الرشيدة لفخامته وبناء ا على توجيهاته! وهكذ دائما هو حاضر.
هكذا نحن في بداية هذا القرن ومطلع هذه الالفية.
ماهذا اللغو؟ حتى ولو كانت رشيدة غاية في الرشد، أليس من العيب والعار ان يبقى في مصر منذ رحيل السادات قبل ربع قرن والى يوم الناس هذا ؟ أم ليس في مصر غيره ؟
أليس من الرشد، لوكانت حقا رشيدة، أن تنسحب بشرف وعزة من الكرسي لتعطي مثقفي مصر وبهدوء فرصة تقييمها وتقييمك تاريخيا وبنزاهة ؟
ماذا سيعطي من جديد للمصريين في عهدته الجديدة، وهم الذين عانوا في كامل حكمه؟
اعتقد ان مشكلة مصر الحبيبة هي في حفنة من هؤلاء الذين يهرفون في كل فرصة وملتقى، ليقولوا أي شئ لا يشبه ما يجب ان يقال.
لكن رأيي ان المعارضة في مصر يجب ان تنظم نفسها اكثر، ولا اقول توحد نفسها، لان حديث الوحدة هو النكتة(البايخة) التي تتردد دائما عند العرب ولا ولن تتحقق. لا نريد الان ان نتوحد تحت قيادة واحدة كما تقول احلامناو خطاباتنا البائدة، نريد ان نتوحد تحت التعددية والتنوع والتبادل، نريد ان نسمع الاخر ونرى الاخر في الحكم. نريد ان نسمع الجميع لنعرف افضلهم فنختاره.
مللنا الراس الواحد والصوت الواحد والحزب الواحد ، كفى يا عرب لقد اثقلتم رؤوسنا بهذا، نريد التنوع والثراء.
وبيننا اشعر بالغثيان وأنا وحدي اتابع اخبارالانتخابات العربية.
أنا اعرف ومتأكد حد اليقين أن مصر لا تعدم الكفاءات ولا تنقصها الاطارات القادرة على التسيير والابداع في القيادة والتي هي افضل من مبارك مليون مرة.
أن مصر المعطاءة لا يعوزها ان تعطي قائدا يقود العرب كلهم وليس مصر فقط، لأن مصر ببساطة وُجدت لتقود العالم العربي.
أقول هذا وأنا لست مصريا، أعتز بمصر وبتاريخها ورجالاتها في كل زمان وفي كل مجال
.
مبارك من النوع الذي يجب ان يبتلعه النيل حتى يقول في آخر زفراته : آمنت بالذي آمن به المصريون الذين يتظاهرون الان في الشوارع
..
ولكني اخشى ان لا يقولها حتى في تلك الغرغرة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القمة العربية تدعو لنشر قوات دولية في -الأراضي الفلسطينية ال


.. محكمة العدل الدولية تستمع لدفوع من جنوب إفريقيا ضد إسرائيل




.. مراسل الجزيرة: غارات إسرائيلية مستمرة تستهدف مناطق عدة في قط


.. ما رؤية الولايات المتحدة الأمريكية لوقف إطلاق النار في قطاع




.. الجيش الاسرائيلي يعلن عن مقتل ضابط برتبة رائد احتياط في غلاف