الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من حرق الكساسبة ؟

حيدر ناشي آل دبس

2015 / 2 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


بعد ان نشر تنظيم داعش الارهابي تصوير فديو لحادثة حرق الطيار الاردني ( معاذ الكساسبة) استنكر الكثير لطريقة وبشاعة القتل وبصورة لاتمت للانسانية بصلة ‘ والكثير ممن استنكر هذه الحادثة اخذت الحيرة تدب في اوصاله من حيث وصول القدرة البشرية لهذه المرحلة من القسوة والاجرام ‘ واخرون قارنوا بين ما يحدث في العراق وسوريا على يد هذا التنظيم وبين الحادثة المذكورة اعلاه وتسائلوا لماذا ردة الفعل التي تكاد تصبح عالمية ان لم يكن اصبحت كذلك على هذا الفعل بقتل شخص واحد بينما السكوت المطبق من قبلهم عن الالآف الذين يلقون حتفهم يومياً وبأساليب وطرق مختلفة غاية في البشاعة ‘ والكثير ايضاً شككوا في مصداقية الفديو واعتبروه مفبرك ولديهم معطياتهم الخاصة التي استندوا عليها ‘اذ استغربوا من دقة التصوير والاخراج السينمائي له بالاضافة الى الحركات التي قام بها الشخص المعني وبُعد الكاميرا عن وجهه مما دعاهم الى التشكيك في صحته ‘ويضيف المشككون ايضاً ان هذه اول حالة حرق لداعش منذ سيطرتهم على مناطق من سوريا والعراق ويحيلوننا بذلك عبر تكهناتهم الى محرقة ( الهولوكوست) التي قام بها النازيون ضد اليهود اذ بان الحرب العالمية الثانية ‘وخصوصاً ان الفترة الحالية شهدت الانتعاش لهذه الافكار في اوربا والعديد من دول العالم ‘واخذ المتبنين لها تنظيم انفسهم من جديد وقيامهم بنشاطات مختلفة تتراوح بين العنف والترويج الفكري ‘ويرون اصحاب هذا الرأي ان الدين الاسلامي يرفض طريقة الحرق وانها لم تكن من ضمن تعاليمه التي نصت عليها سننه .
لكل هذه الاراﺀ-;- والطروحات جوانب من الصحة واخرى من الخطأ ‘فالقتل العمد ودون اي مبرر سوى الاختلاف في الاراﺀ-;- والمعتقدات جريمة لايمكن القبول بها اينما كانت وفي اي رقعة في الارض ‘ وللذين استغربوا السكوت عن جرائم داعش في المناطق التي سيطروا عليها من قبل المجتمع الدولي واستنكارهم بشدة لحادثة الطيار لهم الحق ايضاً في دهشتهم ‘ اذ يجب الوقوف ضد التصرفات الهمجية التي تقوم بها وحوش الغاب على البشرية جمعاﺀ-;- وعدم التفرج على ما يحصل من قتل وتعذيب وتهجير وهدم لمنجز حضاري عمره الآف السنين والعمل على الرقي بحياة الانسان وكينوته وذلك على حساب المصالح والاستراتيجيات المرسومة سلفاً ‘لذا يجب ان تكون هنالك وقفة جادة ومواقف حازمة لانهاﺀ-;- هذا الجنون لان من يرعاهم الان سوف ينقلبون عليه اجلاً والتجارب كثر .
وكذلك لاصحابنا المشككين وجهة نظر جديرة بالوقوف عندها والتمحيص فيها خصوصاً بعد توسع رقعة الفكر النازي ونشاطاتهم بهذه المرحلة من تاريخنا المعاصر ‘لكن اختلف معهم في ادعاﺀ-;-هم ان الاسلام بعيد عن هذه الممارسة فلو عدنا الى التاريخ الاسلامي نجد الكثير من حالات الحرق تم القيام بها من قبل قادة وسياسيون متسنمون للسلطة ويذكر الباحث (هادي العلوي) في كتابه (من تاريخ التعذيب في الاسلام ) العديد من الحالات التي حدثت ‘ففي الحكم الراشدي قام (خالد بن الوليد) بحرق المرتدين بعد وفاة الرسول محمد ودافع عن تصرفه الخليفة (ابو بكر) بسبب اعتراض العديد من الصحابة على ذلك ‘وايضاً في الحكم الاموي امر (خالد القسري) حاكم العراق بحرق (المغيرة بن سعيد العجلي) احد الثائرين على الدولة الاموية ‘وفي فترة الحكم العباسي تطورت هذه الممارسة ليقوموا بحرق المعارض على نار هادئة بعد ان يربط على خشبة ومن تحته النار كما يحصل في عملية شواﺀ-;- الحيوانات وحدث ذلك مع (محمد بن الحسن) احد قادة الزنج وبأمر من الخليفة (المعتضد العباسي) ‘كثيرة هي الحالات التي ذكرها التاريخ الاسلامي وقد لا يتسع المجال لسردها ‘ فما يهمنا الان كيفية الخروج من هذه الازمة والحد من هكذا تسلكات تهدد الوجود البشري .
قد ناقشت في ماسبق الاحتمالات المطروحة للنقاش من قبل الكثيرين من المتابعين للسياسة الدولية وما افرزته من تحولات في هذا الجانب او ذاك او في تلك الدولة او الاخرى ‘ والكل سعى الى تحليل وتفكيك الظواهر التي القت بضلالها علينا ‘ على الرغم من تبني تنظيم داعش لحادثة الطيار الاردني الا ان الكثير من المشككين وجد ان من جند تنظيم داعش هم انفسهم من اعاد الروح للفكر النازي من اجل زعزعة الاستقرار وخلق النزاعات والسيطرة على مواقع الثروة ‘ بعد هذا السرد المختصر نرى ان كل الاحتمالات مفتوحة ولا زالت اللعبة مستمرة برعاية من سعى الى مصلحته الذاتية على حساب مصالح الامم الاخرى والمستقبل غائمة ملامحه فلا يمكن استشرافه وفق المعطيات المتاحة ‘ لذا يجب على الجميع ان يرفض ويستنكر ويساهم بصدق من اجل القضاﺀ-;- على هذه الظواهر واجبار من يحاول التمادي العودة الى مكانه الحقيقي ولا يتجاوز على مقدرات الشعوب او يستهين بحياتهم ‘ عسى ان نصل الى مرحلة التعايش السلمي وفق المبادئ الانسانية المنصوص عليها في كل الشرائع الالهية والوضعية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل - حماس: أبرز نقاط الخلاف التي تحول دون التوصل لاتفاق


.. فرنسا: لا هواتف قبل سن الـ11 ولا أجهزة ذكية قبل الـ13.. ما ر




.. مقترح فرنسي لإيجاد تسوية بين إسرائيل ولبنان لتهدئة التوتر


.. بلينكن اقترح على إسرائيل «حلولاً أفضل» لتجنب هجوم رفح.. ما ا




.. تصاعد مخاوف سكان قطاع غزة من عملية اجتياح رفح قبل أي هدنة