الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


متى يتم الافراج عن الدستور ..؟!

هادي فريد التكريتي

2005 / 9 / 14
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


منذ أن عدلت الجمعية الوطنية المادة الواحدة والستين الفقرة (و) ، في آخر لحظة من يوم 15 آب ، وتمديد مهلة إقرار المسودة لمدة أسبوع ، لم يتم تجاوز العقبات المختلف عليها ، رغم من أن تمديدا آخر تم ، لمدة ثلاثة أيام ، أخرى لتلافي ما لم يتفق عليه وحتى اللحظة ..
قانون إدارة الدولة ، الذي وضعته إدارة الاحتلال ، كان مدركا للصعوبات التي تعترض سن دستور دائمي للبلاد ، نتيجة للتنوع العرقي والديني والطائفي ، إضافة للمسألة القومية الكوردية ، التي لم ينتهِ حلها بعد ، لذا ، قانون إدارة الدولة ، وضع خيارا لطلب الوقت لاستكمال كتابة الدستور بموجب المادة الواحدة والستين الفقرة (و) التي نصت على " عند الضرورة يجوز لرئيس الجمعية الوطنية وموافقتها بأغلبية أصوات الأعضاء أن تؤكد لمجلس الرآسة ، في مدة أقصاها 1 آب 2005 إن هناك حاجة لوقت إضافي لإكمال كتابة مسودة الدستور ، ويقوم مجلس الرئاسة عندئذ بتمديد المدة لكتابة مسودة الدستور لستة أشهر فقط ، ولا يجوز تمديد هذه المدة مرة أخرى " ونظرا لوضوح النص في هذه الفقرة ، وللحق المقر في طلب التمديد لمدة ستة اشهر ، إلا أن المجلس ، ومن ورائه أركان الحكم ، قد خالفوا منطوق الفقرة وحكمها ، من حيث أن رئيس المجلس لم يتقدم في المدة القصوى ( 1 آب ) لطلب الوقت الإضافي لاستكمال كتابة الدستور ، وهذا من حقه إذا كان الدستور جاهزا لطرحه للناقش ولإقراره داخل المجلس ، وبما أن المسودة لم تقدم في وقتها ، ورئيس المجلس لم يتقدم بطلب لوقت إضافي تحديدا ، في 1 آب ، من مجلس الرآسة ، فهذا يعني أن المسودة جاهزة ولجنة إعداد المسودة قد أكملت عملها ، وهنا يمكن القول أن صلاحية المدة للتمديد التي ضمنتها الفقرة (و) من المادة الواحدة والستين قد انتهت ، والتعديل الذي تم في الدقيقة الأخيرة من يوم 15 آب ، بتمديد المدة لسبعة أيام ، يعتبر غير دستوري ، عملا بأحكام الفقرة (ز) من المادة نفسها ، التي تقول " إذا لم تستكمل الجمعية الوطنية كتابة مسودة الدستور الدائم بحلول الخامس عشر من شهر آب 2005 ولم تطلب المدة المذكورة في المادة 61 ( و) أعلاه عندئذ يطبق نص المادة 61 (هـ )أعلاه ." ! والمادة 61 (هـ ) تنص على مايلي :" إذا رفض الاستفتاء مسودة الدستور الدائم ، تحل الجمعية الوطنية ، وتجري الانتخابات لجمعية وطنية جديدة في موعد أقصاه 15 كانون الأول 2005، إن الجمعية الوطنية والحكومة الانتقالية الجديدتين ستتوليان عندئذ مهامهما في موعد أقصاه 31 كانون أول 2005وستستمران في العمل وفقا لهذا القانون ، إلا أن المواعيد النهائية لصياغة المسودة الجديدة قد تتغير من أجل وضع دستور دائم لمدة لا تتجاوز سنة واحدة ، وسيعهد للجمعية الوطنية الجديدة كتابة مسودة لدستور دائم آخر " .
بغض النظر عن كل التبريرات والتأويلات التي يدفع بها المتجاوزون عن سلامة وشرعية موقفهم من التعديل والتمديد ، فالجمعية الوطنية والحكومة وحتى اللحظة يراوحون مكانهم في عدم القدرة على تجاوز خلافاتهم ، بتشريع مسودة تحظى بموافقة الجميع ، على الرغم من كل الدعاوى التي أطلقها ويطلقها ممثلو القوائم المتحاورة ، من أن القضايا العقدية انتهت والمتبقي هي الصياغة فقط ..! وهذا كله محض هراء ، ولا يدلل على أنهم أهل لمثل هذه المسؤولية في صياغة أهم وثيقة دستورية تنظم علاقات المواطن فيما بينه وبين مؤسسات المجتمع لأجيال عديدة ، وثيقة تشرع لوحدة شعب ووطن ، ليس للظرف الراهن بل لعشرات ومئات السنين ، فالخلافات الجوهرية لازالت هي هي ، ولم تكن عابرة أو تتعلق بالصياغة كما يريد أرباب الحكم أن يوهموا المواطن ، إنما هي تتعلق بوحدة ومصير العراق كوطن وهوية وثروات شعب ، وكل واحد من هذه القضايا يؤسس الخلاف فيها ، إن استعصى حله ، إلى فرقة وصراع لا يعلم أحد نهاية له ، فالضغوط التي مورست على الجمعية الوطنية لقبول المسودة كانت خطأ فاضحا ، قبل أن تنجز ، ودون اتفاق على حلول وسط وقواسم مشتركة ترضي كل الأطراف ، وإجراء رئيس الجمعية الوطنية هذا ، لم يساهم في تقريب وجهات النظر ، بل أدى إلى تعقيد وتطرف في الطرح عند من يدعون تمثيل السنة ، رغم دعاوى المعارضين لهم ، من قائمتي الإئتلاف الشيعية والكوردستانية ، من أنهم قدموا تنازلات تجاوزت خطوطهم الحمراء . هذا الفشل في إقرار المسودة ـ حتى اللحظة ـ وعدم وضعها في الوقت المناسب بين يدي المواطن ليقول رأيه فيها والاستفتاء عليها في منتصف الشهر القادم ، جاء نتيجة لاستعجال تحقيق مكاسب قومية وطائفية على حساب الوطن والمواطن ، سعت إليها وعملت لها كل الأطراف القومية والطائفية التي صادرت القرار الوطني ، وحولته إلى مساومات رخيصة ، للاستحواذ على حقوق الآخرين ، وتحقيق مكاسب شخصية غير مشروعة ، كما هو حاصل في النجف وكربلاء ، والكثير من المدن العراقية ، فالسيد عزيز الحكيم قد استولى على أراض بشكل غير شرعي ، مسجلة باسم أمانة السر لحزب البعث ، والمعروف أن كل عقارات المواطنين المصادرة من قبل النظام السابق سجلت باسم هذه الأمانة ، فلم لم تعاد لأصحابها ؟ أم أن رجال الحكم الحالي أمثال عزيز الحكيم وحاشيته هم الوارثون ؟ ولمن يريد معرفة المزيد من النهب الموثق ، عليه الرجوع إلى موقع (كتابات ) ليوم 28 آب ، فالعراق تسلمته حكومة انتقالية لا تشبع بطنها من أكل السحت والمال الحرام .
أوضاع شاذة تسيطر على القرار العراقي ، سواء ما حصل في الجمعية الوطنية من قبول المسودة قبل إقرارها ، وعدم التقيد والالتزام بما شرعه قانون إدارة الدولة ، والتنكر للمبادئ الوطنية التي تعهد الحكم بها ، والفساد المستشري في الوزارات ، والتجاوزات على المواطنين وحقوقهم ،واستياء الناس من الأداء السيئ للحكم وأجهزته ، وغياب الخدمات الضرورية لحياة المواطن ، كل هذا انعكس سلبا على العلاقة بين الحلفاء في تقاسم السلطة ، وبدأ الصراع الدائر بين أقطاب الحكم يخرج للعلن ، فالسيد رئيس الجمهورية جلال الطالباني يتهم رئيس الوزراء الجعفري بالسعي للهيمنة على الأمانة العامة لمجلس الوزراء ، والهيمنة المنظمة على وسائل الإعلام ، حيث قد وجه رسالة إلى السيد رئيس الوزراء الجعفري ، يحاسبه فيها على تعيينات مهمة كان الجعفري أعلنها " داخل وزارات الدولة من دون الرجوع إلى مجلس الوزراء ورئاسة الجمهورية ، وحتى دون استشارتهما ... فتعيين ليث كبه ، المعروف بمواقفه الشوفينية المعادية للشعب الكوردي ومعارضته للفدرالية وتصريحاته الاستفزازية في أمريكا ضد حقوق الشعب الكردي التي اقرها قانون إدارة الدولة .." كما وأضاف محتجا السيد رئيس الجمهورية على " تحويل نواب رئيس الوزراء إلى وزراء عاطلين عن العمل كالسيد نوري شاويس " وبرهم صالح ، وقد اعتبر الطالباني هذا الاجراء " اعتداء على حقوق ممثلي الشعب الكوردي وعلى التوافق الوطني " وسيطفو على السطح المزيد من هذه الخلافات وستتعمق أكثر فأكثر كلما مر وقت أطول على ممارسات غير شرعية بحق المجتمع من قبل فئات محسوبة على هذه الطائفة او تلك ، طالما لم تتم معالجة هذه المشاكل والصعوبات داخل المناطق العربية والكردية بشكل قانوني سليم ، نتيجة للمحاصصة ، فسكوت رئيس الجمهورية عن التجاوزات الحاصلة في مدن مثل البصرة وكربلاء والنجف وغيرها من المدن العربية باعتبارها تخص قائمة الائتلاف ، والعكس صحيح أيضا كما هو حاصل في مدن كردية ، كل هذا مؤشر غير سليم على ما يعانيه الشعب الذي يتحدثون باسمه ، فالتجاهل للمواطن ومشاكله الأمنية والحياتية والمعاشية يعمق من أزمة الحكم ، ويرسخ المفاهيم الانعزالية لدى الشعب ، ويجذٍر طائفية الحكم وعدم عدالته ، وسعي بعض رموزه لتجزئة الوطن إلى كانتونات ومقاطعات خاضعة لهذه الطائفة أو تلك ، كما هو الآن في الجنوب والوسط ، مما يوفر بيئة ملائمة للنشاطات الإرهابية وحماية لكوادرها وعناصرها الناشطة في مناطق مختلفة من العراق ، وخصوصا المنطقة الغربية ، وهذا مما سيؤثر سلبا على استحقاقات المرحلة القادمة فيما يخص الدستور والاستفتاء عليه ، والتحضير للانتخابات القادمة ، التي تتطلب مناخا أمنيا يشعر فيه المواطن بحرية الحركة والتعبير ، أكثر مما كان عليه الحال في الانتخابات الماضية ، لأنها ستؤسس لجمعية وطنية ولحكومة دائمتين ، إن تم إقرار الدستور المنتظر ، وأفرجت الجمعية عن نسخة متفق عليها دون اكراه أو تعسف ، آنئذ سيقول الشعب كلمته وربما بالموافقة عليه ، وبدون هذا يكون
من الصعب الحديث عن استفتاء ناجح أو عن استقرار يأتينا بجمعية وطنية منتخبة عن حق وحقيق ..!
13 أيلول 2005








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة ..هل يستجيب نتنياهو لدعوة غانتس تحديد رؤية واضحة للحرب و


.. وزارة الدفاع الروسية: الجيش يواصل تقدمه ويسيطر على بلدة ستار




.. -الناس جعانة-.. وسط الدمار وتحت وابل القصف.. فلسطيني يصنع ال


.. لقاء أميركي إيراني غير مباشر لتجنب التصعيد.. فهل يمكن إقناع




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - نحو 40 شهيدا في قصف إسرائيلي على غ