الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الايرانيون يتقدمون والخليجيون يتفرجون: بعد العراق وسوريا ولبنان، طهران تفرض ارادتها في اليمن

سامان نوح

2015 / 2 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


لاعبان يحددان مناطق النفوذ والباقون سيكتفون باصدار البيانات واطلاق التهديدات
ايران تواصل خططها التوسعية بنجاح، بفرض ارادتها وسياستها في اليمن، عقب فرض اراداتها في سوريا ولبنان والعراق بما فيه اقليم كردستان، وضمها لمناطق نفوذها، لتصبح قريبة من السيطرة على أهم ممرين لمرور النفط في العالم.
التقدم الايراني الأخير، الذي تمثل باقامة نظام سياسي جديد في اليمن يقوده الحوثيون الشيعة، يمنح قادة طهران مساحة اكبر لحصار أمراء دول الخليج العربي الذين مازالوا يتفرجون بلا حول ولا قوة وهم يرون عدوهم يقف على مشارف صحرائهم التي تضم حقول النفط العملاقة، دون ان يرهق أحدهم نفسه في التفكير باحتمالية وجود خطوة تالية للتمدد الايراني: ربما تكون في الساحل الشرقي؟.
مع ذلك التقدم الايراني الكبير ومع تمدد تنظيم داعش ووصوله الى المرحلة التي بات يشكل فيها خطرا على دول الخليج وليس على مركز العالم الشيعي ولا على الدكتاتور حليف الخليجيين السابق بشار الأسد، مازال قادة الخليج غير قادرين على استيعاب ما يحدث ووضع برنامج للتحرك امام "التغلغل الصفوي" في المنطقة، فالبرنامج الوحيد الذي يعرفونه منذ ثلاث عقود هو تمويل الحركات الجهادية السنية والسلفية التكفيرية علها تقف في وجه الزحف الفارسي.
عجز دول الخليج رغم ما تملكه من اموال لم تترجم الى قوة ونفوذ، ربما هو الذي جعل من مدير مكتب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، يصفها في تسجيل مسرب بأنها "أنصاف دول"، فيما قال السيسي نفسه ان "الفلوس عندهم مثل الرز" وان أرصدة الأمراء هناك "تفوق ميزانيات دولهم"، متحدثا الى زملائه في القيادة المصرية بضرورة ارغام السعودية والامارات والكويت على دفع 30 مليار دولار ووضعها في حساب الجيش المصري... لم يوضح التسريب ماذا ستفعل مصر اذا لم يدفع أمراء "أنصاف الدول" تلك الأموال المطلوبة للقادة العسكريين الذين عادوا للحكم.
لكن حتى مصر، التي كانت الى زمن قريب تقود العالم العربي، والتي كشفت حوارات قادتها المسربة الشكل الذي تنظر فيه الى دول الخليج العاجزة، تغيب بدورها عن المشهد الاقليمي، وهي غارقة في مشاكلها الامنية والسياسية والاقتصادية التي معها تعجز ليس عن وضع استراتيجيات لمنافسة ايران بل حتى عن تأمين نظامها من "خطر الاخوان" المدعومين من تركيا وهو امر سيستمر ربما بضعة سنوات أخرى.
يحدث ذلك والأمراء الخليجيون الحكماء العظماء النجباء أدامهم الله، لا يعرفون بديلا لخطط مواجهة "الغول الايراني" غير ارسال مزيد من الانتحاريين للعراق وسوريا وتمويل مزيد من الحركات الارهابية بالمال والسلاح وانشاء مزيد من المحطات التلفزيونية الطائفية، فضلا عن محاولة تلهية شعوبهم ببناء أعلى الابراج وناطحات السحاب وأكبر الفنادق والمولات واقامة أضخم المهرجانات وتنظيم اقوى المنافسات الرياضية ومنح رواتب اضافية، لتأجيل انفجار البراكين الاجتماعية والسياسية وحتى الأمنية التي تهدد بلدانهم.
النفوذ الايراني يتقدم في المنطقة، بفضل قراءاتها العميقة للوقائع واستراتيجياتها السياسية والامنية النافذة وتحركاتها المسبقة والمتمثلة بالفعل وليس رد الفعل. والتي مكنتها من كسب حلفاء داخل الحلقات السنية كما في المجتمع الدولي الذي تتفاوض معه على برنامجها النووي وعلى نفوذها في العراق وسوريا واليمن ولبنان من موقف القوة.
ونفوذ دول الخليج يتراجع، على وقع الفساد الاداري والفشل السياسي والعجز الأمني و"وهم القوة" وضعف القيادات الوراثية، فضلا عن القراءات المتأخرة، والاعتماد الدائم تحت اغراء المال والنفط على مساعدات الحلفاء التي قد تأتي أو لا تأتي... لكن المال السياسي وحده لايكفي دائما.
وسط ذلك المشهد، هناك لاعب مهم آخر، يقوده رئيس قوي هو اردوغان العثماني يخطط بصمت لبدء معارك جديدة بعد ان خسر جولات من معركة بسط نفوذه في سوريا ومصر وليبيا.. اللاعب التركي لن يسكت وسيحاول مجددا فرض وجوده ومعادلاته مع حقيقة استمرار قوته الاقتصادية ونفوذه في العالم السني وقدرته على استخدام ورقة المنظمات الثورية والجهادية وورقة داعش.
اللاعبون الآخرون، وفق المشهد الحالي غير المكتمل الأركان، سيكتفون باصدار البيانات واطلاق التصريحات النارية والتهديدات والأمل بفرصة تاريخية استثنائية وبظروف مستجدة تحقق تطلعاتهم، لكن رسم خرائط النفوذ وتوزيع الأدوار لن يخرج عن ايدي اللاعبين المتمرسين (ايران وتركيا) الى جانب امريكا وروسيا التي تشعلان الشرق الأوسط بل وحتى الشرق الأوربي بالأزمات وتبيعان الأسلحة هذه الأيام أكثر من اي وقت مضى.
*********
تذكير: الوحش الداعشي الذي صنعته ربما مخابرات دول كبرى، وغذاه اموال شعوب الخليج وفتاوى شيوخ الخليج، استفادت منه ايران اكثر من اي دولة أخرى، فهي جعلت شعوب المنطقة (العراق، اليمن، سوريا، لبنان...) أمام خيارين لا ثالث لهما: اما قبول حكم داعش بوحشيته أو حكم أنصار ايران بسلبياته.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خبراء عسكريون أميركيون: ضغوط واشنطن ضد هجوم إسرائيلي واسع بر


.. غزة رمز العزة.. وقفات ليلية تضامنا مع غزة في فاس بالمغرب




.. مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة مدنية شمال غرب مدينة رفح جنوب ق


.. مدير مكتب الجزيرة في فلسطين يرصد تطورات المعارك في قطاع غزة




.. بايدن يصف ترمب بـ -الخاسر-