الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وباء الجنرالات يستشري من جديد في ليبيا.

محمد عبعوب

2015 / 2 / 8
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


"لا يمكن لغيره ان يحل أزمة البلاد ويعيد لها الاستقرار"..
" الجنرال هو الوحيد القادر على تخليص البلاد من أزمتها"..
" هذا الشعب لا يفهم إلا لغة القوة، والديمقراطية لا تصلح له "
هذه الاحكام المطلقة التي يتداولها طيف واسع من مجتمعنا في شرق البلاد وغربها، تعكس حالتهم المرضية وقناعتهم التي لا تقبل الجدل بأن إعادة ليبيا الى حكم العسكر هو السبيل الوحيد لاستعادة الاستقرار والامن!! وكأنك يا بوزيد ما غزيت، كما يقول المثل العربي..
حالة الانغلاق وانسداد الأفق التي تسيطر على طيف واسع من المجتمع وتدفعهم اليوم للسعي للارتماء باختيارهم من جديد في أحضان حكم العسكر، هي في الواقع نتاج مباشر لتمكن وباء حكم العسكر والجنرالات في وعي الناس الذين استطابوا الحياة الدودية وآثروا الكسل والتخلي عن دورهم في بناء الدولة وتصحيح مسارات حكمها وتطوير مؤسسات إدارتها.
هذه العبارات يرددها اشخاص من مختلف الأعمار والتخصصات بينهم أطباء ومثقفون وكتاب وطلبة وسائقي سيارات أجرة وتجار ووووالخ من طبقات هذا المجتمع، وذلك خلال السجالات اليومية حول وضع البلاد والانفلات الأمني وصراع المليشيات التي تجري في كل مكان من البلاد حاصدة أرواح مئات الشباب.. وهي بالمجمل تعكس حالة إحباط خطيرة قد تدفعنا فعلا للعودة الى ظلام الشمولية سواء العسكرية او المدثرة برداء الدين المزور.
وهذه الحالة تعد نتاج متوقع وطبيعي لمشروع تدمير كل شكل من اشكال الدولة ظل يمارسها النظام السابق على مدى اربعة عقود ، إذ أن خروج الليبيين ضد القذافي يوم 17 فبراير 2011م والشهور التي تلت ذلك اليوم، لم يكن مؤسسا على أفكار ورؤية للمستقبل، بل كان مجرد هبة أو انتفاضة ضد حالة من الفوضى وغياب الدولة في مظاهرها الانسانية البناءة، وكان لهؤلاء المنتفضين ما ارادوا بفضل تضحياتهم وتدخل دولي كان حلف الناتو راس الحربة فيه، وتم تفكيك ذلك النظام، لكن أحدا من المنتفضين وعلى كل المستويات لم يستطع وضع خطة لإعادة البناء وإقامة مؤسسات دولة حقيقية.
وامام هكذا واقع جديد أنكفأ الليبيون نحو مكوناتهم الصغيرة القبلية والعرقية والجهوية، وتركوا ليبيا نهباً لأطماع المتغولين والقوى الأجنبية والاقليمية التي لا تخفي أطماعها في البلاد، وتسعى لقبض ثمن ما دفعته من مال واسلحة دمار خلال فترة الانتفاضة. وهكذا وبمرور الشهور والسنوات كانت البلاد تدفع بتناغم تام بين قوى قبلية وعرقية وجهوية محلية وبين قوى دولية واقليمية نحو هاوية الحرب الأهلية التي نعيش فصولها المرعبة هذه الأيام.
وأمام هذا النتاج المدمر لمستقبل أبنائهم، لم يفكر الليبيون في حل جذري حقيقي لأزمتهم يرسي دعائم الدولة الحقيقية المنشودة، لكنهم سرعان ما شحذوا ذاكرتهم المثقوبة ، فلم يجدوا إلا صورة العقيد القذافي يمكن ان تنقذهم من عبثهم وطغيان أنائهم المتغولة، ولكن اين هذا المنقذ اليوم؟ الم يذبحوه بأيديهم وهم يكبرون معتقدين أن بقتله ستحل كل مشاكل ليبيا! وأمام هذا الواقع المرعب الذي يحصد كل صباح أرواح أبنائهم نراهم يرفعون صور جنرال جيش هنا او عقيد هناك باعتباره حبل النجاة الوحيد لهم من الاندثار، متناسين أن فاشية العسكر التي سطت على سلطة مدنية قائمة صبيحة اول سبتمبر من عام 1969م بقوة السلاح، هي التي أوصلتهم الى ما هم فيه اليوم من رعب، وأن أي جنرال يتمكن اليوم من التسلل الى سدة حكم البلاد برداء سلام وأمن مزور، لن يكون أفضل من معمر القذافي مهما أوتي من قدرات ونضافة يد، بل سيعيدنا الى مربع اسوأ بكثير من الذي كنا فيه..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فراس ورند.. اختبار المعلومات عن علاقتهما، فمن يكسب؟ ????


.. 22 شهيدا في قصف حي سكني بمخيط مستشفى كمال عدوان بمخيم جباليا




.. كلية الآداب بجامعة كولومبيا تصوت على سحب الثقة من نعمت شفيق


.. قميص زوكربيرغ يدعو لتدمير قرطاج ويغضب التونسيين




.. -حنعمرها ولو بعد سنين-.. رسالة صمود من شاب فلسطيني بين ركام