الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


على الحدود المتاخمة ل (جمهورية البرتقال) الشاعر ابراهيم الخياط كان يبتاع حلمه

احسان العسكري

2015 / 2 / 8
الادب والفن


على الحدود المتاخمة لـ (جمهورية البرتقال)
الشاعر ابراهيم الخياط كان يبتاع حلمه
" بين الأسى
واستدارة النهر الذبيح
كانت خطاي
تنبئ بالجفاف
وتقرأ سورة الماء المدمّى
أيامئذ
انتكس القلب مرة
وانتكس النهر مراتٍ
فلم يبق لقلبي سوى ظلَّ أنثى
ولم يبق لنهرنا الشقي
سوى حثالة الأهل المتسربين
ومثل كل مرة
كانت المدينة تسورني بالتماعاتها
وتأمرني بالبكاء "
*انه المجبول دمعاً (ابراهيم الخياط) هذا الشاعر الذي استفاق يوماً من هداة ما فوجد حلمه في الأمل بين استدارة النهر والأسى ,لكنه لم يفزع فإنسان يحمل قلب الخياط ابراهيم لا يعرف الفزع ويؤمن بوردية الاحلام وان ارتدت ثوب الكوابيس جزعاً , اما الجفاف كان التبتل عند ابراهيم الخياط في قصيدته هذه ولم يك الا شاعراً فذاً كما عرفناه متسلحاً بجمال روحه متسوراً بالتماع الشغف لخفايا مدينته القديمة في عينيه وكأن بريقها الآيل الى البكاء يناديه بابتسامة الحبيبة الغائبة التي تختفي متراجعة الى الخلف كطيف سرمدي بين ما يصفهم (حثالة) الاهل المتسربين نحو خطواته الجامحة للقاء الأمل البرتقالي مجانباً شقاء النهر مستظلاً بأنثى احلامه ولم تسقطه انتكاسات النهر وانثناءات القلب فكان كلما وجد نفسه في عزاءها المضني قابلها بتلاوة سورة الماء المدمي فايقض فيها بريق العودة لذاتها مبتلةً بما تبقى من امطار جفنيه شيء من القداح وقليل من الرازقي يتالقان فوق بقايا مقبرة الصفصاف على جانبي النهر .
انه ابراهيم الخياط ذلك الشاعر الذي يذكرني دائما بالسوق وعشق السوق فكلما رأيته او سمعتُ اسمه او قرات له شيئاً ابتسم وأتذكر حينما اهداني مجموعته الموسومة (جمهورية البرتقال ) اتذكر تذكره لي رغم غيابي المبرر عن حضور جلسة توقيع دستور هذه الجمهورية بإهداءه الموسوم (مالي شغل بالسوگ مريت اشوفك – ولكني لم اجدك) انه الـ :
" ـ المجبول دمعاً ـ
إذن كيف أوهمونا ان للمدن ذاكرة ؟
يا مدينة الباعة الصغار
أخافُ على زجاجة روحي
أربعون صيفا
ولم تهشمها دورة المعاركِ
ولا غزو خائنات العيون
لأن روحي ماء النار
يا مدينة الحصار
جفّ القلبُ
جف النهر
فما عاد القلب كبيراً
ولا عاد النهر عظيما
والذي كانت تزفه النوارس
دهراَ
هجرته الآن حتى الضفادع "
*وانا اقلب اوراق دستوره العطر تختالني انتقال عجيب عبر الآلاف من السنين وكأني في عصر موسى النبي وكأني اتنقل في اسواق مصر متعجباً مما حل بقومه الذين لايصبرون على طعام فاستحقوا غضب السماء ثم اعود فأقول ان اهلنا صبروا كثيراً وصبرنا صبراً جميلاً فلمَ يُفرض علينا كل هذا العناء ؟ حتى تكاد النورس تغرق في ذكرى النهر الذي لم يعد آمنا حتى للضفادع !
ذاكرة المدن الغائرة في شعر ابراهيم الخياط مثقلة بكثير من الضياء وهذا الثقل ليس وليد صدفة ولا جليس غرابة إنه حياة متكاملة رُسمت بأنامل المغيبين عنها المالكين اسوار المدن الغالقين بواباتها بوجه العشاق فالـ عشق ــشاق حتى على الظالم فكيف اذا تربع على عرش قلب الشاعر وكيف اذا كان الشاعر في الأساس مدينة سياحية للعشق ؟ قعاً سيتملك الخوف نفسه التواقة للري وسيشرب نخباً من زجاجة الذكرى (ذكرى الحنين للجذر) فما يبقِ النخلة شامخة هو قوة تشبثها بالارض وما منح البرتقال ذوقه هو عشق جذوره للارض وابراهيم الخياط نخلة عراقية سامقة ثبتتها في الارض جذور البرتقال فارتفع بعيداً عن حجارة الصغار الباحثين عن ثمرة الشباب واقترب حد الالتصاق بالمولعين بعطر الـ (ميليا) التي يعشقها شعبه الذي ما انفك يعاني من حروب الطاق وغزوات الذات ,يقتربون منه رغم حزنه الثاقب المتوهج ورغم نزل ماء النار من روحه المكتضة بالحنين لأيام خلت حيث كان كل شيء عظيماً, النهر ’الشجر والطير جميعهم اودعوا العظمة لدى ابراهيم الخياط شعراً وانصرفوا وتركوه : كطفلٍ باغت النجم منامه .
" فمثل القلب إقفر
ومثل البعض خان الأسرار
يا بلدة الغار
أكتوي وجداً
وأنثر على النهر حبات قلبي
فللخائبين ظمأ واحد
وشاطئ واحد
يغسله حزن الأشجار
يا بقية الدار "
*وفي بقايا الدار كان حلمه يتقافز فرحاً تارة وتألما تارة فهو المجبول وجعاً بين الطفولة الآفلة التاركة بقاياها في مخيلة شعره وبين خيانة لا تغتفر لماضين اسرفوا بالجزع فما عادت جمهوريتهم تكترث حتى لرجوعهم بسفينة الاشتياق لذا نجد الشعر هنا مكتوياً بالوجد والغزارة فان شاعرنا هنا رسم شارعاً طويلاً موغلاً في القدم وجلس على مقربة من حديث الحنين يراقب تقاطر حبات النهر على شرفات الشواطئ الحالمة بالرجوع اليه غير آبه الا بالشوق لا يجد الظمأ سبيلاً الا للرغبة الجامحة في البقاء والعزلة القاتلة التي تسحبه بعيداً عن الشاطئ وكأن الاشجار الحزينة التي طالما غسلت ذنوب العاشقين على شفتي النهر تحن هي الاخرى لبقايا الذكرى داخل اسوار البيت القديم ,
ان الشاعر ابراهيم الخياط بإنسانيته المعهودة وابتسامته المضيئة يدخر بين طيات قلبه عالماً من الحزن البعيد القادم من اقصى الشرق فهو الحامل الذي ما انفك يراود جزعه من الايام العجاف الممتدة عبر اول شعرة بيضاء زينت جبهته وكأنها اذنت لأن يدخل عام الشباب الرحب بقليل من الرجاء وكثيرٍ من الصبر ومزيج من الانا الشاعرة والمشاعر الصادقة لتتكون قضية في الشعر والجمال والحنين اللامنقطع لأيام الحكم في تلك الجمهورية الحالمة . لأنه ببساطة ينشدُ عدلاً لا يعدلُ ثأراً ويصنع روحاً و لايزهقُ حلماً وان بقايا الدار بعشقه اقرب لنفسه من قصور الغربة بداخله








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أدونيس: الابداع يوحد البشر والقدماء كانوا أكثر حداثة • فرانس


.. صباح العربية | بينها اللغة العربية.. رواتب خيالية لمتقني هذه




.. أغاني اليوم بموسيقى الزمن الجميل.. -صباح العربية- يلتقي فرقة


.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى




.. الفنانة ميار الببلاوي تنهار خلال بث مباشر بعد اتهامات داعية