الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حي ّ ُ الفراعنة

حميد كشكولي
(Hamid Kashkoli)

2005 / 9 / 14
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


هذا الحيّ لا يقع في مصر ، ولم يقم قبل آلاف السنين ، بله يقع في السليمانية ، وفي هذا العصر ، عصر العولمة و النظام الأمريكي الجديد. حي الفراعنة اسم يطلقه أهالي تلك المدينة المناضلة والشريفة على القطاع السكني الذي يحتكره كوادر الإتحاد الوطني الكُردستاني و كتّابه ووعاظه و صحفيوه مملكةً تتميز عن بقية أحياء المدينة برقيها و عصريتها و تنورها ووفرة خدماتها . لقد اقتطع هؤلاء "الأشاوس" المضحّين " بالغالي والنفيس" في سبيل الشعب ، اقتطعوا هذا الجزء من عاصمة البابانيين ليقيموا عليه قصورهم وقلاعهم و فراديسهم ، وهم يمنّون على الجماهير المظلومة بقيادة " ثورة الشعب" و المضي قدما في طريق التضحية والفداء لتحقيق آمال وأماني وأهداف الشعب الكُردي القومية و تحرير " جميع أجزاء كُردستان" من المحتلين .
و هذا الحي ليس سوى ما يظهر للعيان من جبل الجليد في البحر، وإلا سيكون أسياده من المغدورين والمحرومين. لأن ما يحولونه إلى البنوك الخارجية يزيد أضعاف مضاعفة عما هو مرئيّ ومكشوف .
فحركة الكوردايتي لم تأت ِ للشعب الكُردي سوى الخيبات التي آخرها كان الإقرار بكون الشعب الكوردي جزء من الأمة العربية ، و التساوم مع القوى الظلامية و فشل تثبيت حق المصير لكردستان.
كلامي يجري عن هذا الحي ّ الرهيب من أحياء السليمانية و لا يغيب عن بالي غرماؤهم في الإقطاعية الأخرى ، لأن مغتصبيه يعتبرون امتلاكهم له حقا من حقوقهم المشروعة ، ومن مستحقات " كل من جاب نقش عوافي" ، و التي لا تحتمل التساؤل من قبيل كيف و " من أين لك ؟ " ولا يرقى اليها الشك في شرعيتها . فهذه الحقوق يعتبرونها " ثمرة" نضالهم أيام كانوا في الجبال ، والناس كلهم يعرفون أن كثيرين منهم كانوا من مرتزقة البعث ، من المشاركين في جرائم النظام البعثي بحق الشعب الكردي و عموم الشعب العراقي و يمكن مراجعة أرشيف جريدة "هاوكاري" و "جةماوةر" للتأكد من أسماء القياديين و الكوادر الذين كانوا يعملون في خدمة نظام صدام و اليوم باقون في مناصبهم و رصيدهم المالي و المعنوي في تصاعد دائم . كل مبنى في هذه الاقطاعية يتكون من عدة طوابق ، وتتوفر فيه كل مستلزمات الراحة من حدائق و مسابح و غيرها. و الأخطر أنه يحظى بحماية محكمة ، وإن المشاة الذين يمرون بالقرب من تلك المنطقة مرصودون .
فمنذ 14 عاما يتنعم قياديو وكوادر الحزبين الحاكمين في كوردستان بعد اقتسامها بينهم ، بخيراتها و امكانياتها و يستغلون شعبها أشد استغلال تحت شعارات الفدرالية و إعادة كركوك " قدس كوردستان" و " قلب كوردستان" . و المرء بعد لحظة تأمل يتساؤل ، ماذا يفيد المعدم و الفقير إن التقى جلال طالباني بجورج بوش أو الملك عبد الله الثاني ؟ أو إن استقبلت السيدة الأولى لأمريكا السيدة الأولى للعراق ؟؟؟!!!
إن وسائل الاعلام للسلطات في كوردستان تجلد المواطنين باستمرار بتضليلهم و تخديرهم بتصعيد الخطاب القومي ، وإقامة الحفلات الصاخبة و المبتذلة في المدن الأوروبية ، و الإشادة بصداقة بأمريكا وبوش ، والتبشير بقرب توحيد ألإدارتين .
الولار ! وما أدراك ما الدولار .. بالدولارات التي سطوا عليها من ممتلكات الدولة ، وواردات الجمارك ، و الضرائب و الخراج ، وعقد الصفقات مع رؤوس النظام البعثي السابق و قطع الطريق ونهب البنية التحتية العراقية بعد سقوط النظام البعثي ، وقبله أيضا من ممتلكات الدولة مثل المركبات والمعامل و الأسلحة الثقيلة و مكائن المشاريع الخدمية و المدنية و من ثم بيعها إلى إيران ، و تقديم الخدمات لأمريكا والأنظمة الأقليمية ، بما فيها النظام البعثي المقبور، أنشا الحزبان وسائل الإعلام التضليلية ، وارتشوا الكتاب والصحفيين المرتزقة . ففي أحدى الأقضية فور دخول مسلحي أوك اليها ، قام أحد قيادييهم بهدم كل المعسكرات القائمة في أطراف المدينة ، والقلاع العسكرية و تفكيكهها و باع كل موادها من طابوق و بيبان و شبابيك وحديد ها و و .. إلى إيران بثمن بخس وتحت شعار" إزالة آثار البعث" ، بينما كان تلك المعسكرات المحتوية على مئات الغرف و الباحات و الساحات تفيد لسكن مئات العوائل و القضاء على أزمة السكن في المدينة.
فالجزية ، مثلما كتب أحد الكتاب في موقع
Dengekan.com
لم تعد تطبق فقط على أهل الكتاب ، بل شرعوا لها لكي تطبق على المسلمين أيضا.
وحقا ، لقد عاد عصر الجواري ، فكل فرعون من هؤلاء الفراعنة يبذل في ليلة حمراء واحدة من الدولار أو اليورو ما يساوي رواتب أستاذ جامعي لمدة سنة . و المصيبة إن أكثر هؤلاء المسؤولين أميون ، مبتذلون ، ضيقو الأفق إلى حد كبير. فما أشبه اليوم بالبارحة !
بالأمس كان هناك فيلق الثقافة والاعلام البعثي ، واليوم هذا الفيلق يستمر بأسماء أخرى .
هكذا ، إذن ، فالثراء بالمادة والسحت الحرام عند هؤلاء يتناسب طرديا مع فقرهم وافلاسهم في القيم و المبادئ الإنسانية.
و المصيبة ، كلما تشاهد الأخبار في فضائيتي الحزبين الحاكمين تنقلان لك أخبار منجزات الحزب والثورة ، من تبليط شوارع و ندوات ثقافية ، واستتباب الأمن والأمان . فالشوارع و الطرق لا تبلط إلا لكي تسير عليها سيارات الفراعنة الفارهة . و قبل فترة اكتشف أناس في أربيل سيدتين كادتا تموتان من الجوع ، إذ لم يكن لهما ما تتناولان لمدة شهر. و السيدتان كانتا تسكنان علة بعد عدة مئان من الأمتار من مبنى الحكومة.

وللمزيد من المعلومات ، يمكن الإطلاع على مواقع :
www.dengekan.com
www.kurdistanpost.com
http://www.wpiraq.net/arabic/index.htm








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا.. انطلاق الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية في ظل


.. الانتخابات الفرنسية كيف تجرى.. وماذا سيحدث؟| #الظهيرة




.. استهدفهم الاحتلال بعد الإفراج عنهم.. انتشال جثامين 3 أسرى فل


.. حرب غزة.. ارتفاع عدد الشهداء منذ الفجر إلى 19




.. إطلاق 20 صاروخا من جنوب لبنان باتجاه الجليل الأدنى