الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المصطلحات لا تخلق واقعا ..

قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا

2015 / 2 / 8
القضية الفلسطينية



كتب الزميل حاتم الجوهري مقالا بعنوان " المسألة: يهود فلسطين وليس عرب إسرائيل" ، تطرق فيه إلى تناقض في المصطلحات المُستعملة في القاموس السياسي اليومي ، عربيا وعالميا . فهو يرى بأن الأولى بالبحث والتسمية الإصطلاحية ، هو"يهود فلسطين " بدلا من يهود إسرائيل ، للدلالة على فلسطين الأصل والبقاء السرمدي في مواجهة "عرب إسرائيل " الذي هو تعريف إصطلاحي يحوي في ثناياه إعتراف بكيان سياسي دخيل وغير أصيل ، بحيث يصبح مصطلح "عرب إسرائيل ، مصطلحا وُلِدَ هجينا .وهكذا يقول ، ويحمل تناقضا داخليا (فالعرب واليهود يتبعون فلسطين ) : " ليس لنا فيما يسمى "إسرائيل" عربا، إنما هناك فى فلسطين "يهودا"، إذا أراد "يهود فلسطين" العودة لمرحلة ما قبل القرن العشرين، إذا أرادوا التخلى عن مشروع الصهيونية والعودة لأوضاع القرن التاسع عشر، عندما كانت فلسطين تجمع العرب المسلمين واليهود والمسيحيين، فيا أهلا بهم، شريحة وسط ضفيرة الأمة والحضارة العربية! شريحة لا تعتبر انتصار "الثورة العربية" الكبرى هزيمة لها، شريحة لا تتعاون مع الاستبداد العربى وأبنيته لتكبح مقدرات الأمة العربية، وتروج لأشباه "داعش" لتكره الناس فى الثورة.. "
وبداية على التوضيح إلى حقيقة كوني من هؤلاء الذين يُعرّفون في المصطلح ألسياسي ب"عرب إسرائيل " ، أي بمعنى أخر من الفلسطينيين الذين تشبّثوا وتمسّكوا بوطنهم . لكن أنا ، إبن للاجئين في وطنهم أيضا ، فقد تم تهجير قريتنا أيدي عرب ، وهي قريبة منّا جغرافيا وشعوريا ، لكننا لا نستطيع أن نعود إلى بييوت أبائنا وأجدادنا ، مثلنا مثل مئات ألاف اللاجئين في وطنهم..!!
بالمُختصر ، لستُ من المتصهينين ولا من القومجيين أيضا . بل أنا فلسطيني الإنتماء القومي وإسرائيلي المواطنة ، انتخب للبرلمان الإسرائيلي وأحمل جواز السفر الإسرائيلي أيضا ( ولا أرى في ذلك اي تناقض ) ، فأنا أعيش في وطني ، حيث عاش أبائي وأجدادي .
أما ، مُطالبة اليهود في فلسطين بالتخلي عن المشروع الصهيوني ،فلربما كانت هذه المُطالبة منطقية نوعا ما ، قبل قيام دولة إسرائيل ، بهدف الإنضواء تحت "خيمة " الدولة الواحدة ، فلسطين التعددية والليبرالية . لكن فات الميعاد ....كثيرا .
وهذا المطلب(التخلي عن الصهيونية ) سمعناه سابقا من أخوة لنا ، يطلبونه من بعض الكتاب والباحثين الإسرائيليين الذين يهاجمون سياسات إسرائيل تجاه الفلسطينيين وخصوصا في الأراضي المحتلة . مُنطلقين من فرضية بأن اليهودي الذي يهاجم سياسات إسرائيل ويعترف بنكبة الشعب الفلسطيني ، عليه ، ولكي يُثبت صدق طروحاته ، أن يتخلى عن صهيونيته أو عن إسرائيليته ..!!
وعلى سبيل المثال ، نستذكر الباحث الشهير تيدي كاتس ، الذي قام ببحث رصين عن المذبحة التي تعرض لها سكان قرية الطنطورة الساحلية في عام 1948 . ولم يجد كاتس حرجا في إطلاق مصطلح "تصفية عرقية" على ممارسات الجنود اليهود من لواء الكسندروني ، في سنة 1948 ، في الطنطورة ، بل وذكر بأن عملية التطهير العرقي قد طالت 62 قرية من قرى الساحل الفلسطيني والتي بلغ عددها 64 قرية حينذاك . لم تتبقَ سوى قريتين .
وسارع بعض الفلسطينيين مطالبين تيدي كاتس بمُغادرة إسرائيل إذا كانت نواياه صادقة !! لكنني لم افهم حينها ولا أفهم الأن ، ما هو الهدف من مُطالبة اليهود الذين يساندون ويدعمون النضال الفلسطيني ضد الإحتلال بالتنازل عن مواطنتهم الإسرائيلية . هل تهدف هذه المطالبة إلى تفريغ إسرائيل من كل قوى السلام اليهودية ؟!!وإبقائها لليمين العنصري ..
في الحقيقة لا أعرف أين هو تيدي كاتس هذه الأيام ، لكن مُطالبة اليسار الإسرائيلي بالتخلي عن صهيونيته ، هي مطالبة غير واقعية ولا تخدم القضية الفلسطينية كثيرا .
وفي هذه الأيام تحديدا وقُبيل الإنتخابات الإسرائيلية ، يُهاجم اليمين الإسرائيلي اليسارَ الإسرائيلي مُتهما إياه بأنه أقل صهيونية ووطنية ..!! لكن الحقيقة بأن "الصهيونية " أصبحت سلاحا في أيدي اليمين لمهاجمة اليسار ، مع أن هناك ، خلاف حاد ، بين تيارات سياسية متعددة حول تعريف الصهيونية . فاليمين يرى الصهيونية في إستمرار الإحتلال ومصادرة الأراضي الفلسطينية ، بينما يعتقد اليسار بأن الصهيونية هي في كل ما هو من مصلحة إسرائيل .. وإذا كان إنهاء الإحتلال من مصلحة إسرائيل ، فإن إنهاء الإحتلال هو صهيونية ايضا !!
وهكذا نجد بأن العنصري الفاشي(باروخ مارزل ) من اتباع كهانا يدعي بأنه صهيوني ، وكذا زهافا غلؤون زعيمة حزب ميرتس اليساري تقول بأنها صهيونية . ولا يجوز الخلط بينهما على الإطلاق ..
وبما أنه من المستبعد راهنا أن يتخلى اليهود في (فلسطين ، إسرائيل ) عن صهيونيتهم ،فإن ما يقترحه الزميل يبقى في إطار الأماني التي لا تخلق واقعا ، أوهو مجرد ، مصطلحات لا تعبر عن واقع موضوعي .
إن من مصلحة الشعب الفلسطيني أن يتمكن اليسار الإسرائيلي من أمثال ميرتس والقوى التي على اليسار من ميرتس (الأحزاب العربية ) وبعض القوى في المجتمع المدني مثل يوجد حد ، ونساء في السواد ، ومحسوم ووتش وغيرها ، أن تحصل هذه القوى على شعبية في الشارع اليهودي وتحصل على تمثيل كبير في البرلمان (الكنيست ) بحيث يكون بإستطاعتها فرض حل الدولتين في حدود الرابع من حزيران للعام 1967 .
والتحالف بين الرجعية العربية مع إسرائيل ليس بجديد ، ولن يزول ما دامت المصالح المشتركة تتقاطع .
"إذا اعتبر "يهود فلسطين" أنفسهم سكانا لفلسطين العربية وتخلوا عن وجودهم السياسى الصهيونى كامتداد للمشروع الغربى (تحت أى شكل أمبريالى أو ماركسى او ليبرالى) فيا أهلا بهم، لكن الصهاينة ومن شايعهم يعتبرون أنه لا وجود لما يسمى المشروع "الحضارى العربى" الكامن، أو فلنكن أكثر وضوحا: يعتبرون انه ليس هناك وجود للمشروع "الحضارى المصرى الكامن" كقلب لمنطقة الشرق فى دوراتها الحضارية المتعددة..".
وبما أن التخلي عن الوجود السياسي ليس أمرا واردا في الحسبان ، وبما أن المشروع الحضاري العربي الكامن (أو البوتنتشيالي )، هو حلم وردي ، لن يبقى للفلسطينيين إلا حل الدولتين ..!! قبل فوات الأوان ، وهناك من بين اليهود ومن بين الفلسطينيين، مَنْ يعتقد بأن حل الدولتين هو مجرد حلم ايضا ..!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طارق متري: هذه هي قصة القرار 1701 بشأن لبنان • فرانس 24


.. حزب المحافظين في المملكة المتحدة يختار زعيما جديدا: هل يكون




.. الرئيس الفرنسي يدعو إلى وقف الأسلحة نحو إسرائيل ويأسف لخيارا


.. ماكرون يؤيد وقف توريد السلاح لإسرائيل.. ونتنياهو يرد -عار عل




.. باسكال مونان : نتنياهو يستفيد من الفترة الضبابية في الولايات